عاجل

ترمب: إسرائيل في ورطة كبيرة وما فعلته من أجلها أكثر مما يمكن أن يفعله أي رئيس آخر

logo
العالم العربي

حرب مفتوحة أم أهداف محدودة.. ماذا يريد نتنياهو من جبهة جنوب لبنان؟

حرب مفتوحة أم أهداف محدودة.. ماذا يريد نتنياهو من جبهة جنوب لبنان؟
بنيامين نتنياهوالمصدر: رويترز
10 سبتمبر 2024، 5:59 م

بعد إعلان الجيش الإسرائيلي استعداده للتحرك هجومياً في الداخل اللبناني، إذا استدعت الحاجة، أطلق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تأكيداً، الأحد، قال فيه إنه أصدر تعليمات للجيش بتغيير الوضع في الشمال الإسرائيلي على الحدود مع لبنان.

وقال نتنياهو إن "حزب الله" هو الذراع القوية لإيران، مشدداً على استحالة استمرار الوضع على ما هو عليه في الشمال، وكرر التزام حكومته بإعادة جميع سكان الشمال إلى منازلهم.

وجاءت تلك التصريحات بعدما أعلن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي أن قواته تستعد لاتخاذ خطوات هجومية داخل لبنان.

واليوم، ثمة سؤال يتبادر إلى أذهان الجميع مفاده "ما الذي يحضّره نتنياهو لجبهة جنوب لبنان وهل نحن أمام معركة أخرى مفتوحة في المنطقة، أم أن نتنياهو سيكتفي بأهداف وإنجازات محددة؟".

حرب ثلاثية الأبعاد

يقول الخبير العسكري والاستراتيجي، اللواء المتقاعد إلياس حنا، في تصريح لـ"إرم نيوز" إنه "بالنسبة لإسرائيل، أصبحت معركة غزة منخفضة الحدة، واهتمامها ينصب اليوم على الضفة الغربية، للقيام بعمليات استباقية فيها، هدفها ضرب منظومة المقاومة وبنيتها التحتية ومنع التهريب من سوريا عبر الأردن إلى الضفة الغربية"، حسب قوله

لكنّ حنا يشير من جهة أخرى إلى أن "التركيز الأكبر لإسرائيل في المرحلة القادمة سيكون على جبهة جنوب لبنان، فهذه الجبهة تمثل الثقل في محور المقاومة وبالتالي يمكن أن نكون أمام حرب ثلاثية الأبعاد"، على حد تعبيره.

ويقول الخبير  إن "حزب الله أوجد معادلات جديدة تزعج إسرائيل، بدءاً بفرضه منطقة عازلة وخرقه الأجواء وضرب العمق الإسرائيلي، وتصوير الأهداف العسكرية وغير العسكرية (هدهد 1 وهدهد 2 ..).

ويكشف حنا النقاب عن "وجود تحضيرات عسكرية إسرائيلية مخصصة لجبهة لبنان"، مشيراً إلى أن "التصعيد الحالي هدفه التحضير لاستنزاف حزب الله قدر الإمكان بالعديد والعتاد وما شابه".

الخبير العسكري اللبناني قال إنه "بالنسبة لإسرائيل، يجب أن يكون الجيش جاهزاً والبنى التحتية جاهزة (أسلحة وذخيرة وإخلاء صحي وغيرها)، ولذلك من المتوقع أن تبدأ العملية فيما لو حدثت بحملة جوية واسعة وعنيفة، قد تطال عمق لبنان". 

حسابات وعوائق

ويلفت حنا النظر هنا إلى أن "هناك 3 حسابات أو "عوائق" يجب على إسرائيل أخذها بعين الاعتبار، قبل إطلاق أي عملية ضد حزب الله، الأولى تتمثل في قدرة إسرائيل على تحمّل القصف الذي سيشنه الحزب على المدن والمطارات حتى تل أبيب، والثانية؛ دخول إيران إلى جانب الحزب، والأهم ربما؛ موافقة الولايات المتحدة على العملية، وهذه النقطة هي الأهم في حسابات المعركة المحتملة، لأن موافقة أمريكا تعني تلقائياً أن الذخيرة والأسلحة ستكون مؤمّنة والموافقة السياسية مؤمّنة، وكذلك الحماية السياسية"، وفق الخبير العسكري.

ويستطرد إلياس حنا قائلاً: "إذا اندلعت الحرب وتدخلت إيران (وهي لا يمكن إلا أن تتدخل ليقينها أن هذه الحرب لا يمكن أن تتم إلا بموافقة أمريكا)، فإن السؤال الأهم هو: هل ستستهدف إيران الوجود الأمريكي في المنطقة؟ ".

ويختم الخبير العسكري اللبناني بالقول: "هذه كلها أسئلة محورية يجب أن يحسب حسابها في سياق أي عملية عسكرية إسرائيلية ضد حزب الله، لكن الأهم من كل ذلك الهدف السياسي الذي سيحققه نتنياهو في حربه هذه ضد حزب الله، وهو شرط ضروري قبل التوجه إليها، خاصة أن نتنياهو ومنذ 11 شهرا لم يستطع تحقيق أهدافه السياسية في غزة، فما بالك بجبهة جنوب لبنان التي تختلف في كل شيء تقريبا عن جبهة غزة".

نتنياهو يركب الموجة

من جهته، يرى الباحث والكاتب السياسي السوري المقيم في بريطانيا، د. محمد صالح الفتيح، أنه "بالنسبة لنتنياهو يبقى السؤال الرئيس دائماً هو كيفية استخدام أي حدث للحفاظ على موقعه في رئاسة الحكومة". 

ويقول إن "هذه المقاربة من جانب نتنياهو هي ما جعلته صاحب فترة الحكم الأطول في تاريخ إسرائيل. ولكن حالياً، الرأي العام الإسرائيلي والمستوى السياسي، في الحكومة والمعارضة، يطالب بالتعامل عسكرياً مع حزب الله ونتنياهو يجد مصلحته في ركوب هذه الموجة".

ووفقاً له، "لا يخفى أن استمرار الحرب يعني تأجيل إجراء انتخابات مبكرة يطالب بها الإسرائيليون، ويرجح فيما لو أجريت الآن أن يخرج نتنياهو من الحكم"، حسب تعبيره.

ويضيف أن "استمرار العمليات العسكرية يسمح لنتنياهو بالتهرب من الضغوط الأمريكية لإجراء صفقة سياسية كبرى فيما يخص قطاع غزة، تشمل إطلاق سراح الأسرى الموجودين لدى حركة حماس، وكذلك إعادة السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة بهدف إحياء حل الدولتين".

ويعتقد الفتيح أنه "في مقابل ذلك، لدى نتنياهو تحفظات وحذر إزاء حجم الخيار العسكري وارتداداته. وهذا ما رأيناه في تعامله مع العملية التي نفذها حزب الله في 25 أغسطس/آب، إذ فضّل نتنياهو العمل العسكري الاستباقي، وتجاهل الرد لاحقاً على عملية حزب الله، وتابع في الأيام التالية وتيرة العمليات العسكرية السابقة ضد الحزب، مع تغييرات محدودة. وباختصار، سيمضي نتنياهو للخيار العسكري بالحجم الذي يخدمه في السياسة"، وفقاً للباحث السوري.

ويشير الباحث السوري إلى أن "الأعمال العسكرية مفتوحة بالفعل بين إسرائيل وحزب الله، ولكن النقاش الإسرائيلي حالياً هو حول توقيت وضرورة رفع وتيرة هذه الأعمال؛ فبحسب الأدبيات العسكرية الإسرائيلية، يمكن أن تكون العمليات العسكرية تجاه مصدر تهديد معين من 3 مستويات: العمليات الروتينية (وهي ما يحصل حالياً)، والعمليات الموسعة، الموصوفة بالمعارك بين الحروب أو بالأيام القتالية، وأخيراً الحرب الشاملة". 

احتمالات التدحرج

إذاً؛ هل يمكن أن تبقى هذه المعركة أو الحرب ضمن حدود معينة، أم أنها قد تنسف كل التفاهمات السابقة، وتفتح الباب لحرب قد تشمل كل لبنان؟

يجيب الفتيح بقوله إن "الانتقال بين المستويات الثلاثة السابقة الذكر يبقى محتملاً في أية لحظة، فمن ناحية أولى، أظهرت حادثة مجدل شمس في أواخر يوليو/ تموز أنه يمكن أن تحصل فجأة تطورات غير متوقعة تقود لكسر رتابة الاشتباك اليومية القائمة".

"ومن ناحية ثانية، تقترب الحرب في غزة من نهايتها، وعند الوصول لهذه النهاية – سواء أكانت نتيجة صفقة سياسية تطلق سراح الأسرى أو نتيجة الخيار العسكري المباشر – ستحتاج إسرائيل للانتقال إلى معالجة الوضع على الجبهة الشمالية لطمأنة النازحين بإمكانية عودتهم بأمان إلى مساكنهم"، وفق الفتيح. 

ويشير إلى أنه "نتيجة المقاربة السابقة التي تبنتها الحكومات الإسرائيلية مع حماس، والتي أدت بحسب الرأي العام الإسرائيلي للوصول لحدث السابع من أكتوبر/تشرين الأول، يصبح خيار التفاهم الدبلوماسي مع حزب الله غير مقنع للرأي العام الإسرائيلي، ومستنزفاً للرصيد السياسي لأي من يقوم به، لهذا تبدو احتمالات التدحرج في المواجهة أعلى احتمالاً من خيارات التهدئة، وأعلى من احتمال انتقال إسرائيل للحرب المفتوحة بشكل مباشر". 

لكن ثمة تساؤل ربما هنا، هل ستُترك ميليشيا "حزب الله" بمفردها في هذه المواجهة أم ستنضم جبهات أخرى وحلفاء آخرون؟

الكاتب محمد صالح الفتيح يرى أن "مستوى الانخراط الذي قامت به إيران ووكلاؤها في المنطقة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول يظهر أن الأولوية القصوى هي تجنب الحرب المفتوحة حالياً، واستيعاب ما تقوم به إسرائيل، لأن ثمن ذلك يبقى أقل بكثير من ثمن الحرب المفتوحة. ولهذا يبقى من المستبعد أن تنضم أطراف أخرى بشكل مباشر للحرب إلى جانب حزب الله، خصوصاً أنه لا يزال من المرجح أن إسرائيل لا تبحث حالياً عن حرب كبرى، وإنما عن إنجازات محدودة على الجبهة الشمالية".

درسان مهمان

من وجهة نظر الكاتب السياسي الفتيح، فإن تجربة حرب غزة قدمت درسين مهمين؛ الأول أن القدرات العسكرية الإسرائيلية للتعامل مع التهديدات الصاروخية وتكتيكات الحروب الهجينة قد تحسنت بشكل أفضل مما كان متوقعاً، فجاء التقدم الإسرائيلي في قطاع غزة بثمن بشري أقل بكثير من التوقعات السابقة. والدرس الثاني هو أن الولايات المتحدة مستعدة للانخراط بشكل غير مسبوق في دعم إسرائيل عسكرياً بما تحتاجه لمتابعة الحرب.

ويختم موضحاً: في 26 أغسطس/ آب أعلنت إسرائيل تلقيها الشحنة الجوية رقم 500 من الولايات المتحدة، وبلغ حجم ما نُقِل أكثر من 50,000 طن، وهذا يعادل أكثر من مثلي ما نقلته الولايات المتحدة لإسرائيل في حرب 1973، إذ بلغت حينها 22,318 طناً.

هذان العاملان، وفقاً للباحث الفتيح، فضلاً عن الكثير من التفاصيل التقنية الأخرى، تشجع إسرائيل على رفع وتيرة التصعيد العسكري على جبهتها الشمالية، خصوصاً أن الولايات المتحدة لم تظهر حتى الآن أنها ترفض هذا الخيار من حيث المبدأ، وإنما تنظر إليه في ضوء الأولويات الأكثر إلحاحاً؛ أي إنهاء حرب غزة.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC