logo
العالم العربي

السودان.. تغيب وفد البرهان يدفع نحو اتفاق أممي مع طرف واحد

السودان.. تغيب وفد البرهان يدفع نحو اتفاق أممي مع طرف واحد
أعمدة الدخان تتصاعد في الخرطوم جراء الحرب بين الجيش وقوات...المصدر: رويترز
13 يوليو 2024، 6:02 م

على مدى يومين تغيب وفد الجيش السوداني عن حضور المفاوضات غير المباشرة بشأن الملف الإنساني، الجارية في جنيف السويسرية، وسط توقعات بأن تلجأ الأمم المتحدة إلى توقيع اتفاق مع قوات الدعم السريع لإيصال المساعدات.

وخلال يومي الخميس والجمعة، حضر وفد الأمم المتحدة الذي يقوده المبعوث الشخصي للأمين العام إلى السودان، رمطان لعمامرة، ليلتقي فقط وفد قوات الدعم السريع، التي أصدرت بيانًا أكدت فيه أن "حضورها يأتي تماشياً مع موقفها المبدئي والمعلن الداعي إلى وقف الحرب وتحقيق السلام ورفع المعاناة الإنسانية عن الشعب".

وقالت القوات إنها "رحبت بدعوة الأمم المتحدة لإجراء محادثات في جنيف مع وفد الجيش السوداني حول تسهيل إيصال المساعدات الإنسانية وحماية المدنيين، حيث وصل وفدها لبدء المحادثات برغبة صادقة من أجل تخفيف المعاناة الإنسانية التي يواجهها الشعب السوداني بسبب الحرب".

وينتظر أن تسفر المفاوضات - حال استمرت - عن تسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى المتأثرين جميعهم بالحرب في مناطق الصراع بالسودان، بجانب بحث آليات تعزيز حماية المدنيين.

اتفاق مع طرف واحد

وحول إذا ما كان تعنت الجيش في مفاوضات جنيف قد يدفع الأمم المتحدة لتوقيع اتفاق مع قوات الدعم السريع لتوصيل المساعدات الإنسانية للمتضررين، يتوقع القيادي بحزب الأمة القومي، عروة الصادق، حدوث ذلك وفقًا لتجارب سابقة.

وقال الصادق لـ"إرم نيوز" إنه "حينما يلجأ طرف في المفاوضات إلى التعنت وعدم التعاون، فإنه يدفع الطرف الآخر إلى التوقيع منفردًا مع الأمم المتحدة لتوصيل المساعدات الإنسانية".

وأكد أنه "حال حدوث ذلك فإن الإجراء يمكن أن يؤثر سلباً على الاستقرار السياسي، وقد يزيد من التوتر بين الأطراف المتنازعة، وسيجعل من المساعدات الإنسانية مجالا للمزايدة والتكسب".

وحول كيفية تنفيذ الاتفاق حال توقيعه بين الأمم المتحدة وقوات الدعم السريع، قال إنه يتوقع أن ترفضه حكومة بورتسودان التابعة للجيش، وتعترض على تنفيذه تذرعًا بأن أعمال الإغاثة ستكون مدخلًا لإمدادات الدعم السريع بالسلاح واللوجستيات.

غياب وفد الجيش عن المفاوضات تكتيك تمارسه أيادي التنظيم الإخواني

عروة الصادق، قيادي في حزب الأمة

وأضاف أن "الأوفق توقيع اتفاق ولجنة مشتركة بإشراف دولي؛ لأن هنالك ملايين المواطنين ينتظرون مصيرهم وموتهم جوعًا أو مرضًا أو نتاج الآفات والأوبئة في فصل الخريف".

وأكد "إذا تحقق الاتفاق يمكن الحفاظ على ملايين الأطفال والنساء الحوامل والعجزة، وعودة ملايين النازحين والعالقين إلى ديارهم".

واعتبر الصادق أن غياب وفد الجيش عن مفاوضات جنيف "تكتيك تمارسه أيادي التنظيم الإخواني في وزارة الخارجية المتحكم في قرار الجيش، والذي لا يريد أي تقارب يفضي للسلام والاستقرار أو حتى لتحقيق هدنة إنسانية".

وقال إن ذلك يعود "لاعتقادهم أن الحسم العسكري وانتصار الجيش وحده ما يضمن لهم المستقبل السياسي في السودان، وأن أي حلول تقود لاستعادة الحياة والاستقرار ستكشف تآمرهم على السودان ودورهم في تأجيج الحرب".

وأضاف أن "عناصر التنظيم الإخواني في حكومة بورتسودان هم من يرسمون السياسة الخارجية لحكومة الأمر الواقع، ويتحكمون في تحركات وفودها المغادرة والمستضافة".

وأوضح أنهم "عززوا تواجدهم في كل السفارات والبعثات والمكاتب الخارجية بعناصر ولاؤها للتنظيم والحركة ولا صلة لها بحياة المواطن أو موته أو بقاء الوطن وفنائه"، وفق قوله.

وذكر الصادق أنه "يتوقع نجاحهم في مهمتهم التخريبية وإعاقة اتفاق إنساني بإشراف الأمم المتحدة"، مؤكدًا أن الأمم المتحدة تعلم أن من يقف وراء هذه العراقيل هم عناصر مطلوبون للعدالة الدولية وتلاحقهم العقوبات.

وعلى مدى يومين خرج المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، إلى وسائل الإعلام ليعلن أن المحادثات التي يقودها المبعوث الشخصي للأمين العام للسودان رمطان لعمامرة وفريقه، لم تسفر عن نتائج مرجوة.

وفي آخر تصريح يوم الجمعة قال: "المهم هو أن نبقى على تواصل مع كلا الوفدين، الوضع الإنساني في السودان يتدهور كل يوم، ويؤثر بشكل مروع على السكان المدنيين، لا نستطيع الوصول إلى الكثير من الناس المحتاجين إلى المساعدة".

وقال دوجاريك إن ما ينشده لعمامرة هو أن يرتقي الوفدان السودانيان إلى مستوى التحدي، وينخرطا في مناقشات بناءة من أجل تخفيف معاناة الشعب السوداني.

تجربة شريان الحياة

ويرى الكاتب الصحفي والمحلل السياسي، أبوعبيدة برغوث، أن تغيب وفد الجيش السوداني عن المحادثات غير المباشرة في جنيف، يأتي بسبب عراقيل تضعها حكومة الأمر الواقع في بورتسودان الخاضعة لسيطرة منسوبي النظام السابق.

وقال برغوث لـ"إرم نيوز" إن حكومة بورتسودان تحاول أن تفرض أمراً واقعًا حينما تتحدث عن إرسالها وفدًا مدنيًا لمفاوضات جنيف، في حين أن الأمم المتحدة أرسلت الدعوات للجيش السوداني وقوات الدعم السريع، دون أن تشير لحكومة.

وأضاف أن "العراقيل التي تضعها حكومة بورتسودان تدفع الأمم المتحدة لاستدعاء تجربة قديمة لها في السودان حيث سبق أن وقعت اتفاقية (شريان الحياة) مع الحركة الشعبية لتحرير السودان برئاسة جون قرنق، بعد تعنت حكومة البشير في إدخال المساعدات الإنسانية لجنوب السودان".

ودعا الأمم المتحدة إلى ألا ترهن حياة ملايين السودانيين الذين يواجهون المجاعة، بتعنت حكومة الجيش السوداني.

وحول إمكانية تنفيذ الاتفاق حال توقيعه بين الأمم المتحدة وقوات الدعم السريع، يقول برغوث إن هنالك مناطق واسعة تسيطر عليها "الدعم السريع" لها حدود مع عدد من الدول يمكن أن تدخل عبرها المساعدات للملايين الذين يقطنون هذه المناطق.

أهمية الاجتماع

من جهته قال القيادي البارز في تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية "تقدم" ياسر عرمان، إن الاجتماع الذي تنظمه الأمم المتحدة في مدينة جنيف ذو أهمية فائقة، ولم يجد حظه الكافي من الاهتمام.

وأشار إلى أن أهمية اجتماع جنيف تكمن في أنه أتى بناءً على قرارين صدرا من مجلس الأمن الدولي وهي قرارات نادرة وغاية في الأهمية في ظل الانقسام الحالي في المجلس، كما أن الاجتماع يشهد مشاركة ربما تكون الأخيرة من الولايات المتحدة الأمريكية قبل دخولها انتخابات معقدة، وفق قوله.

وأوضح في تدوينة على منصة "إكس" أن الاجتماع يتحدث عن وقف الحرب ومخاطبة الكارثة الإنسانية وحماية المدنيين، واعتبرها بداية صحيحة، إذ لا يمكن معالجة أسباب المرض قبل وقف نزيف المريض الذي يعطي الأولوية.

وأضاف أنه "رغم أن مسار جنيف مسار عسكري لم يتم ربطه بالمسار المدني، إلا أنه يخاطب قضايا الملايين المتضررين بدلاً عن قضايا النخب، ويهدف لتحقيق هدف رئيس هو وقف الحرب بعيداً عن تقاسم السلطة".

ودعا القائمين على تنظيم اجتماع جنيف إلى ألا يكتفوا بجولة واحدة، وأن عليهم عقد سلسلة جولات بدعم من مجلس الأمن والمنظمات الإقليمية والدولية وحشد طاقات كافة المنابر الأخرى للدفع بالأطراف في سلسلة اجتماعات متقاربة زمنياً حتى لا يتم فقدان قوة الدفع، وفق قوله.

السودان

أخبار ذات علاقة

جنيف تستضيف اجتماعا لطرفي حرب السودان

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC