رويترز: شبكة صينية سرية تسعى لاستقطاب موظفين أمريكيين مفصولين
يراقب السوريون بقلق، توارد الأخبار عن عمليات التسوية التي تواصل الإدارة السورية الجديدة مع رموز ومسؤولي النظام السابق، والتي وصلت إلى إعادة بعضهم إلى مواقعهم السابقة أو ترقيتهم.
وتضج صفحات السوريين على مواقع التواصل الاجتماعي بمنشورات وفيديوهات تبين تنامي الغضب من القرارات التي تتخذها الإدارة السورية الجديدة برئاسة أحمد الشرع فيما يخص هذا الملف الذي ينكأ جراحهم ويشعرهم بأن "العدالة الانتقالية" قد تتحول إلى "عدالة انتقائية" إذا ما استمر تقديم التنازلات وعقد المصالحات مع مسؤولي الأسد وشركائه.
معاونة الوزير أمس.. مستشارة اليوم
آخر ما تداوله السوريون، كان القرار الصادر عن وزير النقل السوري، بهاء الدين شرم، والذي يقضي بتعيين المهندسة بشرى ناصيف مستشارة له، وكانت ناصيف قد شغلت سابقًا منصب معاون وزير النقل في حكومة النظام المخلوع.
وقبل ذلك بأيام، أصدر الوزير قرارًا بتعيينها عضوةً في مجلس إدارة الشركة السورية الأردنية للنقل البري، وهي مؤسسة حكومية بالشراكة مع الأردن.
وأثار القرار جدلًا واسعًا بين السوريين، الذين رفض كثيرون منهم القرار، وعدّوه استهتارًا بعذابات السوريين، وتنازلًا من طرف السلطة الجديدة عن أحد أبرز شروط العدالة الانتقالية، مشيرين إلى أن مكان هؤلاء هو المحاكمة والسجن، وليس تنصيبهم من جديد في مواقع القرار.
بحسب مصادر في وزارة النقل، كان من المتوقع أن تُحال ناصيف إلى التحقيق بسبب شبهات فساد ارتكبتها خلال عملها السابق، حيث كانت تُوصف بأنها "مدعومة" لانتمائها إلى القرداحة وزواجها من الرائد الفارّ حاليًّا، سامر شاليش، المتهم بارتكاب جرائم حرب على حواجز غوطة دمشق عام 2018.
وتُعرف ناصيف بسيطرتها على جميع البعثات الخارجية للوزارة، حيث كانت تحدد من يُسمح له بالسفر، وهو أمر شائع في وزارات النظام، حيث يكون القرار النهائي بيد صاحب النفوذ والوساطة.
وقوبل قرار تعيينها باستياء واسع من قبل العاملين في الوزارة، وخاصة المفصولين لأسباب سياسية، فضلًا عن المتضررين من منظومة الفساد السابقة.
لا حديث عن الماضي!
بالتزامن مع هذه الحادثة، تداول السوريون اليوم، فيديو لوزير الاقتصاد في الحكومة المؤقتة ماهر الحسن، خلال اجتماع له مع غرفة تجارة دمشق، يظهر فيه وهو يمنع أحد الأعضاء من "الحديث عن الماضي"، حيث قال بالحرف "إن الثورة انتهت والمعارضة انتهت.. نحن اليوم سوريون جميعًا ونحط إيد بإيد لنبني سوريا الحديثة .. نحن اليوم بناة دولة"، وفق قوله.
وأثارت تصريحاته المسربة غضبًا واسعًا، من باب أن الإدارة الجديدة تحاول إغلاق ملف الجرائم التي ارتكبها النظام السابق، ومعها ملف العدالة الانتقالية، و"تجري تسويات مع رموز النظام السابق، فيما ما زال جرح السوريين مفتوحًا ونازفًا"كما يقول نشطاء سوريون.
أحد هؤلاء، المحامي المعروف باسل سعيد مانع، الذي قال إن "من يسمع الوزير خليل وهو يتحدث عن نسيان الماضي يظن بأنه أحد وزراء النظام المخلوع".
وكتب مانع منشورًا في صفحته على "فيسبوك" قال فيه "شو سيادة الوزير.. صرت وزير وجلست بمنصبك ولم تعد تريد التكلم عن المجازر في حماة وتدمر وحلب وصيدنايا والبراميل والفساد والشبيحة والكيماوي.. وقتل مليوني إنسان وتهجير ملايين البشر ونهب الخزينة المركزية..".
مضيفًا: "لم تعد تريد لأهالي الضحايا والمفقودين أن يتكلموا عن أبنائهم وكيف استشهدوا؟".
وتساءل المحامي مانع: "هل الثورة انتهت فيما قسد تستولي على ثلث الأراضي السورية بثرواتها وبشرها.. هل تم تطبيق العدالة الانتقالية، ومحاسبة المجرمين والمتورطين، وتعويض المتضررين وذوي الضحايا.. هل تمت المصالحة والمسامحة حتى تريد منع التكلم عن الماضي؟".
تسويات سابقة و"إعادة تدوير"
ويبدو أن هذا الملف "التسويات" سيبقى مثار جدل بين السوريين، نظرًا لتوجهات الإدارة الجديدة بإعادة المزيد من مسؤولي النظام السابق، إلى مناصبهم أو مناصب جديدة، بمبررات مختلفة منها خبرتهم الضرورية في هذه المرحلة، أو حتى حاجة السلطة الجديدة إلى أموالهم والأسرار التي يعرفونها.
ومنذ تسلم إدارة الشرع للسلطة في الثامن من ديسمبر الماضي، عمدت السلطات إلى إعادة العديد من مسؤولي ووجوه النظام السابق، بمن فيهم أشد المقربين لرأس النظام وزوجته، من أمثال لينا كناية، معاونة وزير شؤون الرئاسة السورية الهارب منصور عزام، وزوجها همام مستو المتهم بالشراكة مع أسماء الأسد في "نهب" الاقتصاد السوري، حيث ما زالت كناية تمارس عملها بشكل طبيعي في قصر الشعب.
كما أن مدير المكتب القانوني في القصر الجمهوري رامي السعيد لا يزال على رأس عمله مديرًَا للمكتب القانوني للقصر، وهو عمله نفسه في عهد بشار الأسد، حيث كان مكلفًا بتأسيس شركات الواجهة والظل التي كان النظام السابق يتهرب عبرها مع العقوبات الغربية، والمسؤول عن كتابة المرسوم الخاص بتجريم التعامل بالدولار.
أما نزار صدقني، المتهم بأنه كان واحدًا من بين مجموعة حقوقيين استعملهم نظام الأسد لطمس انتهاكات حقوق الإنسان التي قام "قيصر" بتوثيقها، وكرسهم ووظفهم لتكذيبها وتفنيدها والتشكيك بها؛ فقد عينته الإدارة الجديدة بمنصب معاون وزير العدل للشؤون القضائية، في خطوة لاقت استهجان شرائح واسعة من السوريين، دون أن يوقف هذا الاستهجان صدور المزيد من قرارات "التسوية" و"التدوير" لرموز النظام السابق، وفقًا لمراقبين.