فاينانشيال تايمز: هبوط أول طائرة في مطار هيثرو بعد الاضطرابات
تتباين آراء الخبراء بشأن مستقبل العقوبات الغربية المفروضة على سوريا، حيث يرى البعض أن الإدارة السورية الجديدة تبذل جهوداً حثيثة لرفع تلك العقوبات، مستندة إلى تحركات دبلوماسية مكثفة واتفاقيات اقتصادية داخلية، في محاولة لتعزيز استقرارها السياسي والاقتصادي.
فيما يشير آخرون إلى أن هذه العقوبات، التي تعود جذورها إلى عقود سابقة وتفاقمت مع صدور قانون قيصر، قد تبقى سارية فترة طويلة بسبب تباين مواقف الدول الغربية، حيث تصر بعض القوى على استمرار الضغط حتى تحقيق تقدم ملموس في العملية السياسية.
وفي المقابل، يبدو أن الولايات المتحدة، بقيادة الرئيس دونالد ترامب، تضع الملف السوري في إطار المناورة السياسية، معتبرة إياه ورقة تفاوضية مع روسيا وقوى إقليمية أخرى، في حين يظل الاهتمام الأمريكي منصبا أكثر على القضايا الاقتصادية والعلاقات مع الصين وإسرائيل ودول الخليج.
وبين هذه المواقف المتباينة، يبقى السؤال مفتوحا حول مدى قدرة دمشق على تجاوز هذه العقوبات، وما إذا كان المشهد السياسي الدولي سيسمح لها بتحقيق اختراق حقيقي في هذا الملف.
في هذا الصدد، قال الخبير الاقتصادي خالد عمر، إن النظام السوري الجديد يسعى منذ سقوط النظام السابق، إلى رفع العقوبات المفروضة عليه، تجلى ذلك من خلال التغيرات السياسية والدبلوماسية التي تبرز من خلال تحركات الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع ووزير خارجيته أسعد الشيباني، في إطار لقاءات وزيارات مكثفة تهدف إلى كسب دعم المجتمع الدولي.
وأشار في حديثه لـ"إرم نيوز"، إلى أن هذه العقوبات لم تكن وليدة الأزمة الأخيرة، بل فرضتها واشنطن منذ عام 1979، عندما أدرجت سوريا ضمن قائمة "الدول الراعية للإرهاب"، ثم شددت القيود في عام 2004، وصولًا إلى "قانون قيصر" عام 2020، إلى جانب عقوبات الاتحاد الأوروبي؛ ما جعلها عقوبات متشعبة تؤثر بشكل كبير على اقتصاد أي دولة، لا سيما نظام جديد يحاول إثبات نفسه وسط تحديات جيوسياسية وديمغرافية معقدة.
وأضاف أن النظام السوري الجديد يواجه صعوبة في تحقيق الاستقرار الاقتصادي، إذ بات واضحا حاجته الماسة إلى رفع العقوبات؛ وهو ما انعكس في قراره إبرام اتفاق مع الإدارة الذاتية الكردية لشراء مواد بترولية، وهو أمر يثير الدهشة، متسائلا: "هل يعقل أن يشتري السوري النفط من السوري؟" في إشارة إلى مدى تأثير العقوبات على البلاد.
وأوضح أن دمشق تبذل جهودا حثيثة لإقناع المجتمع الدولي بضرورة رفع العقوبات، باعتبار ذلك خطوة أساسية في مسار التعافي الاقتصادي، خاصة بعد الأزمات المتلاحقة التي ضربت سوريا خلال السنوات الماضية.
وأكد أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تتعامل مع الملف السوري من منظور تجاري بحت، حيث تستخدمه كورقة تفاوض مع روسيا في ملفات أخرى مثل إيران وغزة وأوكرانيا، لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية، مضيفا أن سوريا تُعد لاعبا استراتيجيا في المنطقة، لكونها تتمتع بموقع جغرافي حيوي، وكانت سابقا مكتفية ذاتيا.
واختتم بالقول إن القضية السورية تهم أيضا إسرائيل، التي تمارس ضغوطا على واشنطن عبر ملفات أخرى تتعلق بالإرهاب والأقليات وأمنها القومي؛ ما يجعل الملف السوري حاضرا بقوة في دوائر صنع القرار الأمريكية والأوروبية، بانتظار اللحظة المناسبة لاستغلاله بأكبر قدر ممكن.
س
من جهة أخرى، يرى الخبير الاقتصادي عامر أحمد، أن مستقبل العقوبات الغربية على سوريا لا يزال غير واضح، حيث توجد مطالبات بتخفيفها لأسباب إنسانية، لكن في المقابل، تصر بعض الدول على الإبقاء عليها حتى يتحقق تقدم ملموس في العملية السياسية؛ ما يعني أن العقوبات قد تستمر فترة طويلة.
وأضاف في حديثه لـ"إرم نيوز"، أن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، يولي اهتماماً أكبر بالقضايا الداخلية، مثل الاقتصاد الأمريكي والعلاقات مع الصين، إلى جانب تحسين علاقاته مع دول الخليج وإسرائيل؛ ما يجعل الملف السوري في مرتبة متأخرة ضمن أولويات سياسته الخارجية، ويقلل من احتمالية أي تغيير في موقفه من العقوبات.
وختم بالقول إن مستقبل هذه العقوبات يعتمد بشكل أساسي على تطورات الوضع السياسي والإنساني في سوريا، بالإضافة إلى المواقف الدولية ومدى استعداد القوى الغربية لإعادة النظر في سياساتها تجاه دمشق.