عاجل

ترمب: إسرائيل في ورطة كبيرة وما فعلته من أجلها أكثر مما يمكن أن يفعله أي رئيس آخر

logo
أخبار

هل تحولت الجمعيات الخيرية إلى واجهة لتنظيمات متشددة في تونس؟

هل تحولت الجمعيات الخيرية إلى واجهة لتنظيمات متشددة في تونس؟
27 يونيو 2022، 12:00 م

أعاد توقيف رئيس الحكومة التونسي الأسبق والقيادي السابق في حركة "النهضة" حمادي الجبالي على خلفية شبهات حول نشاط جمعية يديرها، إلى الواجهة ملف الجمعيات الخيرية في تونس وضلوعها في تمويل أنشطة متطرفة.

وألقت السلطات التونسية القبض على الجبالي على خلفية شبهات تورطه في عمليات غسيل أموال تتعلق بجمعية "نماء" التي يترأسها؛ ما أثار الجدل من جديد حول تورّط عدد من الجمعيات في تمويل الإرهاب.

"إرم نيوز" فتحت ملف الجمعيات الخيرية "المشبوهة" في تونس والتي تحوم كثير من الشكوك حول مصادر تمويلها ومجالات صرف تلك التمويلات، وفق مراقبين.

ومنذ سنة 2011 ظهرت عدة جمعيات تنشط تحت غطاء خيري أو ثقافي أو اجتماعي، ولكن تبيّن لاحقا علاقتها بدعم الإرهاب ودورها في غسيل الأموال؛ ما دفع عديد الأصوات سواء من الناشطين في المجتمع المدني أو السياسيين أو نقابيين أمنيين ونواب بالبرلمان إلى المطالبة بضرورة التدقيق في أنشطة عدد كبير من الجمعيات التي تعتبر مشبوهة، وتمويلها وارتباطها بتنفيذ مخططات وأجندات تمس من استقرار تونس وأمنها.

"250 جمعية من الجمعيات ذات المخاطر العالية"

وكانت لجنة التحاليل المالية التابعة للبنك المركزي التونسي أعلنت عن إحالة ملفات تتعلق بـ 36 جمعية على القضاء بشبهة فساد مالي وغسيل الأموال وتمويل الإرهاب، مشيرة أن قيمة الأموال موضوع الشبهة قدّرت بحوالي 50 مليون دينار (نحو 18 مليون دولار).

وكشفت لجنة التحاليل المالية ارتباط هذه الجمعيات المشبوهة بعدد من الأحزاب السياسية الناشطة في تونس، والتي شارك بعضها في الانتخابات وتولّى الحكم خلال السنوات السابقة، في إشارة ضمنية خصوصا إلى حركة "النهضة" الإسلامية.

وانكشفت علاقة عدد من الأحزاب التي كان بعضها على سدة الحكم وتتحكم في مفاصل الدولة بالجمعيات المشبوهة من خلال عمليات تحويل مبالغ مالية هامة من العملة الأجنبية لحساب عدد من الجمعيات، تم التصرّف فيها من قبل هذه الأحزاب.

كما أفادت ذات اللجنة أن حوالي 250 جمعية ناشطة في تونس تصنّف في خانة الجمعيات ذات المخاطر العالية وذلك في علاقة بتمويل الإرهاب، وأكدت لجنة التحاليل المالية أن من بين 24 ألف جمعية ناشطة في البلاد، هناك نحو 250 جمعية "تصنف كجمعيات ذات مخاطر عالية في علاقة بتمويل الإرهاب".

جمعيات "احتالت" على الدولة

وعلّق معز الدبابي، رئيس الرابطة الوطنية للأمن والمواطن أن ملف الجمعيات المشبوهة ظهر منذ ثورة يناير / كانون الثاني 2011، مشيرا إلى ارتباطه بمخططات عدد من الأحزاب والتنظيمات التي سعت للتحايل على الدولة في إطار القانون المنظِّم للعمل الجمعياتي بحسب المرسوم عدد 88.

وأوضح الدبابي، قي تصريحات خاصة لـ"إرم نيوز"، أن بعض الأشخاص تورطوا في التعامل مع بعض الخلايا الإرهابية أو "اللوبيات" التي حظيت بحاضنة سياسية منذ سنة 2011؛ حيث وجدت الغطاء السياسي لأعمالها الخارجة عن القانون.

وأشار الدبابي إلى أن بعض الأحزاب استغلت قانون الجمعيات للحصول على تمويلات أجنبية لدعم أنشطتها المشبوهة تحت مسمى القيام بأعمال خيرية، أو جمع التبرّعات، أو القيام بمشاريع وهمية كمقاومة الفقر والفكر المتشدّد.

وأكد الدبابي أن "التحقيقات أثبتت تورّط عدد من الجمعيات مع أطراف تعلّقت بها شبهات إرهاب وتورطت في عمليات تسفير عدد من الشباب إلى بؤر التوتر".

وأشار إلى أن "النقابات الأمنية طالبت في مناسبات عديدة بمراقبة نشاط الجمعيات التي يمثل أغلبها الصندوق الأسود للإرهاب في تونس؛ حيث تبيّن أن من بين الأبواب التي تعتمدها الجماعات الإرهابية في تونس تحويل الأموال لعناصرها عن طريق الجمعيات".

وبحسب الدبابي، لم يفتح هذا الملف سابقا لغياب الإرادة السياسية، إلا أن عديد المعطيات على المستوى السياسي تغيرت، وهناك اليوم إرادة سياسية للكشف عن هذه الجمعيات المشبوهة والتحقيق في مصادر أموالها على غرار جمعية "نماء تونس" التي يعتبر القيادي السابق في حركة "النهضة" ورئيس الحكومة الأسبق حمادي الجبالي أحد مؤسسيها، إلى جانب قيادات أخرى من نفس الحركة، وهي بداية يمكن أن تكشف عن أخطبوط لهذه الجمعيات المشبوهة، بحسب تعبيره.

"جمعية نماء تونس".. بداية الغيث

وخلال ندوة صحفية لوزارة الداخلية التونسية، الجمعة الماضي، أكدت الناطقة باسم الوزارة فضيلة الخليفي، وجود شبهة عمليات مالية مريبة لناشطين صلب جمعية "نماء تونس" التي يعتبر الجبالي من أبرز مؤسسيها، وأشارت إلى أنه تم رصد تدفقات مالية هامة على حساب الجمعية لا تتماشى ونشاطها المصرح به.

وفي السياق ذاته كشف مصدر من هيئة الدفاع عن السياسيين التونسيين محمد البراهمي وشكري بلعيد لـ"إرم نيوز"، أن الهيئة رفعت قضية ضد الجناح السري لحركة النهضة وقيادتها وأن التحقيقات شملت جمعية "نماء تونس".

وأضاف ذات المصدر أن معطيات توصلت إليها هيئة الدفاع تثبت أن الجمعية المذكورة هي الممول الرئيسي للجناح السري لحركة "النهضة"، المسؤول عن عمليات الاغتيال في تونس، في 2013 و2014.

وبين ذات المصدر أن الجمعية تتحصل على تمويلات خارجية تحت غطاء العمل الاجتماعي، في حين أنها المسؤولة عن الجناح المالي للجناح السري لحركة النهضة، ويتم عن طريقها عمليات تبييض الأموال.

"جمعيات خيرية" مموّلة للإرهابيين

النقابي الأمني عصام الدردوري الذي يعتبر من أشرس الأصوات التي نادت بضرورة فتح ملف الجمعيات وكشف ارتباطها بعمليات تسفير الشباب إلى بؤر التوتر، أكد في تصريحات خاصة لـ "إرم نيوز" أن الفترة الممتدة من سنة 2011 إلى سنة 2013 هي من أكثر الفترات التي شهدت حالة من التسيّب والفوضى تقف وراءها الجمعيات التي كانت تنشط على مرأى ومسمع الجميع باسم العمل الخيري، في حين أنها تمثل الوجه الحقيقي للإرهاب، وفق وصفه.

وقال الدردوري إن الجمعيات ذات الصبغة الدينية أو الخيرية برزت مع وصول حركة "النهضة" الإسلامية للسلطة وتحكمها في الكتابة العامة للحكومة (المسؤولة عن ملف الجمعيات)، مضيفا أنها أحسنت استغلال الثغرات التي تشوب المرسوم عدد 88 المنظّم للجمعيات، وفق رأيه.

وأوضح الدردوري أنّ "هذه الجمعيات تم استغلالها كغطاء لضخ مبالغ مالية كبيرة جدا وظفت لدعم الجماعات الإرهابية ماديا ولوجيستيا"، وكشف عن ارتباط هذه الجمعيات بالمجموعات المتشددة التي كانت تتحصن بالجبال والتي كانت تتمتع بدعم مادي كبير.

وأوضح القيادي الأمني أن "هناك مبالغ مالية كبيرة كانت ترصد لفائدة الخلايا الإرهابية، وثبت أنها كانت تصل إلى عناصر الخلايا عبر الجمعيات ولا تتم عبر تحويلات، وهو ما بينته عمليات التحقيق مع العناصر الإرهابية النشطة صلب جمعيات خيرية أو على علاقة بأنشطتها.

ووفق عصام دردوري، فإن دعم الجمعيات للعناصر الإرهابية كان يبرز من خلال التكفل المادي بعائلات هذه العناصر التي تم القضاء عليها أو تم القبض عليها وسجنها، فضلا عن الأموال التي يتم توظيفها في استقطاب المقاتلين إلى بؤر التوتر وبعث مشاريع لفائدة العناصر المتشددة، حيث اكتفت السلطات بتجميد نشاط تلك الجمعيات دون محاسبتها قضائيا وتتبّع المورّطين.

وتابع الدردوري أن "هناك أحزابا استثمرت في الإرهاب عن طريق الجمعيات التي ثبت ارتباطها بحركة "النهضة" والمطلوب من رئاسة الحكومة حاليا إحالة ملفات الجمعيات التي تم حلها على أنظار القضاء وتحديد المسؤولية الجزائية التي ستنفض الغبار عن شبكات التسفير ومصادر تمويل عدد من المحامين الذين اختصوا في الدفاع عن الإرهابيين مقابل حصولهم على أموال طائلة مجهولة المصدر"، وفق قوله.

ويعتبر ملف الجمعية "نماء تونس" وإمكانية وجود علاقة بينها وبين قضية شركة "أنستالينغو" (المتهمة بالتجسس وتهديد الأمن القومي للبلاد) بداية الكشف عن شبكة كبيرة لغسيل الأموال وتمويل الإرهاب قد تكشف تورط محامين وسياسيين وشخصيات هامة.

وأكد مصدر قضائي لـ"إرم نيوز"، أنه سيتم الاستماع لشخصيات هامة أخرى وقع استدعاؤها من قبل النيابة العامة بمحكمة سوسة (المدينة الساحلية) في قضية هذه الشركة التي شملت التحقيقات بشأنها 27 شخصا، منهم من هو في حالة فرار من أجل غسيل الأموال وارتكاب أمر موحش ضد رئيس الدولة.

نفي و توضيح

وفي المقابل أكد مصدر من جمعية "نماء تونس" أن كل ما تم تداوله من أخبار عن تورط الجمعية في تمويل جهات متشددة لا أساس له من الصحة، وأن الجمعية قدمت إلى السلطات المختصة كل قوائمها المالية منذ تأسيسها إلى الآن.

وأكد المصدر الذي رفض الكشف عن هويته أن كل حسابات الجمعية مضبوطة وفق ما هو معمول به في القانون التونسي، وأن الجمعية تبقى مع ذلك على ذمة القضاء في كل ما يطلبه من توضيحات أو تحقيقات بشأن ما أثير حولها.

واعتبر المصدر أن الجمعية تتعرض للتشويه والتشهير وتصفية الحسابات السياسية، وأنها سترفع دعوى قضائية ضد كل من انخرط في ما أسماه حملات التشويه الزج بها في المعارك الشخصية.

ومن جانبه أكد نائب المفوض السامي لجمعية "الهلال الأخضر" بتونس معز شريف أن العمل الجمعياتي هو بالأساس عمل إنساني، وأسمى من أن يدخل في باب الأنشطة المخالفة للقانون، وفق تعبيره.

وقال شريف في تصريحات لـ "إرم نيوز"، إن جمعيته ترفض استغلال العمل الخيري في عمليات تبييض أموال أو الانخراط في أنشطة غير مشروعة قانونا، لكنه أشار إلى ضعف الجانب القانوني (المرسوم 88 المنظم لعمل الجمعيات) وضعف رقابة الدولة.

ودعا شريف إلى ضرورة تغيير هذا المرسوم وتكثيف الرقابة من قبل سلطة الإشراف، والقيام بالإجراءات اللازمة والتدقيق بخصوص الهيئة المديرة قبل إعطاء التصاريح للجمعيات؛ حتى تتفادى الدولة إمكانية انحراف هذه الجمعيات عن أهدافها، واستغلالها في تبيض الاموال، ودعم الأنشطة المشبوهة، وفق تعبيره.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC