يشهد الحزب الديمقراطي الأمريكي حالة كبيرة من الانقسام، في ظل الأزمة المتعلقة باستكمال خوض الانتخابات الرئاسية 2024، وسط دعوات إلى اختيار مرشح بديل للرئيس جو بايدن أمام الجمهوري دونالد ترامب.
وتزايد هذا الجدل بعد تداعيات المناظرة التي جمعت بايدن وترامب وحملت انعكاسات سلبية في أوساط الديمقراطيين؛ بسبب "الأداء الضعيف" لبايدن الذي ظهر عليه الاضطراب والتلعثم خلال المناظرة.
وتنقسم الآراء في الحزب الديمقراطي حول استكمال المنافسة على كرسي البيت الأبيض، بالمرشح بايدن وكيفية التعامل مع الثقة المهتزة في أدائه من جانب الكثير من مؤيديه.
وتعالت أصوات داخل الحزب ترى في مؤتمر الديمقراطيين المقرر عقده في أغسطس آب المقبل، فرصة مهمة لإمكانية الاستقرار على بديل يكون قادرًا على مواجهة ترامب.
ويمتلك الحزب الديمقراطي كتيبة من "المرشحين البدلاء" للدفع بأي منهم، في حال تغير المسار المتعلق بالمنافسة عبر بايدن، وفي صدارتهم كامالا هاريس، النائبة الحالية للرئيس، وأيضًا السيدة الأولى السابقة للولايات المتحدة، ميشيل أوباما، وحاكم ولاية كاليفورنيا، غافن نيوسوم.
ويتمسك آخرون بأن أمام بايدن فرصة في مؤتمر الحزب، لتجديد الثقة فيه وفي قدراته السياسية والصحية، لا سيما أن من أبرز الشروط التي تخص اختيار مرشح جديد، بحسب مراقبين، أن يتنازل بايدن بكامل إرادته عن ترشحه ليفسح الطريق لهذا الاختيار.
الباحثة السياسية، عضوة الحزب الجمهوري الأمريكي، مرح البقاعي، قالت إن هناك أصواتًا ضمن المحيط الضيق لبايدن ترى ضرورة الاستمرار بترشحه، مقابل جناح آخر يرى أن هناك إمكانية إجراء "مؤتمر مفتوح" يجري خلال اختيار مرشح آخر.
وأوضحت أن المقصود بـ"المؤتمر المفتوح" هو عقد مؤتمر منفصل يحدد ذلك، قبل مؤتمر الحزب الديمقراطي التقليدي الشهر القادم.
وتتوقع البقاعي، في تصريحات خاصة لـ"إرم نيوز"، إبقاء الحزب الديمقراطي على ترشيح بايدن بعد أن قرر منذ البداية خوض السباق الانتخابي من خلاله.
وأشارت إلى بورصة الأسماء "البديلة" المتداولة عوضًا عن بايدن في حال تراجع الحزب عن قراره، مؤكدة أن نائبته هاريس تعد الأوفر حظًا.
وقالت إن هناك أيضًا ميشيل أوباما زوجة الرئيس السابق باراك أوباما الذي كان بايدن نائبًا له، إلى جانب حاكم ولاية كاليفورنيا، غافن نيوسوم، الذي يجري الدفع باسمه بشكل قوي في وسائل الإعلام.
وشددت البقاعي على أن الأمر الأكثر أهمية يتعلق بتمويل الحملة الانتخابية للحزب الديمقراطي في حال عدم خوض المنافسة عبر بايدن.
وأوضحت أن حملة بايدن الانتخابية تتحرك في دعايتها عبر مئات الملايين من الدولارات، وستنقل هذه الأموال لحملة كامالا هاريس إذا اُسْتُقِرّ عليها كمرشحة عوضًا عن بايدن.
واستدركت القول إن هذه الأموال لا تنقل لأي حملة أخرى، سواء أكان الاستقرار على ميشيل أوباما أم نيوسوم، وسيكون على من يُخْتَار كمرشح من الأخيرين، تجميع أموال دعاية جديدة ليس لها علاقة بأموال حملة بايدن.
من جهته أكد عضو الحزب الديمقراطي نعمان أبو عيسى أن عملية تغيير الدفع بالمرشح بايدن أمر ممكن "ولكن لا يرى الكثير من الديمقراطيين وجود سبب حقيقي لذلك".
وأوضح أبو عيسى في تصريحات لـ "إرم نيوز" أن ممثلي الحزب صرحوا بشكل رسمي أنهم سيؤكدون اختيارهم لبايدن كمرشح أمام ترامب، عندما يذهبون لمؤتمر الحزب في شيكاغو، خلال الأسبوع الثالث من أغسطس آب المقبل.
وأشار أبو عيسى إلى أنه في الوقت الذي اعترف فيه بايدن بالتعثر أمام ترامب في المناظرة السابقة، فإن هناك من الديمقراطيين من يتمسك ببايدن، اعتمادًا على فكرة "دعم المرشح الأضعف" والعمل على التسويق لذلك.
وأضاف أنهم يعملون على إظهار المخاوف المتعلقة بوصول ترامب مرة أخرى إلى البيت الأبيض، وما يترتب على ذلك.
ويرى النائب التنفيذي لرئيس جامعة سانت فينيست الأمريكية في نيويورك، الدكتور عابد الكشك، أن الديمقراطيين في مأزق شديد بعد المناظرة الأخيرة الضعيفة لبايدن أمام ترامب.
وقال لـ"إرم نيوز" إن هذا الأمر يطرح إمكانية حدوث تطورات في الثبات على ترشيح بايدن، خلال المؤتمر الأخير للديمقراطيين قبل الانتخابات، المقرر عقده الشهر القادم.
وأوضح الكشك أن تغيير المرشح جائز وممكن، ولكن ذلك يحمل صعوبات جمة، منها أن كبار الديمقراطيين والمؤثرين في الحزب، منقسمون بشكل كبير، حول الاستقرار على بايدن أو الدفع بمرشح آخر، لا سيما أن الذهاب إلى آلية اختيار مرشح جديد يتطلب موافقة بايدن.
وذكر أن هناك من يفضل الانتظار والبحث عن قدرة بايدن في التعامل مع ثقة الناخب الأمريكي، من خلال بعض الأحداث التي ستظهر.
وحذر أن ذلك "رهان خطير"، لأن عدم تفاعل بايدن بالشكل المطلوب سيخلق مشكلة في ظل الوقت الضيق لتغيير مرشح الحزب الديمقراطي وإيجاد بديل له.
وأشار إلى أن الفترة القادمة ستظهر مدى دعم الديمقراطيين لبايدن باستكمال خوضه الانتخابات كمرشح للحزب أم اختيار آخر، في ظل سؤال صعب يتعلق بماهية البديل في حال قرر بايدن عدم خوضه الانتخابات.