هل تنجح قوة "أسبيدس" الأوروبية بردع تهديدات ميليشيا الحوثي؟

حققت القوة البحرية للاتحاد الأوروبي (EUNAVFOR) إنجازات ملحوظة في مجال الأمن البحري، ولكن عدم وجود إستراتيجية واضحة لمواجهة التهديد المتصاعد لميليشيا الحوثي يلقي بظلاله على احتمال استعادة الاستقرار في البحر الأحمر.

وناقش مقال  لموقع "المونيتور" الأمريكي مهمة "أسبيدس" التابعة للقوة البحرية للاتحاد الأوروبي، التي تم إطلاقها في فبراير/شباط عام 2024 للتصدي للتهديد المتصاعد من ميليشيا الحوثي في البحر الأحمر.

وعلى الرغم من أن المهمة حققت بعض النتائج المرجوة، مثل مرافقة وحماية أكثر من 150 سفينة تجارية بنجاح، وتحييد العديد من التهديدات المعادية، إلا أن المقال يسلط الضوء على التحديات الكبيرة التي يواجهها الاتحاد الأوروبي في ردع التهديد الحوثي بشكل فعال، واستعادة الاستقرار في المنطقة.

 

التهديد الحوثي

تعطل ميليشيا الحوثي في اليمن حرية الملاحة في منطقة باب المندب، وهو خط اتصال بحري مهم يربط بين المحيطين الهندي والهادئ وأوروبا، وفق المقال. 

ولفت إلى أنه منذ نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، نفذت ميليشيا الحوثي أكثر من 200 هجوم على السفن التجارية، ما أثر بشدة على تدفق التجارة البحرية عبر البحر الأحمر وقناة السويس، وبالتالي تعطيل سلاسل توريد الطاقة والسلع العالمية، فضلًا عن زيادة تكاليف النقل والتأمين.

وأكد أن تغيير مسار السفن لتجنب تهديدات ميليشيا الحوثي أثر بشكل كبير على أنشطة الموانئ في البحر الأبيض المتوسط، إذ أصبحت السفن تفضل موانئ أوروبا الأطلسية.

 علاوة على ذلك، أثرت هجمات الميليشيا على الرفاهية الاقتصادية في أوروبا، فضلًا عن تأثيرها على التضخم العالمي، وفق "المونيتور".

وأشار إلى أنه في الآونة الأخيرة، أصبحت هجمات الميليشيا على سفن الشحن التجاري أكثر تعقيدًا، إذ أعلن الحوثيون عن أول هجوم ناجح لهم باستخدام سفينة سطحية غير مأهولة في 12 يونيو/حزيران الماضي، ما أدى إلى إغراق سفينة نقل البضائع السائبة "توتور". 

وتسلط تلك الحادثة، إلى جانب الهجوم الصاروخي اللاحق على سفينة شحن أخرى، الضوء على التهديد المتزايد الذي تشكله ميليشيا الحوثي على الأمن البحري في المنطقة، وفق الموقع. 

 عملية "أسبيدس"

وتؤكد عملية "أسبيدس" التزام الاتحاد الأوروبي بالأمن البحري، واستقرار سلاسل التوريد العالمية، فهي مهمة دفاعية بحتة تهدف إلى حماية السفن التجارية التي تعبر باب المندب ومضيق هرمز، وفق تعبير المقال.

وأكد أن العملية، التي ترتكز على قرار مجلس الأمن 2722، تبنت نهجًا مختلفًا عن مهمة حارس الازدهار بقيادة الولايات المتحدة، يقوم على تعزيز استقلالية الاتحاد الأوروبي ودوره كمزود للأمن البحري العالمي.

وأشار الموقع الأمريكي إلى تجهيز أسطول بعثة "أسبيدس" الأوروبية بأنظمة أسلحة متقدمة، بما في ذلك صواريخ "أرض-جو" قصيرة وطويلة المدى (SAM)، وأنظمة أسلحة قريبة، ما يسمح لها بمواجهة مجموعة واسعة من التهديدات التي تشكلها ميليشيا الحوثي.

وفي فترة دامت قرابة 5 شهور من العمل، أكملت "أسبيدس" بنجاح مرافقة وحماية أكثر من 150 سفينة، وتحييد عشرات الطائرات المسيرة المعادية، وأربعة صواريخ باليستية، وفق الموقع.

التحديات المقبلة

وقال الموقع إنه على الرغم من هذه النجاحات، تواجه مهمة "أسبيدس" تحديات كبيرة، إذ تعد حماية السفن من هجمات ميليشيا الحوثي أكثر تعقيدًا من أنشطة مكافحة القرصنة، التي شارك فيها الاتحاد الأوروبي تقليديًا، وتتطلب حماية مستدامة للقوة في سيناريو قتالي كثيف. 

ويمكن أن تؤدي الزيادة المحتملة في هجمات ميليشيا الحوثي إلى استنفاد مخزونات الذخيرة بسرعة، ما يعقد جهود إعادة تسليح السفن الحربية بعيدًا عن الموانئ المحلية، ويشكل ضغطًا على أنشطة التنسيق التي تقوم بها قيادة الاتحاد الأوروبي، وفق الموقع.

وأكد أنه بالإضافة إلى ذلك، فإن الاتحاد الأوروبي يحتاج إلى المزيد من الأصول البحرية للانتشار السريع.

وتضيف البيئة الإقليمية، المتأثرة بحرب غزة والدعم الإيراني لميليشيا الحوثي، طبقة أخرى من التعقيد، فالمشهد المزدحم المتمثل في وجود مهام عسكرية متعددة، وجيوش أجنبية تعمل في المنطقة، يزيد تعقيد الصورة الإستراتيجية، ويثير تساؤلات حول مدى فعالية عملية دفاعية بحتة على المدى الطويل في تحييد التهديد الحوثي، وفق الموقع. 

وخلص "المونيتور" إلى القول إن نجاح عملية "أسبيدس" في ردع التهديد العسكري الحوثي لا يزال غير مؤكد، في ظل غياب إطار متماسك وشامل لمعالجة الأزمة، مشيرًا إلى تولي الذراع البحري الجديد للاتحاد الأوروبي مهمة خطيرة خارج نطاقه المعتاد، ما يجعل التحديات التي يواجهها في الحفاظ على عملياته، والحد من التهديد الحوثي تلقي بظلالها على احتمال استعادة الاستقرار في المنطقة.