بعد عام من الكارثة.. جهود ليبية تسارع الزمن لإعادة إعمار درنة

تحوّلت عملية إعادة الإعمار السريعة لمدينة درنة الواقعة شرقي ليبيا، بعد مضي عام على كارثة الفيضانات، إلى موقع بناء ضخم، في مشهد يظهر كيف يسارع الليبيون الزمن لإعادة المدينة الجميلة إلى سابق عهدها.

ودمرت فيضانات عنيفة سدي درنة في ليلة 10 إلى 11 سبتمبر، وهكذا اختفى الآلاف من سكان المدينة إلى الأبد، مخلفة نزوح أكثر من 40 ألف شخص وفقا للأمم المتحدة، مع تضرر وخراب آلاف المنازل لتكشف كارثة درنة عن البنية التحتية المتداعية وحجم الفساد في بلد غني بالنفط.

وبعد أشهر من الكارثة، أُنْشِئ صندوق خاص ليحل محل اللجنة الوزارية لإعادة إعمار درنة، التي شُكِّلَت مباشرة بعد الفيضانات، وفي فبراير/شباط الماضي، خصص رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، ما يعادل ملياري يورو للصندوق.

وقد عهد بهذا الصندوق إلى أحد أبناء المشير خليفة حفتر الستة، وهو بلقاسم، الذي لم يشارك في أنشطة عسكرية مثل اثنين من إخوته.

ولطالما أراد الدكتور المختص بالاقتصاد التركيز على الأنشطة والمشاريع الاقتصادية التي تهم الشباب والرياضة.

وأصبحت درنة، التي كان عدد سكانها قبل الكارثة 120 ألف نسمة، موقع بناء ضخما، حيث تتقدم المشاريع بسرعة عالية تحت قيادة حفتر وحكومة أسامة حماد وبفضل الشركات وآلاف العمال المصريين، يتم العمل ليلا ونهارا. ويقول المشاركون في المشاريع إنه سيُعَاد بناء كل شيء قبل ديسمبر المقبل.

وحسب بلقاسم حفتر، فقد وصلت نسبة الإنجاز إلى 70% من المشاريع الجارية في درنة، وأُعِيد بناء 3500 منزل بالإضافة إلى العديد من المدارس والبنى التحتية المتعددة.

ويوضح المحلل السياسي الليبي حسام الدين العبدلي، أن جهود الإعمار في درنة وشرقي ليبيا المتضرر من الفيضانات، تتولاه جهتان، وهما صندوق إعمار بقيادة المهندس بلقاسم حفتر، إذ تمكن من إعادة بناء الجسور الكبرى، وتشييد البنايات السكنية وتأهيل نحو ألفي وحدة سكنية لأناس فقدوا بيوتهم، والجهة الأخرى هي الحكومة الليبية في بنغازي برئاسة أسامة حماد.

وقال العبدلي في تصريح لـ"إرم نيوز" إن "عمل الصندوق وصل إلى مرحلة ممتازة. نكاد نقول إننا تمكنا من إعادة إنشاء البنية التحتية بالكامل، أما الجهات الخارجية فلم تكن متجاوبة مع الانخراط في عمليات الإعمار" وفق قوله.

وسبق لمدير عام صندوق تنمية وإعادة إعمار ليبيا بلقاسم خليفة حفتر أن أبدى تطلع الصندوق إلى التعاون الفني مع الشركات الفرنسية الكبرى في مجالات مختلفة على غرار تحلية مياه البحر والبنية التحتية والخدمات اللوجستية والفنية وفقًا لمعايير الجودة العالمية الحديثة، لكن هذه الشركات لم تتجاوب معه.

وفي السياق، أكدت القائمة بأعمال رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، ستيفاني خوري في بيان لها، أن "الحاجة لا تزال ماسة لإعادة الإعمار والتنمية على المدى الطويل بشكل منسق وفعال وكفء"، لمدينة درنة والمناطق المحيطة بها المتضررة من العاصفة "دانيال" والفيضانات المدمرة.

وبالنسبة للعديد من المراقبين، لا يشكل صندوق إعادة إعمار درنة مكسبا ماليا غير متوقع للشرق فحسب، بل يحمل أيضا وقبل كل شيء تأثيرا سياسيا.

ويوضح الباحث المشارك في المعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن، جليل حرشاوي أن "إعادة الإعمار تسمح لبلقاسم بتشكيل هوية سياسية مرئية على المستويين الوطني والدولي"، ولفت حرشاوي إلى "أن هذا يجعل من الممكن تقديم الحكومة المعترف بها من قبل الأمم المتحدة بطرابلس باعتبارها مختلة ووجودها غير ضروري".