الجيش الإسرائيلي يبدأ موجة جديدة من الغارات الجوية على جنوب لبنان

logo
العالم العربي

خبير عسكري لـ "إرم نيوز": هذه دلالات وأهداف الهجوم الإسرائيلي على سوريا

خبير عسكري لـ "إرم نيوز": هذه دلالات وأهداف الهجوم الإسرائيلي على سوريا
كمال الجفاالمصدر: إرم نيوز
09 سبتمبر 2024، 6:54 م

في تصعيد هو الأكبر منذ بداية الحرب الإسرائيلية على غزة في 7 سبتمبر/ أيلول، شن سلاح الجو الإسرائيلي هجوماً واسعاً وعنيفاً على سوريا، استهدف العديد من النقاط العسكرية، وأوقع الهجوم 57 مدنياً وعسكرياً ما بين قتيل وجريح.

وتثار تساؤلات، في الأوساط السياسية عن الهدف الإسرائيلي وراء هذا الهجوم، والسر وراء اختيار التصعيد في هذا الوقت، الذي يبدو فيه أن مفاوضات الهدنة في غزة وصلت إلى طريق مسدود.

ويطرح البعض سؤالاً مفاده هل تحاول إسرائيل استدراج سوريا إلى حرب مباشرة بعد أن أنهى "حزب الله" ردّه على اغتيال قائده البارز فؤاد شكر، وأحجمت إيران عن الرد على اغتيال إسماعيل هنية، رغم مرور 40 يوما على الاغتيال؟

"إرم نيوز" سأل الخبير العسكري والاستراتيجي السوري كمال جفا عن هذا التصعيد الخطير وحيثياته وأهدافه، وما يمكن أن يحمل من تطورات في قادم الأيام.

هجوم مزدوج ومركب

قال الخبير العسكري والاستراتيجي السوري كمال الجفا إنه "من الناحية التقنية كان هجوماً مركباً ومعقداً ومزدوجاً وهو الأكبر حجماً من حيث حجم المواقع المستهدفة وما تبعه من موجات من المسيّرات الانتحارية من نوع (هاربي)، والتي تكفلت باستهداف منظومات الدفاع الجوي التي شاركت في التصدي للموجة الأولى من الصواريخ".

وأضاف الجفا أن "منظومات الدفاع الجوي السوري أبلت بلاء حسنا في التصدي لعدد كبير من صواريخ الطائرات الحربية في الموجة الأولى.
ثم بدأت الهجمات الإسرائيلية بعملية تشويش واسعة على كل الاتصالات ومنظومات الدفاع الجوي، وبالرغم من التقنيات كلها التي استخدمتها إسرائيل في هذا الهجوم، فإن منظومات الدفاع الجوي استطاعت التعامل مع عدد كبير من هذه الصواريخ".

وتابع الخبير: "بعد ذلك بدأت الموجة الثانية من الهجوم بالمسيرات الانتحارية على كل منظومات الدفاع الجوي والرادارات التي تم التقاط موجاتها الرادارية؛ لأن المهام الأساسية لهذه المسيرات هي إخماد وتدمير منظومات الدفاع الجوي والرادارات، حيث تلتقط مستشعراتها كل ما يصدر من إشارات أو موجات رادارية، فتمسك بهذه الإشارات، وتتبعها إلى حين الوصول للهدف، فتنفجر به مباشرة".

وذكر الخبير العسكري أن "الهاربي لديها جناحا دلتا، وتتصل بجسم أسطواني على قمته رأس انجذابي ورأس قتالي، ويتحرك بمحرك دوراني وحيد من طراز AR731، من إنتاج UEL يولد طاقة تقدر بحوالي 28 كيلو-وات (37 حصاناً) مع مروحة دفع". 

ويشرح الخبير آلية عمل الطائرة المسيّرة الإسرائيلية، فيقول: "تُطْلَق (الهاربي) بواسطة صاروخ يُطلق بدوره من منصة إطلاق مثبتة على متن شاحنة يمكنها حمل 18 منصة إطلاق، ويمكن أن يتم وضع هذه الراجمة على السفن الحربية، وحتى يمكن إطلاقها من الطائرات".

ولفت الجفا إلى أن "مسار طيران (الهاربي) يخطط في المحطة الأرضية ويخزن بداخلها. وبعد الإطلاق تحلق بشكل ذاتي إلى منطقة الاستطلاع المحددة لها، وتبدأ في التعامل هناك عندما يقوم الرأس الانجذابي طوال الوقت بالبحث عن ترددات الرادار. وعندما تكتشف هوائي الترددات الخاص بمنظومة الصواريخ تهبط باتجاهه، وتفجر الرأس الناسف الخاص بها لكي تحدث له ضرراً بالغاً. وإذا تم إغلاق الرادار قبل تعرضه للضرب، تلغي الهجوم، وتعود إلى الاستطلاع. أما إذا لم يتم اكتشاف أي رادار في أثناء المهمة، فإنها تدمر نفسها".

عن الهدف والتوقيت

أشار الخبير العسكري السوري إلى أن "التوقيت لم يكن اعتباطياً أو آنياً، فالقرار في هكذا هجوم كبير يُتَّخَذ من قبل المجلس الحكومي المصغر؛ ذلك أن إسرائيل تدرس تبعات كل هجوم على أي دولة؛ لأنها تتوقع ردودا على هذه الهجمات، وبالتالي أعتقد أن هذا الهجوم الواسع مرتبط بالمفاوضات التي وصلت إلى طريق مسدود، وعدم رغبة نتنياهو بالتوصل إلى أي اتفاق أو وقف لإطلاق النار".

واستطرد: "نتنياهو يستغل الصراع المحتدم في الولايات المتحدة حول الانتخابات الأمريكية وضعف الإدارة الحالية مع انخفاض التوقعات بالنسبة لاشتعال حرب إقليمية بعد رد حزب الله على اغتيال القائد العسكري فؤاد شكر وعدم الرد الإيراني حتى الآن، في محاولة لإتاحة فرصة للمفاوضات التي كانت تجري في مصر والدوحة، والتي تبين خلالها بالدليل القاطع عدم رغبة إسرائيل في وقف هذه الحرب، بل توسيعها واستمرارها إلى حين بدء الانتخابات الأمريكية".

ونوه الخبير الجفا إلى أن "سوريا نأت بنفسها عن الحرب التي تجري في غزة وجنوب لبنان، ولم تكن جزءاً فاعلاً أو أساسياً، ومع ذلك لم تتوقف إسرائيل عن مهاجمة القوات السورية والأراضي السورية".

رسائل تطمين

وكشف الجفا أن "سوريا ومنذ بداية الحرب في غزة تلقت رسائل تطمين من دول عربية وغير عربية تمنت عليها ألا تكون طرفاً في هذه الحرب ولا داعماً ولا منطلقاً لأي هجوم من أراضيها على إسرائيل، وبالتالي هذا الموقف، وهذا الطلب قبلته سوريا لأسباب كثيرة، وكانت تعرف ضمناً أن إسرائيل لن تتوقف عن استهداف المواقع السورية والبنية التحتية العسكرية والمدنية لسوريا".

ورأى الخبير أن "سوريا تعرضت بسبب موقفها لانتقادات من حلفائها، لرفضها فتح أراضيها أمام (قوى المحور)، ولكن هذا الموقف السوري الإيجابي لم يلق أي تقدير أو احترام من قبل إسرائيل التي أثبتت بالدليل القاطع أنها لا تحترم أي تعهدات أو اتفاقيات أو التزامات دولية، وأن لغة القوة هي السبيل الوحيد لردعها، وإقامة توازن ردع هو ما يمنعها من استمرار هذه الاعتداءات على سوريا".

موقف ثابت وأولويات داخلية

واعتبر الخبير أن "الموقف السوري لن يتغير جذرياً بعد هذه الهجمات الإسرائيلية فجر اليوم؛ لأن القيادة السورية اتخذت قرارها منذ بداية الحرب على سوريا بالتركيز على تطهير الداخل السوري من سيطرة الجماعات المسلحة والإرهابية على أجزاء واسعة من الجغرافية السورية وإعادة بناء قدرات الجيش السوري تدريجياً، والتي استنزفت جداً بعد 12 عاماً من الحرب، من قبل المجموعات الإرهابية بكل تسمياتها تحت عناوين وشعارات مزيفة".

ويرى الجفا أن "الهدف من كل هذه الحرب على سوريا هو تقويض وتدمير قدرات الجيش والدولة السورية والبنية العسكرية والمدنية ومراكز البحوث، وهذا ما فعلته هذه المجموعات نيابة عن إسرائيل".

واستدرك قائلاً: "أما المواقع والمنشآت العسكرية والمدنية، والتي فشلت هذه الجماعات في استهدافها أو تدميرها، فقد تكفلت إسرائيل بمهاجمتها وتدميرها، وبالتالي لا تستطيع سوريا فتح جبهات قتالية وحرب واسعة مع إسرائيل في الجنوب، وترك جبهات ممتدة لأكثر من 275 كيلومترا من (جبهة النصرة) و(الحزب التركستاني) و(أجناد القوقاز) مفتوحة، وهم ينتظرون اللحظة التي تدخل فيها سوريا في حرب مع إسرائيل للهجوم على قوات الجيش السوري المتمركزة في جبهات إدلب وريف حماة وغرب وشمال حلب، وفق قوله.

ويعتقد الجفا أن "الموقف السوري سيبحث عن طرق أخرى عبر الحلفاء للرد على هذه الهجمات، وليس الدخول في حرب أو ردود مباشرة داخل إسرائيل؛ لأن إسرائيل ترغب في نقل المعركة إلى داخل سوريا، والتي تعتبرها جسر الوصول والعبور والتواصل بين أطراف "محور المقاومة" في العراق وسوريا ولبنان"، على حد تعبيره.

لا حاجة إلى دخول الحرب

الجفا يرى أن "لا حاجة لسوريا في الدخول بحرب"، فهي تستطيع أن تحقق ردها على هذه الاعتداءات من خلال الحلفاء، والذين لديهم قدرات لوجستية وتقنية وقدرات تسليحية تمكنهم من مقارعة إسرائيل لأشهر طويلة، وهذا ما يحدث في جنوب لبنان؛ لأن أساليب القتال مع إسرائيل دولة لدولة ستكون لصالح إسرائيل حتما على كل دول المنطقة، فكيف لسوريا وحدها أن تدخل في هذه المواجهة؟

أما أسلوب القتال مع فصائل ومجموعات مسلحة في لبنان والعراق ومع حماس فمختلفة كليا، وهي أساليب حرب عصابات أتقنتها هذه المجموعات وقادرة على القتال فيها لسنوات، وفق الخبير.

في المحصلة، يقول الجفا إن "سوريا قد تزيد دعمها، وقد تسمح لحلفائها باستهداف إسرائيل بعد هذه الهجمات، وربما نشاهد مزيداً من الدعم والإمداد لحلفاء سوريا، وربما تسمح بدخول قوات حليفة لها لتدعيم الجبهات المختلفة، لكن قواعد اشتباك من دول لدولة حاليا لا أعتقد أنها ستتغير أو ستتوسع".

واختتم الجفا بالتأكيد على أن "دخول سوريا وتغيير موقفها يحتاج إلى قرار إقليمي وتحالف حقيقي معها من قبل إيران وروسيا، وليس تركها في الميدان بدون إمدادات تعوضها عن خسائرها التي ستفقدها جرّاء هذا القرار".

 

 

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC