المغرب.. فوز حزب أخنوش في الانتخابات الجزئية يفاقم عزلة "الإخوان"

رأى محللون أن اكتساح حزب "التجمع الوطني للأحرار" - قائد الائتلاف الحكومي في المغرب - نتائج الانتخابات التشريعية الجزئية، يرجع إلى احتفاظ الحزب الحاكم بقوته، وتآكل شعبية "إخوان" عبدالإله بنكيران.

وأُعلن في المغرب، يوم الخميس، فوز "الأحرار" (وسط ليبرالي)، في الانتخابات الجزئية بدائرتيْ "الرباط" و"الفقيه بن صالح"، معززاً تصدره للمشهد السياسي في البلاد. 

وحصد مرشح الحزب سعد بنمبارك النسبة الأعلى من الأصوات بواقع 48,36%، وفقاً للنتائج الرسمية التي كشفت عنها السلطات المحلية، وجاء حزب "الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية" (المعارض)، في المركز الثاني بعدما حصد مرشحه ياسين التونارتي 28,06% من الأصوات. 

وفي المركز الثالث حلّ حزب "العدالة والتنمية" الإسلامي (المعارض) الذي نال مرشحه عبدالصمد أبو زاهير 14,92% من الأصوات، فيما جاء في المركز الرابع مرشح "فيدرالية اليسار" (المعارض)، فاروق مهداوي، بـ8,06% من الأصوات.

وتمكن حزب "التجمع الوطني للأحرار"، قائد الائتلاف الحكومي، أيضاً، من الفوز بالانتخابات الجزئية في دائرة "الفقيه بن صالح" بفارق مريح عن منافسيه.

اختراق غير مسبوق

واستطاع "الأحرار" اختراق معاقل خصومه السياسيين، وعلى رأسهم حزب "العدالة والتنمية" الإسلامي الذي قاد الحكومتين السابقتين للمرة الأولى في تاريخ البلاد.

وطرح هذا التراجع غير المسبوق للحزب الإسلامي، تساؤلات عديدة في الأوساط السياسية بالبلاد.

وقال الباحث والمحلل السياسي الدكتور محمد شقير، إن اكتساح حزب "التجمع الوطني للأحرار" للانتخابات الجزئية التي جرت الخميس، وقبلها في عدد من الدوائر، يُظهر احتفاظ هذا الكيان السياسي بقوته، خاصة على الصعيد المحلي، وتماسك التحالف الذي عقدته أحزاب الأغلبية".

وأضاف شقير في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن فوز "التجمع الوطني للأحرار" بدائرة "المحيط" بالعاصمة الرباط إلى جانب فوزه بدائرة "الفقيه بن صالح"، له دلالة سياسية بالغة، تؤكد استمرار حصد النتائج الإيجابية.

ووفق المتحدث، لم يستطع حزب "العدالة والتنمية" (معارض)، استرجاع بريقه السابق، حيث داوم على فشل مرشحيه بمختلف الدوائر؛ ما يدل على عدم تعافيه من نكسته الانتخابية خلال ما بات يُعرف إعلامياً بـ"زلزال 8 أيلول/ سبتمبر 2021" (نتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة) الذي عصف بـ"إخوان" المغرب.

عزلة "إخوان" بنكيران

ومن بين أسباب هذا الإخفاق الجديد الذي يُكرّس عزلة الحزب الإسلامي في الساحة السياسية المغربية، تأثير بنكيران السلبي على نشاط الحزب، بحسب شقير، مشيراً إلى أن خرجاته وتصريحاته بدل أن تقوي مرشحيه تزيد إضعافهم. 

ويعتقد الباحث، أن "الناخب المغربي وعلى ما يبدو لم يستطع نسيان الدور الذي لعبه بنكيران عندما كان رئيسا للحكومة المغربية في ضرب القدرة الشرائية للمواطنين، عبر قرارات حكومية".

وأشار إلى أن فشل حزب "العدالة والتنمية" في عقد تحالف مع مكونات المعارضة زاد من إضعافه، فعِوض أن يتحالف "العدالة والتنمية" مع حزبي "الاتحاد الاشتراكي" و"فيدرالية اليسار"، قرر كل واحد منهم الترشح بمفرده، بينما ضمن مرشح "الأحرار" التحالف مع حزبي "الاستقلال" و"الأصالة والمعاصرة" (أغلبية).

ظاهرة سياسية

من جهته، قال الدكتور محمد زين الدين، أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية بجامعة "الحسن الثاني"، إن حزب "التجمع الوطني للأحرار" تحوّل إلى ظاهرة سياسية بالمغرب، بالنظر إلى النتائج المحققة في الانتخابات التشريعية الجزئية، وذلك منذ وصوله إلى السلطة.

وأضاف زين الدين في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن الأرقام الرسمية المُعلن عنها من قبل السلطات بشأن الانتخابات الجزئية تُظهر الفوارق الشاسعة بين عدد الأصوات التي يُحققها مرشحو "الأحرار" وباقي منافسيه في المعارضة خاصة حزب "العدالة والتنمية".

ورأى أستاذ القانون الدستوري أن شعبية "إخوان" بنكيران تآكلت بشكل كبير، حيث بات يتعرض الحزب الإسلامي في كل محطة انتخابية لتصويت عقابي من طرف المغاربة. 

وتابع: "عندما كان الأمين العام لحزب العدالة والتنمية عبد الإله بنكيران رئيسا للحكومة، انتظر منه المغاربة الشيء الكثير، لكن بنكيران أجهز على الطبقة المتوسطة من خلال رزمة من القرارات من قبيل تحرير سعر المحروقات والزيادة في الأسعار". 

واعتبر المتحدث، أن الانتخابات التشريعية الجزئية لها خصوصية معينة، لكنها ليست حاسمة في مستقبل الأحزاب، مبينًا أن هذه المحطة الانتخابية تقدم بعض الإشارات للفاعل السياسي التي يجب أخذها بعين الاعتبار".

وحيال ذلك، لفت زين الدين إلى أن نسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية الجزئية بدائرة "المحيط" بالعاصمة الرباط، والتي تلقب بـ"دائرة الموت" بالنظر إلى ثقلها السياسي والتاريخي، بلغت 6%، مشيراً إلى أن هذه النسبة تستدعي الأحزاب السياسية (أغلبية ومعارضة) إلى إعادة النظر في الخطاب السياسي وأيضا العروض التي تقدمها.

 مشاكل داخلية واتهامات باطلة

وفي تعليقه على الاتهامات التي يوجهها "إخوان" بنكيران إلى قادة حزب "الأحرار" بشأن استمالة الناخبين بواسطة المال، أكد الدكتور زين الدين، أن حزب "التجمع الوطني للأحرار" يَتّبع سياسة خاصة تتمثل في استقطاب النخب والكفاءات وأيضا الأعيان.

وشدد على أن "الأحرار" بات يتوفر خلال السنوات الأخيرة على قاعدة شعبية، ويتقن التعاطي مع العملية الانتخابية.

وبالنسبة للحزب الإسلامي – يردف زين الدين – أضحى يتخبط في مشاكل داخلية وتنظيمية، ما أدى إلى انسحاب قادته، أبرزهم مصطفى الرميد، وعزيز رباح.