تعرضت لهجوم صاروخي أمس السبت، أسفر عنه عشرات القتلى والجرحى، اتهمت فيه إسرائيل ميليشيا حزب الله، الأمر الذي نفته فورا الجماعة اللبنانية، لتتوالى بعدها الردود الدولية ما بين التنديد والتهديد ودعوات التهدئة، فما هي قرية مجدل شمس الواقعة في مرتفعات الجولان المحتل، وما أهميتها؟
تُعد مجدل شمس أكبر القرى الدرزية في مرتفعات الجولان السوري المحتل منذ 1967، تقع عند سفح جبل حرمون، ويقطنها حوالي 12 ألف نسمة، ورغم محاولة إسرائيل على مدى عقود لطمس هويتهم، لكنهم متمسكون بانتمائهم إلى سوريا.
ولهذه القرية أهمية تاريخية تعود إلى عصور قديمة، وذلك لموقعها الاستراتيجي من جهة، وخصوبة أراضيها من جهة أخرى، كما شهدت صراعات مختلفة، أبرزها في ستينات القرن الماضي، عندما سقطت مرتفعات الجولان بيد الجيش الإسرائيلي، قبل أن يضمها رسمياً مطلع الثمانينات، لكن السيطرة الإسرائيلية على الجولان لم تحظ بأي اعتراف دولي، باستثناء الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب الذي أقرّ بسيادتها على المرتفعات في أثناء ولايته الوحيدة.
وعلى غرار سكان الجولان، يتمسك أهالي مجدل شمس بهويتهم السورية، وقاوموا لعقود محاولات إسرائيل فرض قوانينها وهويتها عليهم.
ولطالما أعلنت إسرائيل أنها لن تتخلى عن مرتفعات الجولان التي تُسيطر عليها منذ أكثر من نصف قرن، مؤكدة على لسان مسؤوليها أنها ماضية في بناء المزيد من المستوطنات، بينما تستنكر دمشق تلك التصريحات وتصفها بـ"العدوانية"، متهمة تل أبيب بانتهاك قرارات الشرعية الدولية.
وتمتد مجدل شمس على مساحة 12 كيلو متر مربع في هضبة الجولان التي تُقدر مساحتها بـ 1860 كيلومتراً مربعاً، ويبلغ أقصى ارتفاعاتها في جبل الشيخ 2814 متراً، بينما تعد منطقة البطيحة أخفض نقطة عن سطح البحر (200 متر).
وإلى جانب غناها بالمياه ومناخها المعتدل والمتنوع، وخصوبة أرضها ومناسبتها لزراعة أجود أنواع التفاح والعنب الكرز، شكّلت هضبة الجولان عبر تاريخها نقطة تلاقي حضارات وثقافات ومسرحاً للعديد من الصراعات. كما تُعد القرية نقطة انطلاق للرحلات والمشي والتزلج على جبل الشيخ.
وتعود تسمية "مجدل شمس" التي تعني بالعربية "برج الشمس" إلى العهد الفينيقي، حيث وُجدت آثار لمعبد فينيقي لتقديس "إله الشمس" ومعصرة زيتون فينيقية، ويُعتقد أن ملك صور المسمى "حيرام" هو من أمر ببناء معبد للشمس في هذا المكان في أثناء وجوده في رحلة صيد بالمنطقة.
وإبان الحكم العثماني كانت مجدل شمس مع سائر "إقليم البلان" تابعة لقضاء راشيا في محافظة "جبل لبنان"، وبعد الاحتلال الفرنسي (1920-1946) أصبحت تابعة لمحافظة دمشق في سوريا.
وبعد حرب 1967 احتلت إسرائيل مرتفعات الجولان "بما فيها مجدل شمس" التي ما زالت خاضعة لاحتلالها، وحاولت عام 1982 فرض الجنسية الإسرائيلية على سكانها وسكان الجولان عموما.
وفي يوليو/تموز 2010 اضطرت الشرطة الإسرائيلية إلى الانسحاب من مجدل شمس إثر مواجهات مع الأهالي في محيط منزل اقتحمته لتفتيشه، مما أغضب السكان، ودفعهم إلى محاصرة أفراد الشرطة واحتجازهم، فدفع ذلك الجيش الإسرائيلي للتدخل.
وفي 20 حزيران 2011 قررت الحكومة الإسرائيلية بناء جدار شائك يبلغ ارتفاعه ثمانية أمتار وطوله أربعة كيلومترات قرب مجدل شمس وتحديدا عند "تل الصيحات" أو "تل الصراخ"، وهي المنطقة التي يتبادل فيها أهالي الجولان الحديث عبر مكبرات الصوت مع أقربائهم داخل سوريا، واكتمل بناء الجدار في عام 2012، وربط بنظيره على الحدود مع لبنان.
ويعتمد سكان مجدل شمس بالدرجة الأولى على زراعة الخضار والفواكه خاصة التفاح والكرز، ولا سيما أن القرية يجاورها "سهل اليعفوري" الواقع بينها وبين قرية "مسعدة" على مساحة تقارب 3200 دونم (الدونم يعادل ألف متر مربع)، ويعد أقدم منطقة زراعية شمالي الجولان، وفيه بدأت زراعة التفاح بالمنطقة.
وحالياً، تشهد الجبهة الشمالية لإسرائيل، ارتفاعا في حدة الهجمات المتبادلة مع ميليشيا حزب الله، حيث نفذت الأخيرة هجوما داميا استهدف بلدة مجدل شمس في الجولان.
وأكدت مصادر إسرائيلية، مساء السبت، وقوع قتلى وجرحى إثر انفجار صاروخ أطلق من جنوبي لبنان صوب بلدة مجدل شمس في الجولان.