تمكنت القوات الروسية من دخول مدينة "توريتسك" في مقاطعة دونيتسك شرقي أوكرانيا، وذلك بعد أسبوع من سيطرتها على "أوغليدار" الإستراتيجية.
وأكدت أناستاسيا بوبوفنيكوفا، الناطقة باسم المجموعة التكتيكية العملياتية "لوهانسك"، أن القوات الروسية نجحت في السيطرة على الضواحي الشرقية لتوريتسك، وأن الوضع غير مستقر، والقتال يدور فعليًا بمختلف مداخل المدينة.
وظلت "توريتسك" على خط المواجهة منذ عشر سنوات، نظرًا إلى قربها من الأراضي التي استولى عليها انفصاليون مدعومون من روسيا عام 2014.
وكانت القوات الروسية سيطرت على قريتي "زوريان وزولوتا نيفا" في منطقة دونيتسك، جنوبي مدينة بوكروفسك التي تُعد مركزًا لوجستيًا أوكرانيًا.
وقال خبراء إن سقوط مدينة "توريتسك" بيد روسيا سيقوي من موقفها العسكري والتفاوضي.
وأضافوا أن "أي تفاوض لا بد أن يكون وفقًا للمتطلبات والمعطيات الروسية وأهداف العملية العسكرية المعلنة منذ نهاية 2022".
وقال الأستاذ في جامعة لوباتشيفسكي الحكومية الروسية، عمرو الديب، إن "أهمية توريتسك تُكمن في كونها تعتبر من أهم تحصينات القوات الأوكرانية على الجبهة، وإن سيطرة القوات الروسية عليها ستغير من سير العمليات العسكرية بشكل كبير على الجبهة".
وأوضح الديب لـ"إرم نيوز": "في الفترة الأخيرة توغلت القوات الأوكرانية في داخل إقليم كورسك الروسي، وهذا التوغل أجبرها على تخفيف الوجود العسكري في بعض المناطق الأخرى".
ولفت إلى أن "الأمر سهل للقوات الروسية السيطرة على مناطق وقرى، كانت آخرها مدينة توريتسك، مشيرًا إلى أن "التوغل الأوكراني كان سببًا في الخسائر الأوكرانية المتتالية".
وذكر أن "الحرب التي استمرت لأكثر من عامين ونصف تؤكد أن فكرة السيطرة على بعض المناطق والقرى والمدن الاستراتيجية هو أمر وقتي".
وأردف: "لا ننسى مدينة خيرسون التي سيطرت عليها روسيا وبعد ذلك تقاعست القوات الروسية في الجانب الغربي من المدينة، ولذا، فإن السيطرة من عدمها هو أمر مرتبط بالأمور التكتيكية".
واستطرد: "مسألة السيطرة تكون مؤثرة حال تعزيزها والحفاظ عليها، ما يصعب عملية استعادة المناطق على القوات الأخرى، كما يؤدي إلى تغيير كبير في شكل العمليات العسكرية".
أما التغييرات التكتيكية التي تطرأ بشكل متكرر خلال العمليات العسكرية الروسية الأوكرانية بحسب عمرو الديب "فهي متغيرة بشكل دائم ولا تؤثر على الاستقرار في شكل العمليات العسكرية".
واعتبر أن "كلا الطرفين قد ينجح تارة ويخفق تارة أخرى، وروسيا نجحت وأخفقت في بعض الأوقات، وكذلك نجحت أوكرانيا في التوغل في منطقة كورسك، في حين تواجه الآن حالة من الانهيارات في مناطق أخرى".
الأهداف الروسية
ومن ناحيته، قال المحلل السياسي والخبير في الشؤون الروسية، بسام البني إن "أي تقدم روسي يخدم أهداف العملية العسكرية داخل الأراضي الأوكرانية، وسقوط مدينة تلو الأخرى يأتي في إطار العمل العسكري لموسكو، وآخرها توريتسك وقبلها مدينة أوغليدار".
وأكد البني لـ"إرم نيوز" أن سقوط مدينة "توريتسك" يقوي من موقفها العسكري والتفاوضي، ولكن لا بد من الإشارة إلى أن أي تفاوض لا بد أن يكون وفقًا للمتطلبات والمعتطيات الروسية وأهداف العملية العسكرية المعلنة منذ نهاية 2022.
وأشار إلى أن "هناك ضمانات أمنية لا بد أن تحصل عليها روسيا لضمان أمنها الاستراتيجي في حالة الجلوس على أي طاولة مفاوضات وهي تحييد أوكرانيا وعدم انضمامها لحلف (ناتو) وتجريدها من السلاح ونزع النازية".
وأوضح المحلل السياسي، أن "روسيا تستهدف من هذه العملية سحب قوات (ناتو) التي تم نشرها في أوروبا الشرقية بعد عام 1997، وهذه النقطة هي الأهم، وحتى لو سقطت أوكرانيا غدًا لن تتخلى روسيا عن المطالبة بسحب قوات (ناتو) من أوروبا الشرقية كضمان لأمنها القومي".
وتابع: "روسيا تدافع اليوم عن وجودها إن جاز التعبير، وإذا ما حوصرت كما يريد (ناتو) فإن عنق روسيا سيصبح تحت سكين الـ(ناتو) الذي اعتبرها عدوًا".
واشار إلى أن "قوات كييف لن تفلح في صد الهجوم الروسي إذا ما تم تزويدها بأسلحة جديدة"، مبينا أن "روسيا حتى الآن لم تستخدم من قواتها الفعلية غير النووية أكثر من 20%، لأنها تعتبر ما تقوم به عملية عسكرية خاصة وليست في حالة حرب".
وأوضح الخبير في الشؤون الروسية، أنه "يجب أن ندرك أن روسيا تؤمن بمفهوم الأمن الذي لا يتجزأ، فالـ(ناتو) يتقدم نحو الحدود الروسية على اعتبار أنه أمن قومي له، لكن ذلك سيكون على حساب روسيا وهو ما ترفضه موسكو جملة وتفصيلًا، لذا، هي تخوض العملية العسكرية من أجل أمنها القومي".
