وزير الدفاع الأمريكي: مقتل السنوار يوفر فرصة حقيقية لإنهاء "حرب مروعة" في غزة

logo
العالم العربي

خلال فترة اختفائه الطويلة.. هل قاد قائد فيلق القدس عملية ترميم "حزب الله"؟

خلال فترة اختفائه الطويلة.. هل قاد قائد فيلق القدس عملية ترميم "حزب الله"؟
قائد فيلق القدس إسماعيل قاآنيالمصدر: رويترز
17 أكتوبر 2024، 7:02 ص

أكد الخبير العسكري والإستراتيجي السوري كمال الجفا، أن قائد فيلق القدس، إسماعيل قاآني كان في لبنان على رأس وفد عسكري إيراني كبير، ضم إليه عددًا من المستشارين العسكريين في الحرس الثوري الإيراني، وتحديدًا من المسؤولين الميدانيين، في مهمة "مستعجلة" لترميم قدرات حزب الله، وإعادة تنظيم صفوف الحزب، بعد الضربات التي تلقاها التنظيم، منذ تفجيرات أجهزة البيجر وحتى ما بعد اغتيال أمينه العام، حسن نصرالله.

وتكشف هذه المعطيات، إنْ كانت صحيحة، أن إيران لم تضيع أي وقت في محاولتها إعادة الروح للتنظيم الذي يشكل رأس الحربة في حربها مع إسرائيل، لكنها تكشف أيضًا عن نجاحها في تنفيذ "مسرحية" مكتملة الأركان فيما يخص مصير قاآني، خلال الفترة الأخيرة، والتي اعتمدت فيها على بث العديد من الرسائل المتناقضة التي تفضي في النتيجة إلى استبعاد قيامه بالمهمة الحاسمة في بيروت.

وكانت التصريحات الإيرانية خلال أكثر من أسبوعين، تضاربت حول مصير قائد فيلق القدس، بين تسريبات تفيد أن قاآني كان موجودًا في بيروت، في اجتماع مع خليفة نصرالله المحتمل، هاشم صفي الدين وقادة آخرين، خلال الضربة الإسرائيلية التي قالت إسرائيل إنها أودت بحياة صفي الدين ومن معه. وسربت مصادر إيرانية عقب ذلك بأن الاتصال فُقِد مع قاآني.

أما الرواية الثانية التي سربتها طهران فكانت تتحدث عن اختراق إسرائيلي لقائد فيلق القدس، إن كان بشكل مباشر أو عبر مدير مكتبه، وأنه يخضع للتحقيق، لدوره المشبوه في اغتيال نصرالله، مع الكثير من التفاصيل حول هذه الفرضية، بما فيها نقله إلى المستشفى نتيجة التحقيق معه.

في المحصلة، ظهر إسماعيل قاآني في تشييع القائد البارز في الحرس الثوري الإيراني عباس نيلفروشان، ليتضح أن الرجل حي يرزق، وأنه كان، غالبًا، في مهمة خارج الحدود.
 
مهمة مستعجلة في بيروت

الخبير العسكري والإستراتيجي السوري، د. كمال الجفا، أكد لـ"إرم نيوز"، أن قاآني كان في لبنان، على رأس وفد عسكري إيراني كبير مؤلف من قيادات إيرانية ميدانية "في مهمة سرية هدفها ترميم قدرات حزب الله، وقد عملوا بالفعل على ترميم قطاع الجبهات والمواقع الحساسة بالكامل" وفقًا لقوله.

الجفا يقول إن ثمة قرارًا إيرانيًّا واضحًا بألا ينكسر حزب الله مهما كانت التضحيات، خاصة أن الحرب تحولت إلى "كسر عظم" بين طهران وتل أبيب، وخاصة بعد اغتيال أمين عام حزب الله حسن نصرالله، وهذه كانت أكبر كارثة ألمّت بالمحور، لِما يمثله حسن نصرالله من رمزية كبرى بالنسبة لـ"محور المقاومة"، بحسب الخبير.

الجفا يرى أن إيران لن تسمح بأن يتم القضاء على حزب الله، "فالحزب هو درة التاج الإيراني"، وبالتالي، يقول، هناك مصلحة إيرانية كبرى ببقاء حزب الله قويًّا، وعدم استفراد إسرائيل بالحزب أو إنهائه، "مهما كانت التضحيات ومهما طالت المعركة"، لأن إنهاء الحزب يعني ببساطة أن إيران نفسها ستكون أمام الخطر المباشر وفق قوله. 

أخبار ذات علاقة

إسماعيل قاآني يذرف الدموع في أول ظهور بعد اختفائه الطويل (فيديو)

 
خوف إيراني من المواجهة المباشرة

الدكتور عامر السبايلة، مدير مركز لغات الأمن في الأردن، يؤكد أن ثمة مستويين في التحرك الإيراني السريع نحو ترميم قدرات حزب الله، الأول ينبع من حاجة إيران لحزب الله، في تفعيل جبهة جنوب لبنان لتأجيل عملية استهدافها.

ويلفت إلى أن ذلك يتزامن مع تحرك دبلوماسي في المنطقة، يحمل رغبة في وقف التصعيد وأيضًا يحمل تهديدًا، ولكنه في الواقع خوف من الوصول إلى المواجهة المباشرة، لأن قدرة إيران على منع المواجهة المباشرة، هي في تفعيل الجبهات المحيطة بإسرائيل، وأساسها حزب الله.

ومن هنا، يوافق السبايلة على النظرية القائلة إن محاولة إيران لإحياء حزب الله هدفها إشغال إسرائيل في الداخل، لأن هذا الإشغال هو جزء أساس من الإستراتيجية الإيرانية لمنع استهدافها أو في تخفيف شكل استهدافها.

ويلفت السبايلة إلى مستوىً آخر يتعلق بقائد فيلق القدس إسماعيل قاآني، مشيرًا إلى أن المنطقة تمر بحروب استخبارية، مضيفًا "منذ مقتل الرئيس الإيراني السابق إبراهيم رئيسي إلى اليوم هناك أسطورة المعلومة الغائبة والضبابية الموظفة ضمن رؤية استخبارية. وهذه لها عدة مستويات، سواء كان قاآني مجندًا أو مخترقًا ويقوم بعملية غطاء تسمح له بالقيام بخطوات هنا وهناك."

ويقول مدير مركز لغات الأمن الأردني، إن التحول في عمليات حزب الله وقدراته التي تلت ظهور قاآني في طهران، وعودته من مهمة "ترميم الحزب" هو أمر متوقع، لكن هذا لا يعني أن الحفاظ على حزب الله قد يكون أمرًا سهلًا، بل على العكس هو مهمة صعبة، لعدة أمور يفسرها الإسرائيلي في طريقة استهدافه لحزب الله.

ويوضح أن الاختراق الإسرائيلي للحزب، والإعلان عن هذا الاختراق عبر تفجيرات البيجر ومن ثم الانقضاض عليه بعمليات ممنهجة، يبين أن إنقاذه في هذه المرحلة قد لا يكون مجديًا بالنسبة للإيراني، وبالتالي عليه التحضير للبديل، "وأعتقد أن الإيراني بدأ في تحضير البديل لحزب الله، وقد تكون العمليات الأخيرة في بنيامينا وقصف تل أبيب هي نتاج لبدائل إيرانية سريعة".

ويفسر السبايلة المقصود بالبديل بأنه "الإمداد والمقاتلون والشكل العملياتي ونقل التكنولوجيا". مشيرًا إلى أنه نظرًا للفخ الاستخباري الذي نصب لحزب الله، فإن إيران بحاجة إلى تعزيز هذه العناصر في هذه المرحلة.
 
حدثان رئيسان وخطر وجودي

الدكتور محمد خير الجروان، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في جامعة اليرموك الأردنية، يعتبر من جانبه أن "هناك حدثين يمكن من خلالهما قراءة السياسات والتوجهات الإيرانية في المنطقة خلال الأسابيع القليلة الماضية"، الأول: يرتبط بضرب إسرائيل لأحد أبرز وكلائها في المنطقة "حزب الله" واغتيال أمينه العام وأغلب قيادات الصف الأول، إلى جانب الهجمات التي استهدف قدرات الحزب وفعاليته في استخدام ترسانة الأسلحة المتوفرة لديه، والذي كان نتيجة رئيسة للحدث الثاني الذي تمثل باستهداف إسرائيل بموجة من الصواريخ الإيرانية البالستية.

وفقًا للجروان، شكلت عملية الاستهداف الممنهجة للحزب ما قبل وما بعد الحرب الإسرائيلية على لبنان تهديدًا مباشرًا للمصالح الإيرانية، خاصة العسكرية - الأمنية، التي تجعل من لبنان وباقي المناطق التي يتواجد فيها الوكلاء كساحات صراع ومواجهة متقدمة مع إسرائيل وعمق إستراتيجي، بما يبقي أكبر قدر من المواجهات العسكرية خارج حدود ايران.

ويضيف أن صدى الهزات التي تعرَّض لها حزب الله دوّى في سماء طهران منذرًا بمستوى تهديد أمني كبير لم تشهده إيران منذ الحرب العراقية - الإيرانية، وبخطر وجودي لمشروعها ونفوذها في المنطقة، وهو السبب الرئيس للهجوم العسكري المباشر لإيران ضد إسرائيل، وليس كما صرح قادتها كنتيجة لاغتيال هنية ونصرالله، لأنها أسباب ثانوية، بحسب الجروان.

يشير الخبير في العلاقات الدولية إلى أن "القيادات الإيرانية حرصت من خلال استهداف إسرائيل بشكل مباشر على توجيه رسائل لتل أبيب وللمنطقة والدول الغربية، خاصة الولايات المتحدة الأمريكية، حول إرادتها وقدراتها العسكرية إذا ما وصلت الأمور للمساس بشكل جوهري بمصالحها ونفوذها"، وذلك ينسجم، وفقًا للمحلل السياسي الأردني، مع تصور يتمسك به ساسة إيران وقادتها في أن أي تراجع وتضاؤل في هذا النفوذ الذي يضمن ساحات قتال متقدمة وعمقًا إستراتيجيًّا، سيرتد بشكل مباشر إلى الداخل والأراضي الإيرانية، وينذر بخطر وجودي وتفتيت للدولة في ضوء فشل سياسي وتردٍّ اقتصادي وانقسامات اجتماعية يعانيها الداخل الايراني.

أخبار ذات علاقة

بعد شائعة اغتياله.. أول ظهور لإسماعيل قاآني قائد "فيلق القدس" (فيديو)

 

ويشرح المحلل السياسي أنه "ما بين استهداف وكلاء ونفوذ إيران الإقليمي والضغوط والحرب النفسية التي تقودها إسرائيل كمدخل وتمهيد لردها العسكري على موجة الصواريخ الإيرانية، وبنك الأهداف المتوقع لإسرائيل داخل إيران بين البنية التحتية العسكرية والمنشآت النفطية والنووية اتخذت ايران ثلاثة مسارات":

المسار الأول، كما يقول الجروان، يتمثل في إعادة ترميم قدرات حزب الله في لبنان إداريًّا وعسكريًّا، وهذا ما نجح في تحقيقه مرحليًّا قائد فيلق القدس إسماعيل قاآني خلال الفترة السابقة التي قضاها في لبنان، والثاني، مسار سياسي على مستوى إقليمي في محاولة لفتح قنوات حوار مع الولايات المتحدة الأمريكية عبر العديد من الدول وخاصة قطر.

أما المسار الثالث، فهو تكتيكي، حمل في جانبه الأول تهديدات عامة تستهدف استقرار المنطقة، وفي جانبه الثاني التعامل مع ضعف حزب الله واختلال الموازين بين القوى السياسية في لبنان من خلال التواصل المباشر مع مؤسسات الدولة اللبنانية ودعمها في إدارة المسار السياسي الدبلوماسي لإنهاء العملية الإسرائيلية في لبنان وتحقيق وقف إطلاق النار، وهو ما يخدم المسارين العسكري والسياسي لتوجهاتها في المنطقة منذ استهداف نصر الله.

حزب الله.. جبهة إيران الإقليمية

المحلل السياسي السوري مازن بلال يرى من جهته، أن إيران رسمت دورها الإقليمي الحالي خلال مرحلة حربها مع العراق، فتم رسم إستراتيجية لا ترتبط فقط بالخليج العربي بل بالإقليم ككل، والموضوع الفلسطيني هو نقطة ارتكاز هذه الإستراتيجية، وحزب الله الذي ظهر في تلك المرحلة يمثل جبهتها الإقليمية كما ظهر جليًّا في سوريا خلال سنوات الأزمة.

ويشير بلال إلى أن إيران تعتبر حزب الله جزءًا من جبهتها الداخلية، وبعد اغتيال الأمين العام للحزب، حسن نصر الله، تحركت ليس عسكريًّا فقط؛ بل وسياسيًّا أيضًا، وبالتالي فإن وجود قائد فيلق القدس إسماعيل قاآني في لبنان أمر وارد وبقوة للحفاظ على التماسكين السياسي والعسكري للحزب.

بالمحصلة، يقول بلال إنه، سواء كان قاآني موجودًا أم لا، فإن إيران حضَرت بقوة خلال الأسابيع القليلة الماضية، سواء على المستوى السياسي أو في دعم الجبهات، وربما تعويض القيادات العسكرية التي اغتالتها إسرائيل، فحزب الله شريك طهران وليس حليفها فقط، والعلاقة بينهما تشبه العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل.

وفقًا لبلال، فإنه بميزان السياسة، المصلحة جوهرية والشراكة مع حزب الله أوسع من مسألة إشغال إسرائيل ودرء مخاطرها، لأن المسألة هي في دور إيران الإقليمي المستدام في سواحل المتوسط.

ويخلص المحلل السياسي السوري إلى أن إيران لن ترسل قواتها لمحاربة إسرائيل بالتأكيد، على الأقل لأسباب لوجستية، ولهذا خلقت جبهة لها من حزب الله أو باقي الفصائل العراقية للقيام بهذه المهمة.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC