الجيش الإسرائيلي يبدأ موجة جديدة من الغارات الجوية على جنوب لبنان

logo
العالم العربي

الهجوم الأقوى على سوريا.. ماذا تستهدف إسرائيل من غاراتها المتكررة؟

الهجوم الأقوى على سوريا.. ماذا تستهدف إسرائيل من غاراتها المتكررة؟
قصف إسرائيلي على سورياالمصدر: متداول
09 سبتمبر 2024، 2:51 م

قصفت إسرائيل، ليل الأحد - الإثنين، مواقع عسكرية في حماة وسط سوريا، وعلى الساحل السوري؛ حيث يعد هذا الهجوم هو الأقوى خلال الأشهر الفائتة. 

وارتفع عدد قتلى الهجوم الإسرائيلي على مواقع في محيط مدينة مصياف بريف حماة إلى 14، بالإضافة إلى 43 جريحاً بينهم 6 في حالة حرجة، وفقا لوكالة "سانا"الرسمية السورية.

من جهته، أوضح المرصد السوري لحقوق الإنسان أن الغارات استهدفت منطقة البحوث العلمية بمصياف، وموقع حير العباس، وموقعين آخرين بمنطقة الزاوي في ريف مصياف، ما أدى إلى اندلاع حرائق في المواقع المستهدفة، بالإضافة إلى جسم عائم في البحر قبالة سواحل بانياس، مشيرا إلى أنه نجم عنها كذلك تدمير مبان ومراكز عسكرية، واندلاع حرائق في المناطق الحرجية على طريق مصياف وادي العيون ومنطقة حير العباس.

 

أكثر من "درء مخاطر"

الكاتب والمحلل السياسي السوري مازن بلال، يرى في حديث لـ"إرم نيوز"، أن الغارات الإسرائيلية على سوريا توضح أن هذا الإجراء العسكري تجاوز منذ بداية العام مسألة "درء المخاطر" وفق التعبير الإسرائيلي، فبينما كانت الاعتداءات بحسب التصريحات الإعلامية الإسرائيلية تتحدث عن استهداف الوجود الإيراني أو شحنات الأسلحة لحزب الله، فإن معدل الاعتداء الذي تجاوز عمليا الستين هجوما جويا منذ بداية العام؛ يضع خطر المواجهة بين سوريا وإسرائيل في موقع جديد.

ويقول المحلل السوري، إن إسرائيل تنفّذ هذه الاعتداءات في وقت تخوض فيه حربا على غزة وعند الحدود مع لبنان.

وبحسب التقارير الأمريكية، فإن الجيش الإسرائيلي منهك بعد قرابة عام من بدء الحرب بعد عملية طوفان الأقصى، لكنه على الرغم من ذلك يراقب مساحة واسعة من سوريا ليس بوصفها جبهة محتملة فقط، بل أيضا بوصفها جزءا من معركة مستقبلية، وعدوًّا يمكن أن يظهر على نحو مفاجئ، وهذا يدفع القيادة الإسرائيلية إلى التعامل مع أهداف محتملة تشكل خطرا لا يرتبط بالوقت الحالي فقط، بل يشكل حالة خاصة تهدد التوازن لإسرائيل على المدى المتوسط.

وفقا للكاتب بلال، فإن "الضربات الأخيرة ليست موجهة لإيران حصرا، فالمنطقة المستهدفة هي مركز أبحاث يمكن أن يوجد فيه خبراء إيرانيون، وبات معروفا أن مصياف تحوي مركز أبحاث كان طوال السنوات الماضية هدفا للعديد من الاعتداءات الإسرائيلية".

ويعتقد الكاتب السياسي السوري أن الغارات الأخيرة لم تكن نوعية إنما يبدو أن الاستهداف لم يحقق إصابات في المرة الأولى، ما دفع لعدة موجات من الغارات أصابت مناطق مدنية، وهو ما يفسر العدد الكبير من الضحايا، حسب قوله.

ويضيف: "عسكريا لا يمكن معرفة دقة الإصابة التي حققتها الغارات، لكن الملاحظ أن سوريا كجبهة عسكرية يتم النظر إليها ليس فقط كخطر محتمل، أو خط دعم لوجستي لحزب الله، إنما كبنية عسكرية يمكن أن تتطور سريعا، والعامل الإيراني في هذا الموضوع حاسم، فموسكو حتى الآن تقوم بهيكلة الجيش دون أي عملية لتطوير البنية التحتية العسكرية".

ويشير بلال إلى أن إسرائيل قلقة من تحالف التطوير العسكري بين إيران وسوريا وبشكل يجعل من دمشق جزءا من التوازن العسكري والسياسي من جديد، واستهداف البنى التحتية للجيش هدفه في النهاية إبقاء الخلل في التوازن العسكري القائم مع الدولة الوحيدة الباقية في حالة حرب مع إسرائيل، ويقصد سوريا.

خارطة الهجمات

يلفت المحلل السوري إلى أن "خارطة توزع الهجمات الإسرائيلية تبين تكرار الضربات على مناطق معينة، وباستثناء بعض الحوادث الخاصة التي دخلت ضمن إطار الاغتيالات المباشرة، أو حتى الاستهداف الخاص لشخصيات إيرانية في دمشق، فإن بعض الأهداف يتم الاعتداء عليها اعتداء متكررا، بما فيها مركز البحوث في حماة الذي كان أيضا هدفا خلال السنوات الماضية، وهذا الأمر يؤشر إلى أن الأهداف الإسرائيلية مرتبطة بالدرجة الأولى بالبنية التحتية العسكرية.

في المقابل، يشير الكاتب السياسي السوري إلى أن دمشق كانت الأكثر استهدافا بسبب عمليات الاغتيال، لكن المناطق في ريفها أو ريفي حماة وحلب هي النموذج الإسرائيلي الأساسي للاعتداءات، إذ تم اختيار أهداف تمثل عودة سوريا إلى التوازن العسكري مع إسرائيل، وتوضح خارطة الاستهدافات أيضا أن تلك المناطق، على الرغم من أنها لا تمثل أي خطر مباشر، فإنها في دمشق هي نقاط دفاع أساسية منذ حرب 1973، بينما في حلب وحماة هي مواقع بنية تحتية للجيش، وهو ما يعني بالدرجة الأولى محاولات إسرائيلية لفرض واقع عسكري يمنع سوريا، ولو مستقبلا من إيجاد أي توازن عسكري مع إسرائيل.
 

ويقول: "بالرغم من أن الهجمات الإسرائيلية لم تتوقف منذ عام 2011، لكنها تبدلت في نوعية الاستهداف، خصوصا خلال العام الحالي، فهناك تخوف واضح من نهاية الأزمة السورية، وهذا يعني إعادة تجميع الجيش مجددا في المناطق الساخنة عند الحدود مع إسرائيل في الجولان المحتل". ويتابع: "على الرغم من أن اتفاقيات عام 1974 لفصل القوات منعت أي حرب مباشرة في تلك الجبهة، فإن المعادلات الإقليمية تغيرت، وعودة جبهة الجولان لتصبح جبهة مرنة على نموذج الجبهة اللبنانية – الإسرائيلية نفسها هو أمر يدخل ضمن حسابات الجيش الإسرائيلي".


في حسابات الحرب مع إسرائيل يقول بلال، إن التوازن العسكري أساسي للقيادات الإسرائيلية، وهو معركة خاصة تُخَاض بشن الاعتداءات على سوريا التي ما زالت خطرا واقعيا، وليس مجرد احتمال، فالعمليات العسكرية الإسرائيلية لم تعد مجرد تحييد لخطر محتمل، بل معركة لكسب التوازن الإقليمي مع دمشق، على الرغم من كل النتائج التي ترتبت عن الأزمة السورية عسكريا وسياسيا.

هروب إلى الأمام

من جهتها، تقول الكاتبة والمحللة السياسية السورية ميس كريدي، إن "الاعتداء على سوريا بالأمس هو محاولة هروب نحو الأمام، ويمكن إدراجها ضمن تكتيكات الحرب وعمليات الترويع".

 وأضافت كريدي، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن الغارات على سوريا تكشف عن واقع إسرائيل المأزوم، والتي تخوض حرب استنزاف طويلة مع "مقاتلين يظهرون كالأشباح في حرب لا تنتهي".

 وترى كريدي أن "الإسرائيليين يحاولون تفريغ أزماتهم ومشاكلهم من خلال هذا النوع من الاعتداءات. وهم يتعاملون مع سوريا وفقا لحجج وأكاذيب واهية ورواية مزعومة تتحدث عن أنه يتم قصف مقار للحرس الثوري، لكن ما يتم قصفه هو مقار سورية"، حسب وصفها.

وقالت كريدي، إن نتنياهو يريد صناعة معادلة بديلة عن "حرب الأشباح" و"المسافة صفر" التي يخوضها جنوده في غزة، ويحاول أن يستثمر في ضرباته وغاراته على سوريا لتقديمها كجرعة معنوية لمواطنيه المهزومين معنويا، وبالمقابل ترويع وتخويف المنطقة.

وأشارت إلى أن المسألة باتت عرضاً عسكريًّا في الإبادة وتغيير قواعد الاشتباك. فنتنياهو يريد من الاعتداء على سوريا أن يضرب صيغة الدولة، ليدمرها عبر قصف طويل على مواقع سورية.

وتختم كريدي: الغاية كانت دائما خلال الحروب كلها تدمير سوريا؛ ومن المعروف أنه "طالما كانت سوريا موجودة فهناك إمكانية لقلب المعادلة واستعادة الأراضي، أو لإنتاج حالة تنسيق عربي وحالة شكل من أشكال المواجهة". ولذلك؛ والكلام لكريدي، نحن أمام اختبار وطني وحقيقي لقناعاتنا بهذه الدولة؛ لأن إسرائيل تسعى لهز صيغة الدولة السورية.

 

 

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC