logo
العالم العربي

لوموند: "انتكاسة أبدية" بين فرنسا والجزائر بسبب الصحراء المغربية

لوموند: "انتكاسة أبدية" بين فرنسا والجزائر بسبب الصحراء المغربية
إيمانويل ماكرون وعبد المجيد تبون في إيطالياالمصدر: رويترز
07 سبتمبر 2024، 2:52 م

ذكر تقرير نشرته صحيفة "لوموند" الفرنسية أن انتكاسة جديدة تعصف بالعلاقات بين الجزائر وباريس، لا سيما بعد التحول الفرنسي لصالح المغرب بشأن قضية الصحراء المغربية.

وتُعَدّ هذه الأزمة الثالثة في ثلاث سنوات، ما يؤكد أن العلاقة الثنائية غير قادرة على الخروج من دوامة الاضطرابات المتكررة.

أخبار ذات علاقة

بسبب اعتراف فرنسا بـ"مغربية الصحراء".. الجزائر تسحب سفيرها من باريس

ولفتت الصحيفة إلى أنه في 30 يوليو/ تموز، وجّه ماكرون رسالة إلى الملك المغربي محمد السادس، أعلن فيها رسميًّا أن فرنسا تدعم السيادة المغربية على الصحراء العربية.

وأوضحت الصحيفة أن خطة الحكم الذاتي المغربية لعام 2007 أصبحت الآن "الأساس الوحيد" للمناقشات من أجل إيجاد حل سياسي لهذا الإقليم المتنازع عليه.

وبحسب الصحيفة، فإن هذا التحول الفرنسي المؤيد للمغرب يمثل تغييرًا كبيرًا، مشيرة إلى أن باريس كانت ترى في خطة الحكم الذاتي المغربية "أساسًا جديًّا وموثوقًا"، ولكنها الآن تعدُّه "الأساس الوحيد"، وهو ما يمثل قفزة نوعية حقيقية.

غضب جزائري وترحيب مغربي

أشادت الرباط فورًا بالدعم الفرنسي، إذ كان الملك محمد السادس يبتعد عن ماكرون منذ ثلاث سنوات، والآن يمكن للعلاقات الفرنسية المغربية أن تعود إلى سابق عهدها، وهي العلاقة التاريخية الوطيدة التي تراجعت مع الزمن، لا سيما بعد رحيل جيل الرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك، وفقًا للصحيفة.

وأوضحت الصحيفة أن وزارة الخارجية الفرنسية حاولت دائمًا تفادي الوقوع في مأزق "اللعبة الصفرية" في شمالي إفريقيا، من خلال تحسين العلاقات مع المغرب من دون التسبب في تدهورها مع الجزائر، ولكنها اضطرت في النهاية إلى الاستسلام.

وأضافت أن قطع العلاقات بين المغرب والجزائر في صيف 2021، بعد انهيار وقف إطلاق النار في الصحراء المغربية في نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، وتطبيع العلاقات بين المغرب وإسرائيل في الشهر التالي، جعل محاولات فرنسا لتحقيق التوازن بين البلدين صعبة للغاية.

وأشارت الصحيفة إلى أنه خلال ساعات من نشر رسالة ماكرون، قررت الحكومة الجزائرية سحب سفيرها من باريس، في خطوة وصفتها الصحيفة بأنها أخطر من مجرد "استدعاء للتشاور".

وأصدرت وزارة الخارجية الجزائرية بيانًا أدانت فيه التحرك الفرنسي، واصفةً إياه بـ"خطوة غير مسبوقة" من أي حكومة فرنسية سابقة، مشيرة إلى أن الحكومة الحالية اتخذت هذا القرار "بخفة شديدة ومن دون وعي كامل بالتداعيات المحتملة".

أزمة لم يسبق لها مثيل

ووصفت صحيفة "الإكسبريسيون" الجزائرية الوضع بأنه "أزمة لم يسبق لها مثيل منذ 62 عامًا من العلاقات الجزائرية الفرنسية".

بدورها، حاولت باريس تهدئة الجزائر من خلال إبلاغها مسبقًا عن التحول القادم في موقفها بشأن الصحراء المغربية، وفعل ماكرون ذلك شخصيًّا خلال لقائه مع تبون في باريس، قبل ستة أسابيع من الإعلان الرسمي.

وكان الهدف تجنب "الصدمة"، على حد تعبير أحد الدبلوماسيين الفرنسيين، التي أحدثتها إسبانيا في مارس/ آذار 2022 عندما أعلنت دعمها لموقف المغرب في قضية الصحراء، ومع ذلك، لم يكن هذا التحرك الفرنسي كافيًا لتخفيف غضب الجزائر.

ووفقًا لعبد العزيز رحابي، الوزير والسفير الجزائري السابق، فإن "إبلاغ الدولة الأخرى بقرار نهائي هو تصرف غير ودي للغاية".

وأشارت الصحيفة إلى أن الأزمة تسببت في تجميد العلاقات بين باريس والجزائر، إذ اختفت كثير من الشخصيات الرسمية الجزائرية من المشهد، وتوقفت نحو 50 طلب تأشيرة فرنسية لأفراد عائلات المسؤولين الجزائريين، وتباطأ التعاون القنصلي بين البلدين، إذ انخفضت عمليات الترحيل بنسبة 60 بالمئة.

ورفضت الجزائر في أغسطس/ آب السماح بهبوط ثلاث طائرات شارتر فرنسية تحمل مهاجرين مرفوضين، ما أدى إلى إعادة المهاجرين إلى مراكز الاحتجاز في فرنسا، إذ يشكل الجزائريون ثلث المحتجزين البالغ عددهم 17,000.

تصاعد الأزمات

أكدت الصحيفة أن تكرار الأزمات في السنوات الثلاث الأخيرة، في أكتوبر/ تشرين الأول 2021 وفبراير/ شباط 2023، أصبح مثيرًا للقلق.

وأشارت الصحيفة إلى أن الجزائر لم تحظَ قطُّ بشريك في الإليزيه مثل ماكرون، الذي بذل جهودًا كبيرة في ملف الذاكرة التاريخية حول حرب الجزائر، وقد كان هدفه إنهاء الحداد على حرب الجزائر.

ويرى المؤرخ سيباستيان ليدوكس والباحث السياسي بول ماكس مورين في كتابهما "الجزائر في عهد ماكرون: تعقيدات السياسة الذاكرية" أن هذا المسعى كان محاولة "لإغلاق جراح الماضي" على غرار الاعتراف بمسؤولية الدولة الفرنسية في المحرقة اليهودية.

وقال إن هدف ماكرون كان أكثر محلية، إذ أراد إصلاح النسيج الاجتماعي الفرنسي، ولكنه حاول أيضًا ضم الجزائر إلى هذا المسعى، ما تسبب في أول أزمة في أكتوبر/ تشرين الأول 2021، عندما صرح بأن النظام الجزائري "بُني على استغلال الذاكرة" و"كراهية فرنسا".

وأوضحت الصحيفة أن هذه التصريحات أشعلت غضب الجزائر، التي استدعت سفيرها، وأغلقت مجالها الجوي أمام الطائرات العسكرية الفرنسية المتجهة إلى منطقة الساحل.

وقد استمرت الأزمة حتى فبراير/ شباط 2022، عندما استأنف تبون وماكرون الاتصالات بفضل تدخل الرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريلا، الذي دعا نظيره الجزائري إلى قمة ثلاثية مع فرنسا.

واندلعت الأزمة الثانية في فبراير/ شباط 2023، بعد ما أثيرت قضية "أمل إي"، الفتاة القاصر التي فرت من الجزائر إلى فرنسا بعد مزاعم عن تعرضها للعنف الأسري.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC