3 غارات إسرائيلية على بلدة الخيام جنوبي لبنان

logo
العالم العربي

بعد اغتيال نصر الله.. ما التحدي الأبرز الذي سيواجهه "حزب الله"؟

بعد اغتيال نصر الله.. ما التحدي الأبرز الذي سيواجهه "حزب الله"؟
حسن نصر اللهالمصدر: رويترز
29 سبتمبر 2024، 10:48 ص

 محمد صالح الفتيح‬

ما إن مضت 48 ساعة على انطلاق عملية "أسهم الشمال" حتى ظهر حديث أوروبي-أمريكي يقترح وقفًا مؤقتًا لإطلاق النار بما يوحي بأن جولة الاشتباكات الحالية ستكون مختصرة بشكل استثنائي. 

ما دعم هذا الأمل هو السقف المنخفض للهدف العسكري المعلن للعملية من جانب إسرائيل وهو فقط إعادة سكان الشمال بأمان لمساكنهم، ولكن المسار الميداني المتسارع بشكل دراماتيكي بات يؤكد أن الحرب الحالية مرشحة للاستمرار لفترة طويلة، فقد تابعت إسرائيل التصعيد حتى بعد اغتيال أمين عام "حزب الله"، في 27 سبتمبر لتتحدث في اليوم التالي عن تطبيق حصار جوي وبري على لبنان، وذلك بعد أن نجحت بالفعل في إجبار الطائرات الإيرانية على عدم استخدام مطار بيروت الدولي، وقصفت كذلك عددًا من المعابر البرية غير النظامية بين سوريا ولبنان.

أخبار ذات علاقة

زيارة سريعة كلفته حياته.. كيف علمت إسرائيل بوجود نصر الله في بيروت؟

دروس 2006

قد يكون إعلان هدف رسمي صغير نسبيًا أحد دروس حرب 2006 التي تبنت خلالها إسرائيل سقفًا مرتفعًا للأهداف، ودون أن تكون قد استعدت سابقًا للحرب.

التحركات الإسرائيلية الحالية تظهر أن السقف الفعلي يشمل إلحاق ضعف استثنائي بقدرات "حزب الله" وعلى إطالة أمد المواجهة الحالية إلى حين تحقيق أكبر طيف ممكن من الأهداف. 

استمرار التركيز على استهداف قادة "حزب الله" له تبعاته العسكرية والسياسية التي تتقاطع مع هذه الأهداف، فمن الناحية العسكرية لم يصل "حزب الله" حتى إلى مستوى 10% من الضربات التي كانت الدراسات الإسرائيلية تتوقعها في السنوات الماضية، آخر التقديرات الإسرائيلية صيف هذا العام كانت تتوقع أن "حزب الله" سيطلق 8,000 صاروخ في أول يوم للحرب، ثم ينخفض العدد إلى 3,000 يوميًا ويستمر بذلك لأسابيع. 

إطلاق الصواريخ من جانب "حزب الله" لم يتغير بشكل دراماتيكي بالمقارنة مع الفترة السابقة لانطلاق "أسهم الشمال" وهذا ما يعكس أن قيادته لم تستطع العمل بشكل فعال وتبني خطة عملياتية جديدة، أو لم يكن من الممكن إيصال هذه الخطط بشكل فعال للمستويات الأدنى في "حزب الله".

الخلل في مستويات القيادة في "حزب الله" سيمنعه كذلك من مناقشة العروض السياسية الدولية لوقف الحرب، فأي قبول بهذه الطروحات يحتاج إلى قيادة سياسية ذات رصيد وازن لكي تستطيع تسويقها لكوادر "حزب الله" وجمهوره.

خلل إستراتيجي

هذا الخلل سيمنح إسرائيل الوقت الذي تحتاجه لتطبيق خططها العسكرية التي عملت عليها منذ 2006. الهدف الرئيس هو استهداف مخزون صواريخ "حزب الله" وهي بشكل رئيس فئتان: قصيرة ومتوسطة المدى (أي حتى 100 كيلومتر) وكانت التقديرات الإسرائيلية قبل الحرب الحالية أنها تتجاوز 140 ألف صاروخ، وطويلة المدى (100 إلى 300 كيلومتر) وتضم خصيصًا الصواريخ البالستية الدقيقة التوجيه، مثل "فاتح 110" الإيراني الصنع، ويقدر عددها بـ3,000 صاروخ يرافقها ما بين 125 إلى 150 منصة إطلاق.

وبحسب وتيرة الاستهداف الحالية يبدو التركيز الإسرائيلي منصبًا على الفئة الأولى؛ وذلك لكونها الأكثر خطرًا؛ بسبب قدرتها على إغراق الدفاعات الجوية الإسرائيلية بما يسهل مهمة الصواريخ البالستية ذات المدى الأطول باختراق هذه الدفاعات، وذلك عند تنفيذ ما يوصف بالضربات المركبة التي تشمل عدة أنواع من الصواريخ وبأمدية مختلفة.

أخبار ذات علاقة

نيويورك تايمز: إسرائيل دمرت الرتب الرفيعة لـ"حزب الله" وتركته "يترنح"

 ومن المحتمل كذلك أن إسرائيل تؤجل البدء باستهداف الصواريخ ذات المدى الأبعد، وهي الأثمن دون أي مقارنة، لكي لا تدفع "حزب الله" للبدء باستخدامها بشكل واسع تجنبًا لفقدانها. كما لا يستبعد أن إسرائيل تنتظر وصول حاملة الطائرات الأميركية والسفن المرافقة لها (وهي مزودة بقدرات دفاع جوي ضد الصواريخ البالستية)، إلى شرق المتوسط قبل أن تنتقل إسرائيل لمستوى جديد من التصعيد ضد "حزب الله".

وبعيدًا عن العمليات الجوية، يبقى العمل البري مرجحًا بقوة لأسباب عدة، فضرورة تنفيذ العمل البري الواسع هي أحد دروس حرب 2006، وتحتاجه إسرائيل لأسباب معنوية ولدعم صورة الردع، كما أن العمل البري ضروري لإزالة التهديدات التي لا يستطيع سلاح الجو التعامل معها بشكل جيد، وهي المرابض الصغيرة لمدافع الهاون التي يغطي مداها المناطق التي نزح منها السكان في شمال إسرائيل.

ومن الناحية السياسية، هذا الدخول البري سيسهل على الأمم المتحدة والقوى الدولية المعنية تطبيق القرار 1701 الصادر في 2006، والذي ينص على إنهاء أي وجود مسلح جنوب نهر الليطاني، في جنوب لبنان، باستثناء وجود الدولة اللبنانية وقوات الأمم المتحدة، وبالمجمل يبدو الهدف الإسرائيلي الفعلي هو تغيير الواقع في لبنان على الأقل لخمس أو عشر سنوات مقبلة.

اغتيالات واختراقات

ولكن مقابل ما يبدو بشكل جلي أنها عمليات عسكرية وخطط محضر لها بشكل معمق، يبدو "حزب الله" بمظهر من لم يدرك حتى الآن حجم ما يحصل. فبالإضافة لتتالي الاغتيالات والاختراقات التقنية والأمنية، وعدم الوصول لمستوى إطلاقات الصواريخ التي توقعتها إسرائيل من جانبه، هناك بعض المشاهد الرمزية اللافتة التي تدعم هذا الاستنتاج، أبرزها أن "حزب الله" أجرى قبل ساعات من استهداف قيادته المركزية في الضاحية الجنوبية، يوم 27 سبتمبر حفل تشييع رسميًّا لأحد قادته، في الضاحية الجنوبية، بمرافقة مواكب وفرق موسيقية وحضور بعض قادة "حزب الله"، بما يعكس اعتقاد "حزب الله" أن الضاحية لا تزال خطاً أحمر، بالرغم من أنها ضربت قبل ذلك ست مرات.

ثم جاءت الضربة السابعة ضد المقر المركزي في الضاحية بـ85 قنبلة خارقة للتحصينات، كل منها زنة 1 طن، وليقضي في الاستهداف ما يصل إلى 300 شخص، بينهم الأمين العام لـ"حزب الله".

التحدي الأهم لـ"حزب الله" حاليًا هو سياسي، ويتعلق باتخاذ القرارات الإستراتيجية التي تستجيب لما ظهر في الأسبوع الأول من "أسهم الشمال"، إلا أن الضربات التي تلقاها "حزب الله" ستجبر الصف الجديد من القادة، وأغلبهم سيخرج من الظل للمرة الأولى، على تأكيد شرعيتهم وقدرتهم على ملء الفراغ الذي أحدثه غياب رجال ألهموا مقاتلي "حزب الله" لثلاثة أو أربعة عقود.

هذه الضغوط، وتلك التي تمارسها إيران، ستدفع هؤلاء القادة إلى رفض أي تسويات سياسية أو مقترحات بالتهدئة يحملها المبعوثون الأمريكيون والأوروبيون، وهذا بدوره سيعني إطالة أمد الحرب، وهذا ما يمنح إسرائيل نافذة الفرصة الكافية لمتابعة ضرب بنك الأهداف الذي راكمته خلال عقدين من الزمن. 

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC