شهدت ساحة الأمويين، مساء الجمعة، تجمعًا ضخمًا استجابة لدعوة وجهها فريق "قيامة سوريا"، للاحتفال بما وصفوه بـ"تحرير دمشق" وسوريا من نظام الرئيس السابق بشار الأسد، الذي أُعلن سقوطه في الثامن من كانون الأول/ديسمبر الجاري، وفراره إلى روسيا.
وفي يوم أمس، احتضنت الساحة ذاتها حشدًا كبيرًا دعا إليه "تجمع الشباب المدني" عبر وسائل التواصل الاجتماعي، واستقطب عددًا كبيرًا من الشباب الذين نادوا بالدولة المدنية والمساواة بين السوريين.
وتأتي هذه التظاهرات في وقت تنتظر فيه البلاد انعقاد مؤتمر وطني شامل لمناقشة قضايا الوطن وشكل الدولة المستقبلية، مع تداول الحديث عن تشكيل لجان مختصة بصياغة دستور جديد قبل طرحه للاستفتاء الشعبي.
ويبدو أن الاحتكام إلى الشارع بات وسيلة ضغط واستعراض قوة للتيارات السياسية الناشئة. ويؤكد مراقبون أن حشد الجمعة جاء ردًا على حشد "تجمع الشباب المدني" والشعارات التي رفعها.
في المقابل، تعرض تجمع الشباب المدني لانتقادات حادة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث اتهمه البعض بالانتماء للنظام السابق، كما أُنشئت صفحات متخصصة في رصد منشورات الناشطين الجدد والكشف عن تبدل مواقفهم بين حقبة الأسد وما بعدها من انتصار الثورة.
بالتزامن مع ذلك، أُثير جدل واسع حول مفهوم العلمانية الذي تبناه "تجمع الشباب المدني"، حيث رأى بعض المنتقدين أنها تهمش الدين، بينما اعتبرها آخرون نهجًا يركز على مؤسسات الدولة وتفعيل التكنوقراط وجذب الكفاءات للنهوض بالبلاد اقتصاديًا واجتماعيًا.
ويشهد الشارع السوري حراكًا سياسيًا واجتماعيًا مكثفًا، مدعومًا بظهور العديد من التجمعات والدعوات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وهو ما يُعتبر طبيعيًا في ظل التنوع الاجتماعي والانفتاح السياسي بعد سنوات من القمع خلال حقبة الأسد.
ومنذ انتشار رسالة فريق "قيامة سوريا" عبر شبكات الهواتف المحمولة، بدأ الناس الاستعداد للتجمع، حيث توافدت الحشود إلى ساحة الأمويين قبل ساعات من الموعد المحدد عند الساعة الرابعة عصرًا.
وامتلأت الساحة والشوارع المؤدية إليها بجموع المشاركين، في رسالة واضحة للتأكيد على حجم التأييد الذي تحظى به الحكومة المؤقتة.
ورغم ذلك، يعبر كثيرون عن مخاوفهم من التضييق على الحريات في العهد الجديد، خاصة في ظل تجاوزات منسوبة إلى كتائب متحالفة مع هيئة تحرير الشام. من جانبه، أكد القائد العام أحمد الشرع أن الحريات مصونة، ولن يتم التعرض لخصوصيات أحد.
ويبدو المشهد السوري الداخلي في هذه المرحلة محتدمًا، مع تزايد الدعوات عبر وسائل التواصل الاجتماعي للتجمع وتأسيس منابر للحوار تساهم في صياغة شكل الدولة المقبلة.
وفي الوقت نفسه، تظل سوريا تحت مراقبة المجتمع الدولي، الذي يجدد دعواته للحكومة المؤقتة بضرورة صيانة الحريات والالتزام بالديمقراطية.
يشكل حشد الجمعة في ساحة الأمويين بدمشق رسالة قوية تعكس خيار الاحتكام للشارع واستعراض قوة المؤيدين في المرحلة القادمة.
ورغم تنوع الأطياف السياسية والاجتماعية المشاركة بنسب متفاوتة في كل تجمع، فإن المشهد السوري يبدو وكأنه يعيش مخاضًا جديدًا، يأمل السوريون أن يؤدي إلى نهاية مرحلة قاسية من الحرب والفقر والدمار.