البيت الأبيض: لن نخفض الرسوم الجمركية على الصين
أكد القيادي العراقي السني البارز، أثيل النجيفي، أن ملف الميليشيات المسلحة في العراق معقد للغاية، إذ تعتمد هذه التشكيلات على السلطة الشرعية كغطاء يحميها من الاستهداف، كما أنها تراهن على المماطلة في إيجاد حلول نهائية، بانتظار تغيرات إقليمية أو دولية تصب في مصلحتها.
وأضاف النجيفي، وهو محافظ نينوى السابق، في حوار مع "إرم نيوز"، أن القوى السياسية العراقية ليست مستميتة في الدفاع عن الميليشيات المسلحة، لكنها تخشى أن يؤدي حلها إلى تهديد سلطتها واستقرارها.
ومع ذلك، إذا توفرت ضمانات بأن حل هذه الميليشيات لن يُعرّض النظام السياسي للخطر، فقد تقبل معظم الأحزاب بذلك، بحسب الجنيفي.
وأوضح أن النظام في العراق، رغم كونه قائمًا على الانتخابات، يعاني سخطا شعبيا متزايدا بسبب استحواذ بعض القوى على السلطة، خصوصًا تلك التي استفادت من النفوذ الإيراني خلال السنوات الماضية. غير أن هذه القوى بدأت تفقد امتيازاتها تدريجيًّا، بينما تظهر قوى جديدة أكثر انسجامًا مع التغيرات الإقليمية وتحظى بدعم شعبي متزايد.
نص الحوار:
حتى الآن، لم تصدر أي دعوة إصلاح حقيقية من داخل المنظومة الحاكمة، لكن هناك دعوات إصلاح تأتي من خارجها. ما يحدث الآن داخل السلطة هو نقاش حول كيفية التعامل مع التغيرات الإقليمية، خاصة بعد التطورات في سوريا، وليس نابعًا من إرادة إصلاحية صادقة.
تدرك القوى الحاكمة أن المشروع الإيراني في المنطقة يواجه تحديات كبيرة، وأن هناك اتجاهًا إقليميًّا ودوليًّا للحد من نفوذه. وفي هذا السياق، برز اتجاهان رئيسان داخل القوى الشيعية:
أما القوى الدينية الشيعية التي هيمنت على المشهد العراقي في العقود الأخيرة، فتواجه تحديًا وجوديًّا، إذ تخشى أن يؤدي أي إصلاح حقيقي إلى فقدانها للسلطة. لذا، فإنها تحاول كسب الوقت دون تقديم تنازلات حقيقية.
لا أعتقد أن العراق سيشهد تغييرًا جذريًّا مفاجِئًا، بل سيكون التغيير تدريجيًّا. فالنظام الحالي قائم على الانتخابات، ومن الصعب جدًّا تصوّر وصول أي طرف إلى السلطة بطريقة أخرى، خاصة مع انتهاء زمن الانقلابات العسكرية.
القوى التي استفادت من النفوذ الإيراني في السنوات الماضية بدأت تخسر مكاسبها، في حين أن قوى أخرى، كانت تتعرض للضغوط والتهميش، بدأت تستعيد حضورها وتحظى بتأييد شعبي متزايد.
لكن حتى مع تراجع نفوذ الميليشيات المدعومة من إيران، فإنها لن تختفي بالكامل، بل ستظل جزءًا من المشهد السياسي، لكن بتأثير أقل من السابق.
هناك عاملان رئيسان يحكمان موقف الميليشيات المسلحة: الأول يتمثل في أنها لا تريد الخروج من إطار السلطة، لأنها تدرك أن مواجهة الدولة تعني خسارتها الحتمية، والثاني أنها تعتمد على سياسة المماطلة، على أمل حدوث تغيرات إقليمية أو دولية تصب في مصلحتها.
وقال النجيفي، إن إيران نفسها استخدمت سياسة المماطلة لسنوات طويلة في تعاملها مع الولايات المتحدة، واستفادت لاحقًا من التغيرات الإقليمية لصالحها. والميليشيات العراقية قد تتبع النهج نفسه.
لكن في النهاية، مصير هذه الجماعات يعتمد على طبيعة الضغوط الدولية. فإذا كانت الضغوط الأمريكية قوية ومباشرة، فقد تضطر الميليشيات إلى القبول بتغييرات جوهرية، أما إذا كانت الضغوط مرنة وطويلة الأمد، فستستمر في المماطلة.
القوى السياسية ليست متمسكة بشدة ببقاء الميليشيات، لكنها تخشى أن يؤدي حلها إلى زعزعة توازن القوى في البلاد. لكن إذا تم تقديم ضمانات كافية بأن حل الميليشيات لن يؤثر في استقرار النظام، فمن المرجح أن تقبل معظم الأحزاب بذلك.
عودة ترامب تعني تصعيدًا اقتصاديًّا ضد إيران، والعراق قد يكون متضررًا بشكل غير مباشر، خاصة إذا فرضت واشنطن عقوبات على واردات الغاز الإيرانية أو التحويلات المالية بالدولار.
قد تستخدم واشنطن هذه الضغوط الاقتصادية كأداة لدفع العراق نحو تغييرات سياسية وأمنية. وبما أن بغداد غير مستعدة لتحمل تبعات صِدام مباشر مع واشنطن، فمن المتوقع أن تقبل بالتغييرات المفروضة عليها، وإن كان ذلك بعد مماطلة في البداية.
إيران أكثر براغماتية من الميليشيات التابعة لها في العراق، وهي تعرف حدود قدرتها على المقاومة. لذا، قد تسعى لإعادة تموضع الميليشيات العراقية، بحيث لا تبدو وكأنها في مواجهة مباشرة مع الضغوط الأمريكية.
لكن الميليشيات أصبحت لها مصالحها الاقتصادية والسياسية الخاصة، ولم تعد مجرد أدوات لتنفيذ الأجندة الإيرانية، لذا قد تتمرد على بعض الأوامر الإيرانية في حال وجدت أن مصالحها مهددة.
من غير المرجح أن تحقق الميليشيات مكاسب انتخابية كبيرة، إذ إن الشعب العراقي بات أكثر وعيًا بسلبيات وجودها، ولم تعد الأساليب التي استخدمتها سابقًا لإثارة الهلع وتحشيد الدعم الشعبي، فعالة كما في الماضي.
الصيغة الانتخابية ستعتمد على التوازنات بين البرلمان الحالي والضغوط الشعبية، ومن المتوقع أن يتم تقليص الدوائر الانتخابية الكبيرة، مع التركيز على تعزيز الكتل الأكثر قوة.
التيار الصدري، وخاصة مقتدى الصدر، لن يشارك بشكل مباشر، إذ يفضل البقاء على مسافة من المشهد، لتجنب تحمل مسؤولية انهيار القوى الشيعية التقليدية. سيظل مراقبًا للوضع، لكنه لن يكون فاعلًا رئيسًا في الانتخابات المقبلة.