توقع متابعون وخبراء في الشأن الليبي أنّ يشهد الوضع الميداني في ليبيا مواجهات محتملة بين الميليشيات التي تقاتل إلى جانب حكومة الوفاق و"المرتزقة" الذين دفعت بهم أنقرة إلى هناك؛ بسبب المزايا المالية التي يحصل عليها أولئك الأجانب.
وأفادت تقارير إخبارية محلية بأن الخلافات بين الميليشيات التابعة لحكومة فائز السراج و"المرتزقة" الذين أرسلتهم أنقرة ارتفعت بشكل لافت في الآونة الأخيرة، ما دفع بعضا من الميليشيات إلى الانسحاب من طرابلس.
وذكر موقع أخبار "ليبيا 24"، أنّ "آليات تابعة لميليشيا لواء المحجوب انسحبت من طرابلس عائدة إلى مصراتة؛ بسبب المرتزقة السوريين"، موضحة أن سبب انسحاب هذه الميليشيا من طرابلس يعود إلى "المزايا المالية التي يحصل عليها المقاتلون السوريون الذين جلبتهم تركيا لدعم حكومة الوفاق".
ونقل الموقع عن مصدر محلي قوله: إن "خلافا نشب بين ميليشيا لواء المحجوب ووزير الداخلية في حكومة الوفاق فتحي باشاغا، أحد أبرز المسؤولين عن جلب المرتزقة السوريين مقابل مبالغ مالية كبيرة؛ لتعويض عزوف الليبيين عن القتال في صفوف قوات الوفاق".
وكانت حالة الاحتقان قد ظهرت منذ نحو أسبوعين في صفوف الميليشيات المقاتلة إلى جانب حكومة السراج، بعد أن علمت بحجم الرواتب التي يتقاضاها المرتزقة السوريون، والتي تبلغ أربعة أضعاف ما يتقاضونه.
وبحسب التقارير، يتقاضى كل مرتزق سوري 2000 دولار في الشهر، في حين أن راتب عناصر ميليشيا فائز السراج لا تتخطى 500 دولار شهرياً، مشيرة إلى أن الميليشيات هاجمت مقر وزارة الصحة في طرابلس بدافع الانتقام والرد على تهميشهم وتفضيل المرتزقة السوريين عليهم، في وقت بدأت فيه أنقرة وحكومة الوفاق مساعي لاحتواء هذه الخلافات.
في هذا الصدد، اعتبر الخبير في الشأن الليبي مختار اليزيدي أنّ "هذا الاحتقان كان منتظرا في ضوء حالة العزلة الداخلية والدولية التي واجهتها حكومة السراج ولجوئها إلى طلب الدعم التركي، الذي بدأ يعطي نتائج عكسية".
وقال اليزيدي لـ"إرم نيوز": إن "تفاقم هذه الخلافات ينذر بسقوط وشيك لحكومة الوفاق التي باتت تواجه انتكاسة غير مسبوقة، لا سيما في ضوء التقارير المتواترة عن تفاقم الأزمة المالية التي تواجهها بعد أن ورطتها أنقرة في دفع أجور آلاف المرتزقة الذين استقدمتهم للقتال في طرابلس"، موضحا أن "المرتزقة إذا دخلوا ساحة حرب يُحدثون بلبلة وانقسامات في صفوف الجهة التي يقاتلون معها، بسبب غياب العقيدة القتالية، وإذا كانت الفوارق في المزايا المالية بهذا الحجم فمن الطبيعي أن يحصل الاضطراب والخلافات".
أما الخبير السياسي مصطفى بوعزيز فقد رأى أن "هذا التطور الميداني مؤشر جديد على تراجع المشروع التركي في ليبيا وبطلانه، وأنّ هذه الخلافات أظهرت هشاشة المشروع التركي في ليبيا وبطلان رؤية أنقرة لحلّ الأزمة الليبية".
وقال بوعزيز لـ"إرم نيوز": إنّ "سياسة رجب طيب أردوغان تجاه المشهد الليبي أججت الوضع، ويبدو أنّ أنقرة ستكون أول المتضررين من هذه السياسة، بانهيار مشروعها وخسارة رهانها على دعم حكومة الوفاق".