3 غارات إسرائيلية على بلدة الخيام جنوبي لبنان

logo
العالم العربي

جواسيس وتكنولوجيا متطورة.. وسائل الضربة القاضية على "حزب الله"

جواسيس وتكنولوجيا متطورة..  وسائل الضربة القاضية على "حزب الله"
امرأة عراقية تحمل صورة نصر اللهالمصدر: رويترز
29 سبتمبر 2024، 7:17 ص

أثارت العمليات النوعية وغير المسبوقة التي تمكنت عبرها إسرائيل من القضاء على الأمين العام لميليشيا حزب الله حسن نصر الله وغيره من قيادات الحزب تساؤلات كثيرة حول سر هذا النجاح السريع في الكشف عن أماكن وُجود هذه الشخصيات، والأسباب التي أدت إلى الانهيار السريع في منظومات القيادة.

تفوق عسكري إسرائيلي 

يقول منسق الحكومة اللبنانية السابق لدى قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان "يونيفل"، العميد منير شحادة، في حديث لموقع "الحرة"، إنه لا يمكن أن نتغافل عن قدرات وإمكانيات إسرائيل التقنية والتكنولوجية في مجال التجسس. فإسرائيل لديها قدرات وتقنيات سرية عالية في هذا المجال، وتتحكم بالأقمار الصناعية للحصول على ما تحتاجه من معلومات.

ويشير شحادة، أيضًا إلى وجود تعاون أمني واستخباري كبير بين إسرائيل ودول العالم، هذا التعاون برز دوره عام 2005، عندما دخلت جهات خارجية في التحقيق بحادثة اغتيال رئيس الوزراء الأسبق، رفيق الحريري، بحسب تعبيره.

ويضيف شحادة أن تلك الأطراف كان لها دور لاحقًا في جمْع كميات كبيرة من المعلومات حول عمل أنظمة الاتصالات والجامعات والمصارف وحتى المستشفيات، "وهذه المعلومات وصلت بطريقة أو بأخرى إلى إسرائيل"، وفق تعبيره.

كما أن مشاركة عناصر "حزب الله" في القتال في سوريا، منذ عام 2011، كانت سببا آخر سهّل من عملية رصد تحركات "حزب الله"، فجميع المشاركين في هذا القتال أصبحوا مكشوفين، بسبب استخدامهم أنظمة اتصال تقليدية قابلة للرصد مثل أجهزة الهواتف الذكية والراديو واللاسلكي.

ويقول شحادة إن رصد هذه الأجهزة كان سهلًا بالنسبة للإسرائيليين، الذين حصلوا على معلومات مهمة حول عمل جميع كوادر وقيادات "حزب الله" في تلك الفترة.

ويضيف شحادة أن من لديه القدرة على الوصول لأجهزة "البيجر" واللاسلكي التي نجم عن تفجيرها مقتل ما لا يقل عن 37 شخصًا وإصابة أكثر من 3000 آخرين، لديه القدرة أيضًا على القيام بما هو أكبر، على حد قوله.

أخبار ذات علاقة

تفاصيل مثيرة حول الاغتيال.. كيف قُتل حسن نصر الله؟ (فيديو إرم)

خرق داخلي لحزب الله 

تفوّق إسرائيل العسكري والتكنولوجي لم يكن السبب الوحيد الذي أسهم في إنجاح عملياتها الأخيرة، يقول شحادة، إن "حزب الله" تعرَّض لخرق أمني بين صفوفه، وإن إسرائيل استفادت من "عملاء" يعيشون في مناطق تقيم فيها تلك القيادات للتجسس عليها والكشف عن أماكنها. فالخرق البشري هذا كان أداة مهمة تضاف إلى التكنولوجيا المتطورة، التي ساعدت إسرائيل على تحديد مواقع قيادات "حزب الله" واستهدافها بدقة عالية.

ويضيف شحادة أن الإعداد لعملية قتل نصر الله أخذ سنوات، وإسرائيل كانت تحاول اغتنام فرص عدة لتنفيذ هذه العملية منذ زمن بعيد. ويذكر أن "إسرائيل لم تكن لِتنجح في عملياتها الأخيرة دون دعم أمني والحصول على معلومات استخبارية من دول غربية، مثل: الولايات المتحدة، وبريطانيا". كما يقول. ونفت الولايات المتحدة مرارًا علمها أو أي دور لها بمقتل نصر الله.

تسخير الذكاء الاصطناعي

التكنولوجيا المتطورة التي تمتلكها إسرائيل ساعدتها على تنفيذ عمليات دقيقة أدت إلى مقتل هذا العدد الكبير من قيادات حركة حماس وميليشيا حزب الله والحرس الثوري الإيراني.

ويقول العميد الركن، فادي داوود، من لبنان، إن العمليات الإسرائيلية كانت نوعية، لأنها ركزت بالأساس على تصفية هذه القيادات وضرب منظومة القيادة والسيطرة لدى "حزب الله".

هذه العمليات كانت ترتكز على التفوق التكنولوجي والتطور التقني؛ فإسرائيل سخرت كل ما تملكه من قدرات في مجال الذكاء الاصطناعي وأجهزة التجسس والطائرات المسيرة المتطورة وغيرها من الماكينة العسكرية لتحقيق هدفها.

نصر الله من دون "خلوي"

الاختراق البشري كان عنصرًا أساسيًّا في نجاح هذه المهمة، فعملية قتل نصر الله احتاجت إلى هذا الاختراق الداخلي؛ بسبب السرية التي كان يتمتع بها زعيم "حزب الله" في تنقلاته واتصالاته.

داوود أوضح أن نصر الله كان يرفض استخدام الهواتف الذكية وحتى الأرضية، واستعمل نظامًا خاصًّا يطلق عليه عسكريًّا بـ"الهاتف الحقلي"، وهو جهاز اتصال يربط عددًا معينًا فقط من الأشخاص بشبكة خاصة.

الاحتياطات الأمنية أجبرت نصر الله أيضًا على الامتناع من استخدام التلفاز خوفًا من "عمليات التجسس التكنولوجي"، وكانت تُنقل إليه الأخبار عبر أشخاص مقربين جدًّا منه.

"موساد" مندس 

قلة قليلة من الشخصيات تمكنت من اللقاء بنصر الله، وهذه اللقاءات كانت تتم بسرية تامة، وتنقل هذه الشخصيات "بسيارات مظللة" تمنع هؤلاء الزائرين من تحديد مكان إقامة الأمين العام لـ"حزب الله".

ويقول العميد الركن فادي داوود، إن نجاح العملية رغم كل هذه الاحتياطات، دليل على أن الغارة الإسرائيلية بهذه الدقة من الصعب تنفيذها دون وجود شخص ما على الأرض ساعدهم على تحديد مكان نصر الله.

ويستطرد بالحديث، أن الخرق البشري ليس حديث العهد، "فحزب الله أجرى سابقًا تحقيقات مع المئات من عناصره بعد الغارات الإسرائيلية التي استهدفت قيادات أخرى في التنظيم" في لبنان وسوريا.

ومن الصعب تحديد طبيعة هذا الخرق البشري دون توفر معلومات أمنية دقيقة، لكن يقول داوود، إن الاحتمالات المتوقعة تشير إلى إمكانية مشاركة أحد عناصر القوات الخاصة المسؤولة عن حماية نصر الله، أو أن الخرق تم بمساعدة عناصر الموساد الذين اندسوا بين صفوف الحزب.

العمليات الإسرائيلية كشفت أيضًا عن قدرات حزب الله التي وصفها داوود بالمحدودة والتقليدية، هذا الضعف ستكون له تبعات حتى على مستقبل الحرس الثوري الإيراني والتهديدات المتوقعة ضده. بدليل "أن الحرس الثوري اتخذ إجراءات أمنية إضافية كان أبرزها نقل مكان المرشد الأعلى، علي خامنئي، إلى مكان سري لحمايته، بحسب العميد الركن فادي داوود.

حرب استخبارية 

العملية العسكرية الحالية التي استهدفت قيادات حركة حماس وميليشيا حزب الله والحرس الثوري الإيراني، سبقتها حرب استخبارية للحصول على ما تحتاجه إسرائيل من معلومات تكشف عن مواقع وُجود هذه القيادات.

ويقول اللواء الركن المتقاعد ماجد القيسي من العراق، إن العمليات الإسرائيلية كانت على مستويات متعددة، داخلية وخارجية، إضافة إلى التقنيات المتطورة التي تمتلكها إسرائيل من أقمار تجسس صناعية وقدرات عسكرية.

ويضيف القيسي أن المعركة كانت استخبارية بالدرجة الأولى، وأنها ركزت بالأساس على استهداف مراكز الثقل لـ"حزب الله" جوًّا في لبنان، ولم تلجأ إلى مواجهات برية كما حدث في عام 2006.

لكن سير العمليات والنتائج المتحققة يشير إلى أن دقة هذه العمليات في استهداف هذه القيادات كان من الصعب تحقيقه دون وُجود خرق أمني داخلي في صفوف حزب الله.

ويضيف القيسي "من الصعب تفسير هذا النجاح المتلاحق للعمليات الإسرائيلية ضد قيادات كثيرة، وفي رقع جغرافية بعيدة ومختلفة دون وجود خرق داخلي".

التخطيط لقتل نصر الله

مقتل نصر الله هو خرق أمني داخلي بامتياز، بحسب مراقبين، أشاروا إلى أنه لم يكن لِيحدث لولا وُجود جهات بين صفوف "حزب الله" تعاونت مع إسرائيل، وقدمت لها ما تحتاجه من معلومات لتنفيذ العملية.

المستشار العسكري العراقي، صفاء الأعسم، أضاف أن حجم العمليات ضد حزب الله وحركة حماس كشفت عن حرب استخبارية وتجسسية استعدت لها إسرائيل منذ سنوات، ويرى أنها أتت بدعم من "جهات خارجية".

ويذكر المستشار العسكري العراقي أن القدرات العسكرية والتكنولوجية المتطورة مكنت إسرائيل من اختراق صفوف جميع هذه القيادات وعلى كل المستويات.

ويضيف الأعسم أن إسرائيل نجحت من خلال هذا "الخرق السيبراني" في الكشف عن جميع أسرار عمل تلك الجهات وتحديد أماكن وُجود قياداتها واستهدافها في أي وقت تشاء، بحسب تعبيره.

أخبار ذات علاقة

من هجمات "البيجر" إلى نصر الله.. خارطة الاغتيالات الإسرائيلية لعناصر "حزب الله"

 "البيجر" شرارة انطلاق العمليات

التراخي والإهمال الأمني للجهاز الاستخباري التابع لـ"حزب الله" طوال الفترة الماضية كان السبب وراء هذا الانهيار السريع في منظومة القيادة. ولا يستبعد الباحث المصري في الشأن الإقليمي، أحمد سلطان، ضلوع أشخاص وحتى قيادات مقربة من نصر الله في نقل معلومات سرية عن مكانه إلى إسرائيل. هذا الخرق، يقول سلطان أسهم أيضًا في نشر شبكة كاملة من عملاء الموساد داخل جهاز "حزب الله" الأمني والعسكري.

ومثال بارز على هذا الإهمال الأمني، بحسب سلطان، هو حادثة تفجير أجهزة الاتصال اللاسلكي "البيجر" قبل أسابيع، فهذه الحادثة "دليل واضح على فشل هذه الجهة الأمنية في تعقب مصدر الجهات المنتجة والمصدرة لهذه الأجهزة".

وتعقّب هذه الأجهزة بعد توزيعها على عناصر "حزب الله"، مكّن إسرائيل التي استعدت لهذه العملية منذ سنوات، من جمع معلومات هائلة حول أماكن ومقرات قيادات الحزب.

وهذه كانت الشرارة لانطلاق الحملة الواسعة ضد "حزب الله" للقضاء على قياداته وخلخلة بنيته التنظيمية وإعادته عقودًا إلى الوراء، وفق سلطان.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC