مساعد بوتين: الرئيس الروسي يولي اهتماما كبيرا بكل القضايا خلال الحوار مع واشنطن
أكد خبراء مختصون في العلاقات الدولية أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لا يمتلك تنازلات يمكنه تقديمها خلال المحادثات الأمريكية الأوكرانية، التي تستضيفها المملكة العربية السعودية، بما يدفع روسيا إلى اتفاق ينهي الحرب في بلاده.
وأوضحوا في تصريحات لـ"إرم نيوز" أن التنازلات الملموسة المطلوبة من زيلينسكي لا يستطيع تقديمها، وأبرزها التنازل رسميًا لموسكو عن الأراضي التي ضمّتها عسكريًا، وهي أقاليم ومناطق تمثل أكثر من 25% من التراب الأوكراني.
وأشاروا إلى أن زيلينسكي يحاول التعامل ضمن مسارات تهدف إلى كسب الوقت بالتنسيق مع الحليف الأوروبي، حتى يكون هناك ترتيب آخر أو فرض معادلة من جانب حلفائه في دول "القارة العجوز" مع الولايات المتحدة، انتظارًا لأي حلحلة مستقبلية للمشهد، مع تغيير الإدارة الأمريكية بعد أربع سنوات، وإمكانية إمساك أوروبا بأوراق مواجهة جديدة أقوى أمام روسيا أو للتواصل مع الولايات المتحدة.
وينعقد اليوم الثلاثاء اجتماع أوكراني أمريكي في المملكة العربية السعودية، بحضور زيلينسكي وفريق من كبار الدبلوماسيين الأمريكيين، يتقدمه وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، وذلك بعد أن استضافت العاصمة الرياض، في 18 فبراير الماضي، لقاءً جمع الأخير مع نظيره الروسي سيرغي لافروف بشأن محادثات السلام لإنهاء الحرب في أوكرانيا.
ويأتي ذلك في وقت قال فيه مسؤولان أمريكيان إن الوفد الأمريكي سيحدد خلال اجتماعه مع المسؤولين الأوكرانيين في السعودية ما إذا كانت كييف مستعدة لتقديم "تنازلات ملموسة" لروسيا لإنهاء الحرب.
ويرى أستاذ العلاقات الدولية، الدكتور خالد شيات، أن الخيارات أمام زيلينسكي محدودة بين الاستمرار في الحرب دون الدعم الأمريكي، الذي كان سببًا رئيسًا في صموده خلال فترات سابقة، وبين وضع ثقل الدعم الموجّه لكييف على أوروبا، التي تعاني من أزمة اقتصادية وتحتاج إلى وقت لإعادة تشكيل اقتصاد الحرب والاعتماد على نفسها في حماية أمنها.
وأضاف شيات لـ"إرم نيوز"، أن رهان الرئيس الأوكراني على توفير الدعم الأمريكي سيكون مكلفًا من الناحية الاقتصادية، إذ قد تقايض واشنطن هذا الدعم بثروات أوكرانية، وهو ما سيكون من الصعب على زيلينسكي تحمّل تبعاته شعبيًا وتاريخيًا، خاصة في ظل اعتبار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب أن ما قدّمته إدارة بايدن من نفقات مالية وعسكرية هو بمثابة قرض ينبغي أن يكون له مقابل.
وتابع أن من بين الخيارات التي لا يستطيع زيلينسكي الإقدام عليها التنازل رسميًا لموسكو عن أراضٍ سبق أن ضمّتها أو تقع ضمن السيطرة الروسية عسكريًا، وهي مناطق تمثل أكثر من 25% من التراب الأوكراني.
وأشار شيات إلى أن زيلينسكي سيكون مضطرًا، إذا هدأت الحرب، إلى مغادرة السلطة؛ ما يفتح الباب أمام حكومة ستكون أقرب إلى روسيا.
ويتفق معه الخبير في الشؤون الأوروبية، ناجي شمروني، الذي أكد أن زيلينسكي لا يمتلك تنازلات حقيقية؛ لأن المطلوب هو الاعتراف بالأراضي التي احتلتها روسيا، وهو أمر لا يتحكم فيه، سواء عسكريًا أو سياسيًا، في ظل ارتباطه بالدول الأوروبية.
وذكر شمروني، في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن زيلينسكي قد يفضّل، بدلًا من تقديم هذه التنازلات إذا استُنفدت كل الخيارات، أن يخرج كزعيم يقود ما سيُطلق عليه آنذاك "حركة تحرر" من قلب أوروبا، للحفاظ على شرعيته كرئيس للبلاد، انتظارًا لأي تطور مستقبلي في المشهد، مع تغيير الإدارة الأمريكية وإمكانية امتلاك أوروبا أوراق مواجهة جديدة أقوى أمام روسيا أو للتعامل بها مع أمريكا.
وأوضح شمروني أن زيلينسكي يحاول اتباع مسارات تهدف إلى كسب الوقت بالتنسيق مع الحليف الأوروبي، حتى يكون هناك ترتيب آخر أو فرض معادلة جديدة من جانب حلفائه في دول "القارة العجوز" مع الولايات المتحدة.
وأشار إلى أن الأوروبيين وأوكرانيا يراهنون حاليًا على هذا التوجّه لأسباب عدة، أولها المضي قدمًا في خطوات حقيقية لبناء قوة عسكرية أوروبية جديدة وتوفير حد أدنى من المتطلبات العسكرية الأوكرانية، وفي الوقت نفسه الحفاظ على العلاقة مع الولايات المتحدة عبر المفاوضات أو المقايضة، من خلال التلويح بصفقة "المعادن النادرة"، التي يرى ترامب أن الحصول عليها يُفضَّل أن يتم دون تنسيق مباشر مع الروس.
وبيّن شمروني أن ما تراهن عليه أوروبا حاليًا هو فرض تعقيدات جديدة تخرج عن التفاهمات التي جرت بين الأمريكيين والروس خلال المباحثات الأخيرة، لضمان توفير حد أدنى من الدعم العسكري لأوكرانيا وتحقيق جزء من الخطة الدفاعية التي يمولها صندوق أوروبي.