"نيويورك تايمز": استمرار تخصيب اليورانيوم في إيران محلّ خلاف ويتسبب بانقسامات داخل الفريق الأمريكي

logo
العالم العربي

السويداء.. هل يمثل إنزال "علم الثورة" رسالة احتجاج ضد سياسات دمشق؟

السويداء.. هل يمثل إنزال "علم الثورة" رسالة احتجاج ضد سياسات دمشق؟
أشخاص يرفعون أعلام الموحدين الدروزالمصدر: رويترز
16 مارس 2025، 6:24 ص

ذكرت مصادر محلية في السويداء أن إنزال علم الثورة السورية ورفع رايات الخمس حدود فوق المرافق العامة والمقرات الرئيسة في المحافظة، يعكس موقفا احتجاجيا على سياسات الحكومة السورية، وليس كما يروّج البعض بأنه خطوة نحو الانفصال.

وأوضحت المصادر أن هذا التحرك جاء نتيجة لتردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، إضافة إلى الإحباط من غياب أي إصلاحات حقيقية بعد أشهر من الحكم.

وأشارت المصادر إلى أن رفع راية الخمس حدود، التي تعود إلى ثورة سلطان باشا الأطرش ضد الاستعمار الفرنسي، يحمل دلالات سياسية تعكس رفضا للإقصاء، لا سيما بعد الإعلان الدستوري الأخير الذي اعتبر أكثر استئثارا بالسلطة.

كما أكدت أن هذه الخطوة رسالة مباشرة للإدارة السورية مفادها أن أهل السويداء لن يقبلوا بفرض أي توجهات لا تراعي التنوع السياسي والاجتماعي في البلاد.

أخبار ذات علاقة

إنزال العلم السوري ورفع راية الدروز في السويداء (فيديو إرم)

احتجاج شعبي

وفي هذا السياق، قال مصدر محلي من مدينة السويداء، متخصص في الشؤون الدولية، رفض الكشف عن هويته، إن إنزال علم الثورة السورية ورفع رايات الخمس حدود (راية الموحدين الدروز) فوق جميع المرافق والبنى التحتية والمراكز العامة والمقرات الرئيسة في المحافظة، يحمل دلالات واضحة تتعلق بالاحتجاج الشعبي ضد السياسات الحكومية الحالية، نافيا ما يروج له من أن هذا التحرك يعبر عن نوايا انفصالية.

وأضاف لـ"إرم نيوز" أن السبب الرئيس لهذا الإجراء هو رفض أهالي السويداء للطريقة التي تُدار بها الملفات الوطنية، إضافة إلى استيائهم من الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتردية، خاصة بعد مرور نحو 4 أشهر على تولي الحكومة الجديدة الحكم، دون أن تقدم حلولا ملموسة للأزمات المتفاقمة، فضلا عن فشلها في منع وقوع المجازر في الساحل السوري.

وأشار إلى أن هذه التطورات وجهت رسالة واضحة لجميع الأقليات في البلاد، وليس فقط للدروز، بل شملت أيضا الأكثرية السنية المعتدلة، مفادها أن هذا النظام غير قادر على تقديم أي تغيير إيجابي، والدليل على ذلك جاء في الإعلان الدستوري الأخير، الذي وصفه بالإقصائي والأسوأ من عهد النظام البائد، حيث أعاد إنتاج سياسات التهميش بدلاً من تنفيذ الوعود بالإصلاح.

راية تاريخية

وبيّن المصدر أن وجهاء جبل العرب قرروا إنزال أعلام الثورة السورية ورفع راية الخمس حدود، ليس كرمز ديني خاص بالطائفة الدرزية، وإنما باعتبارها راية تاريخية للنضال ضد الاستعمار، رفعها سلطان باشا الأطرش عام 1925 في ثورته ضد الفرنسيين، حين أعلن في بيانه الشهير: "إلى السلاح إلى السلاح.. الدين لله والوطن للجميع". ومن ثم، فإن رفع هذه الراية في هذه المرحلة يعبّر عن موقف سياسي يرفض الرضوخ للسلطة الحالية ويؤكد على الاستقلالية في اتخاذ القرارات.

وأوضح أن العلم يتكوّن من خمسة ألوان، لكل منها رمزية خاصة، فاللون الأخضر يرمز إلى العقل وضرورة التعقل في اتخاذ القرارات، والأحمر يرمز إلى النفس، ويؤكد على تحريم قتل النفس البشرية وتجريم القتل بشكل عام، أما اللون الأصفر فيرمز إلى الكلمة، وهو دعوة إلى توحيد كلمة الحق وإعلائها، واللون الأزرق يشير إلى الماضي والحقب التاريخية التي كانت الطوائف والمكونات المختلفة تعيش فيها بانسجام، وأخيرا، اللون الأبيض يرمز إلى المستقبل المنشود المبني على وحدة القلوب والأفكار لتحقيق واقع أفضل.

استفزاز الأقليات

وأشار المصدر إلى أن أي محاولات لتخوين الدروز أو تكفيرهم سيكون لها عواقب وخيمة، لأنها تأتي ضمن حملة مستمرة لاستفزاز الأقليات، وهو أمر يفاقم الأوضاع المتوترة في البلاد، التي تعيش بالفعل حالة انهيار اجتماعي واقتصادي غير مسبوق.

وأضاف أن التطورات الأخيرة أدت إلى خسارة الجنوب السوري لصالح إسرائيل، والشمال السوري لصالح تركيا، كما أثبتت المجازر التي ارتكبتها مجموعات مسلحة أجنبية أن الحكومة الحالية عاجزة عن ضبط تحركات الفصائل المسلحة؛ ما دفع أهالي السويداء إلى اتخاذ موقف واضح للحد من هذا التدهور، حتى يتم إحداث تغيير جذري في سياسات الحكومة الحالية.

وأكد المصدر أن أهالي السويداء ليسوا ضد الرئيس أحمد الشرع بصفته الشخصية، بل يعارضون الدائرة المحيطة به، التي تسعى إلى إقصائه خشية أن يقوم بخطوات إصلاحية تعيد الثقة بين السلطة والشعب، وهو أمر لا يصب في مصلحة القوى المتنفذة حاليا.

أخبار ذات علاقة

"هدية رمضان".. الشرع يأمر بصرف راتب إضافي

موقف سياسي 

من جهته، قال مصدر محلي آخر من السويداء، متخصص في الشؤون السياسية، رفض الكشف عن اسمه، إن رفع راية الخمس حدود تقليد قديم في المحافظة، لكنه في هذا التوقيت جاء كرد فعل مباشر على الإعلان الدستوري الأخير، الذي اعتبرته مختلف المكونات السورية محاولة لإقصاء الأطراف الأخرى والاستئثار بالحكم.

وأضاف لـ"إرم نيوز" أن الرسالة التي أراد أهالي السويداء إيصالها لحكومة دمشق واضحة، وهي أن العلم الذي سيتم فرضه من قبل سلطة أحادية "لن يمثلنا"، وأن إنزال علم الثورة السورية ليس سوى تعبير عن موقف سياسي يرفض الوضع القائم.

وأوضح أن التصعيد الأخير جاء نتيجة تراكمات عديدة، أبرزها الاستهداف المتعمد للرموز الدينية الدرزية، إضافة إلى نشر فتاوى استفزازية بحق الطائفة، فضلاً عن المشاهد التي وثقت المجازر في الساحل السوري، والتي حملت إشارات تهديد مباشرة للدروز.

أخبار ذات علاقة

ما هي الفصائل المتهمة بارتكاب "مجازر" الساحل السوري؟

"جاهزون للتحدي"

وبيّن المصدر أن رفع راية الخمس حدود كان رسالة مفادها أن أهالي السويداء جاهزون للتحدي، وأن هذا التحرك يعكس غضبا متزايدا، لا سيما بعد عمليات القتل التي راح ضحيتها العديد من الأبرياء، فضلا عن الإعلان الدستوري الأخير، الذي زاد من قناعة الأهالي بأن البلاد تتجه نحو مزيد من التشرذم والتفكك.

وخلص المصدر إلى أن أي محاولة لفرض نظام حكم ديني أو استئثاري على البلاد، بغض النظر عن الجهة التي تتبناه، ستؤدي حتما إلى ردود فعل عنيفة من بقية المكونات، وهو ما حدث بالفعل بعد الإعلان الدستوري الأخير، الذي رفع راية تمثل لونا واحدا وأقصى بقية الأطياف.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC