المستشار الألماني الجديد ميرتس: روسيا ارتكبت "جريمة حرب خطيرة" بغاراتها على أوكرانيا
رغم استمرار الغارات الأمريكية التي تستهدف مواقع الحوثيين السرّية، يحرص سكان العاصمة اليمنية صنعاء على التمسك بعاداتهم وتقاليدهم العيدية المميزة، رغم ما خلّفته الانفجارات العنيفة من أثر في نفوسهم.
وعلى بعد أقل من 200 متر من موقع استهدفته المقاتلات الأمريكية، الجمعة الماضية، اجتمعت عائلة الشاب "عبدالرحمن" في منزل جدّه بشارع "القيادة"، الواقع في الأطراف الشمالية الغربية لمدينة صنعاء القديمة، وسط أجواء يخيّم عليها القلق والحذر.
ويقول عبدالرحمن إن الأعياد الدينية تمثل أجمل مناسبة يترقبها أفراد العائلة، نظرا لقيمتها المعنوية في تعزيز التماسك الأسري. يلتقي خلالها الأقارب ساعات طويلة، يتناولون الوجبات معا، ويستمتعون بمضغ القات في مجلس واحد يتبادلون فيه النقاشات حتى المساء، قبل العودة إلى منازلهم.
لكنه يشير إلى أن الهجوم الأخير الذي استهدف مبنى "القيادة والأركان" العسكري، دفع عددا من أقاربه إلى اختصار زيارتهم والمغادرة باكرا خشية تجدّد الضربات، سواء في هذه المنطقة أو في أي مكان آخر.
منذ انطلاق العمليات العسكرية الأمريكية ضد ميليشيا الحوثيين قبل أكثر من أسبوعين، تركزت بعض الغارات على مبانٍ تستخدمها الجماعة كمقرّات قيادة وسيطرة، أو أماكن سرّية لعقد الاجتماعات، وسط الأحياء السكنية في عدة محافظات، وعلى رأسها العاصمة صنعاء؛ ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى في صفوف المدنيين.
وبحسب رئيس مركز أبعاد للدراسات والبحوث، عبدالسلام محمد، فقد لجأ العديد من القادة الحوثيين إلى الاحتماء في مواقع حساسة، قائلًا: "بعضهم لجأ إلى مستشفيات ومدارس وحدائق الأطفال، والبعض الآخر إلى القلاع والحصون الأثرية، والأخطر أنهم احتموا في مبانٍ أثرية ضمن قائمة اليونسكو، مثل صنعاء القديمة".
وأضاف عبدالسلام، في تدوينة على منصة إكس، أن الحوثيين يسعون من خلال هذه التكتيكات إلى "وقف استهدافهم، باعتبار أن قصف هذه المناطق قد يثير جدلا في الإعلام الغربي، لكنني أستبعد أن ترامب مهتم بالرأي العام أو بحقوق الإنسان".
وتسببت الغارات العنيفة التي شهدتها صنعاء، مساء الأحد، في حالة من الهلع والذعر بين الأطفال والأسر التي لجأت إلى المتنزهات والحدائق العامة للترويح عن نفسها خلال إجازة العيد. كما حذّر خبراء من ارتفاع أعداد المصابين بالصدمات النفسية بين الأجيال اليمنية.
وتشير تقارير منظمة الأمم المتحدة للطفولة يونيسف إلى أن 8.1 مليون طفل يمني يحتاجون إلى دعم نفسي واجتماعي بسبب تأثيرات الحرب المستمرة.
ولا تقتصر منغصات العيد في اليمن على المخاطر الأمنية فحسب؛ إذ أدت الأوضاع الاقتصادية والمعيشية المتدهورة إلى حرمان الكثير من الأسر اليمنية الاحتفال بالعيد، فبالكاد تستطيع هذه العائلات توفير قوت يومها، بعدما تخلّت عن الكثير من متطلبات الحياة الضرورية، ناهيك عن عدم قدرتها على شراء مستلزمات العيد أو حتى تأمين حاجيات شهر رمضان.
في العاصمة المؤقتة عدن، اضطرت "أم ميرا" إلى احتجاز بناتها الثلاث داخل المنزل، حتى لا يشعرن بالحرمان عند رؤية صديقاتهن وأطفال الحي وهم يرتدون ملابس جديدة.
تقول الأم إن راتب زوجها المتوفى، الذي كان موظفا حكوميا، لم يعد يكفي حتى لسداد إيجار المنزل، بينما تنشغل يوميا في البحث عن طرق لتوفير الاحتياجات الغذائية الأساسية لأطفالها، وسط انهيار العملة الوطنية وارتفاع الأسعار بشكل جنوني.
وفي هذا السياق، قال المنسق العام للجنة العليا للإغاثة، الدكتور جمال بلفقيه، إن متوسط إنفاق الأسرة اليمنية الواحدة ارتفع مؤخرا إلى أكثر من 240 دولارا شهريا، موزعة بين الغذاء والصحة والتعليم، بينما لا يتجاوز متوسط دخل الموظف 40 دولارا شهريا.
وأكد بلفقيه لـ"إرم نيوز"، أن الوضع الإنساني في اليمن "خطير للغاية، ومرشح للتفاقم هذا العام، خاصة بعد تراجع تمويل برامج مساعدات الأمم المتحدة، وتحول الاهتمامات الدولية إلى صراعات أخرى، إضافة إلى توقف الدعم الأمريكي عقب تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية".
ووفقا للتقارير الأممية، يعتمد قرابة 20 مليون يمني على المساعدات الإنسانية للبقاء على قيد الحياة، في حين يعاني 17 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي؛ ما يجعلهم غير قادرين على تلبية احتياجاتهم الأساسية.