الرد الإسرائيلي على هجمات الحوثي.. غاب الردع وحضر العقاب الجماعي

لم يكن الرد الإسرائيلي على هجوم الحوثي مفاجئًا من حيث سرعة رد الفعل وكيفية التنفيذ الذي جاء على شكل جاء هجمات جوية متتالية شنها الطيران الحربي الإسرائيلي على ميناء الحديدة في اليمن، لكن استهداف البنية التحتية للميناء الذي يعد شريانًا رئيسيًا لمعظم اليمنيين واستهداف مصادر الطاقة فيه جاء تأكيدًا على عقلية ومنهج العقاب الجماعي الذي تنتهجه إسرائيل في ردها على هجمات الميليشيات في لبنان واليمن، وقبلها في قطاع غزة.

لكن هذا الرد يعكس أيضًا حالة الصدمة التي أصابت تل أبيب بعد استهداف ميليشيا الحوثي قلب إسرائيل بمسيرة إيرانية، نظرًا لطول المسافة التي قطعتها المسيرة المحملة بصواريخ دون قدرة الدفاعات الجوية الإسرائيلية وأنظمة الدفاع التكنولوجية المتقدمة على إسقاطها أو حتى رصدها على أقل تقدير.

معضلة إستراتيجية

ويشكل هذا الاختراق معضلة إستراتيجية لإسرائيل على المستوى السياسي والعسكري من ناحية قدرتها على التعامل مع عدة جبهات باستخدام الأسلوب الهجومي نفسه باستخدام المسيرات من قبل إيران أو ميليشياتها "حزب الله" شمال إسرائيل، والحوثي من الجهة الجنوبية، إضافة إلى الهجمات من الأراضي السورية والعراقية.

وبالعودة إلى الرد الإسرائيلي، فالدمار الذي لحق بالميناء لن يحقق عنصر الردع للميليشيا الحوثية بقدر ما سينتج عنه من مأساة إنسانية للمواطنين اليمنيين المدنيين الذين يعانون منذ سنوات من ويلات سيطرة الحوثيين على مناطق شاسعة من اليمن.

ويُعدّ تحقيق عنصر الردع إحدى الإستراتيجيات العسكرية – السياسية التي تنفذها الدول على شكل ضربات استباقية لمنع الدول أو التنظيمات والميليشيات من شن هجمات أو حتى مجرد التفكير فيها، وتركز فيها الهجمات على استهداف البنية التحتية العسكرية والقدرات والمعدات لشل قدرة الجهات المعادية.

أما الهجمات الإسرائيلية على ميناء الحديدة فتصنف كرد فعل على الهجوم الذي شنه الحوثيون على تل أبيب بواسطة مسيرة محملة بالصواريخ، وتكمن المعضلة في مكان وموقع الاستهداف الذي من المفترض أن يركز على المواقع العسكرية عموما، بما فيها انتشار المسلحين ومستودعات الأسلحة أو مسارات نقل الأسلحة وصولًا إلى مصدرها الذي تعلم الأطراف الإقليمية والدولية جميعها بما فيها إسرائيل أنه يقع في طهران.

إجراء غير رادع

وميليشيا الحوثي ليست دولة أو حكومة بالمعنى الدولي المتعارف عليه، بل هي ذراع إيراني على شكل تنظيم مسلح مصنف كتنظيم إرهابي لن يردعه عن تنفيذ أوامر طهران أو تغيير قصف ميناء الحديدة وانقطاع خطوط الغذاء والطاقة عن المدنيين الأبرياء في اليمن، وإلا لكانت الهجمات على بيروت وضواحيها على مدار أكثر من عشرين عاما ردعت "حزب الله" عن الاستمرار بتنفيذ المخطط الإيراني في المنطقة.

 كما أن قتل عشرات الآلاف من الأطفال والنساء والمدنيين لم تردع "حماس" عن إطلاق صاروخ بدائي على إسرائيل يقابله رد إسرائيلي بمئات الصواريخ.

ويُعتبر ميناء الحديدة الحيوي الشريان الرئيس لواردات الغذاء والوقود والمساعدات لملايين اليمنيين في الشمال الذين يرزخون تحت وطأة الفقر والمعاناة منذ سيطرة الحوثيين، وبالتالي زادت الغارات الإسرائيلية من معاناة اليمنيين الأبرياء، ولن تردع ميليشيا تنفذ أجندة خارجية إيرانية، ولا تلقي بالا لنتائج وانعكاس ذلك على الشعب اليمني كما حال الشعوب التي تعاني من تواجد ميليشيات إيران على أراضيها.