ترامب يقول إنه يعتزم التحدث إلى بوتين خلال الأيام المقبلة
تشكل أحزاب "اليمين المتطرف"، بعد أن تصدرت نتائج انتخابات البرلمان الأوروبي، مؤخرًا، مصدر قلق للمسلمين، الذين تتجاوز أعدادهم الملايين في "القارة العجوز"، فيما يدعو مسؤولو المنظمات والهيئات الإسلامية رعاياهم إلى اللجوء للحكمة في التعامل مع المرحلة الحالية التي تشهد مخاوف من عودة "الإسلاموفوبيا".
كما تتخوف أوساط سياسية من خطر "اليمين المتطرف" على المسلمين، أو التضييق على المدارس الإسلامية وغلقها في الدول الأوروبية، وكذلك الجمعيات الإسلامية التي تقدم خدمات للاجئين والمهاجرين المسلمين، مع عدم السماح بإقامة مزيد من المساجد، أو ممارسة الشعائر الدينية الإسلامية في الأماكن العامة والشوارع والطرقات.
وشملت انتخابات البرلمان الأوروبي 27 دولة، وهي مجموع دول الاتحاد الأوروبي، الذي يصل تعداد سكانه إلى 450 مليون نسمة، بمشاركة نحو 360 مليون ناخب لهم حق الانتخاب لإيصال ممثليهم إلى مقاعد البرلمان في بروكسل.
نحن لا ننظر إلى أنفسنا على أننا جاليات، بل نحن مواطنون كاملو المواطنة حتى وإن كانت هناك أطراف لا تبادلنا هذه الحقيقة.الأمين العام للمجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا عبد الصمد اليزيدي
مسلمو ألمانيا ومخاوف "الحقبة النازية"
في الوقت الذي تلجأ فيه تيارات "اليمين المتطرف" إلى عدة شعارات عنصرية وسياسات تتوضح في أنها تعتبر اللاجئين والمسلمين تحديدًا، خطرًا على المجتمعات الأوروبية تجب مواجهته، رفعت بعض الأحزاب شعارات من مثل "أوروبا خالية من الإسلام والمتطرفين"، وغيرها.
وحيال ذلك، يقول الأمين العام للمجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا عبد الصمد اليزيدي، إنه "حتى لو كان يُسوق اليمين المتطرف على أنه خطر كبير على المسلمين والأجانب فقط، إلا أن هذا الخطر يتعدى ذلك إلى ويشكل انتكاسة لما عُرفت به أوطاننا الأوروبية حقوق إنسان وحرية تديّن واحترام للآخر".
ويضيف اليزيدي، لـ"إرم نيوز": كل هذه الأمور أصبحت على المحك ومهددة، ونؤكد دائماً خوفنا ليس على المسلمين فقط، بل من أن تُحترق هذه الأوطان بأتون الأيديولوجيات اليمينية المتطرفة التي توغلت في السياسة والبرلمانات وكذلك في المؤسسات الأمنية والعسكرية، في محاولة منها للسيطرة على دواليب الدولة وإرجاع البلاد إلى حقبة النازية".
وبحسب إحصائية لوزارة الداخلية الألمانية لعام 2020، يبلغ عدد المسلمين في ألمانيا 5,6 مليون، علمًا بأن أغلبية الدول الأوروبية تمنع الإحصائيات التي تعتمد على الدين أو العرق أو الجنسية وغيرها.
ويتابع اليزيدي: "نحن لا ننظر إلى أنفسنا على أننا جاليات، بل نحن مواطنون كاملو المواطنة حتى وإن كانت هناك أطراف لا تبادلنا هذه الحقيقة، إلا أننا كمجلس أعلى للمسلمين نعمل على ترسيخ مفاهيم وقيم الديمقراطية والتعايش والتسامح، إلا أنها باتت الآن مهددة".
اليمين المتطرف يريد تدينًا صامتًا، ويؤيد فكرة أن ممارسة الشعائر والحجاب والمساجد لا يجب أن يكون لها امتداد في الفضاء العمومي.الباحث السياسي الدكتور حميد درويش
مسلمو فرنسا.. المعادلة الصعبة
ومن فرنسا، يقول الباحث السياسي الدكتور حميد درويش، إن "المسلمين في فرنسا هم مواطنون كاملو المواطنة لديهم واجبات وعليهم حقوق، وحتى لو وصل اليمين المتطرف للحكم، إلا أن هناك مؤسسات رسمية، مثل المجلس الدستوري، ومجلس الدولة، وغيرها من المؤسسات الأوروبية، والقضاء، مثلاً لن تسمح بسهولة (لليمين المتطرف) بتطبيق كل السياسيات العادية والمتطرفة التي يتبنّاها ذلك التيار".
ويبلغ عدد المسلمين في فرنسا من 7 إلى 8 ملايين مسلم، وفقاً لإحصائيات غير رسمية.
ويضيف حميد درويش أن "ما يدعو للخوف هو أننا في محك ديمقراطي وفلسفي خطير، وما يُقلق الوضع الأمني هو أننا مقبلون في غضون أسابيع قليلة على تنظيم الألعاب الأولمبية".
ويؤكد درويش، لـ"إرم نيوز" أن "القضية ليست مرتبطة بالدين الإسلامي كدين له وجود فعلي، بل الأمر متعلق بقضية التدين، فالمعادلة الصعبة، لأن اليمين المتطرف يريد تدينًا صامتًا، ويؤيد فكرة أن ممارسة الشعائر والحجاب والمساجد لا يجب أن يكون لها امتداد في الفضاء العمومي أو تبدو للعيان، ويشجع صدام الحضارات، ولا يعتبر المسلمين المهاجرين حركة اجتماعية إنسانية لها ظروفها، بل يعتبرهم اجتياحًا له خطورة وجودية على المجتمعات الأوروبية".
الحكمة في مواجهة التطرف
وبشأن التعامل بين المسلمين وتيارات "اليمين المتطرف"، يوضح أمين عام المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا: "لا أتصور أن هناك إمكانية لتعامل مستدام مع أحزاب تحمل فكرًا فاشيًا، ولديها برامج تحض على الكراهية والعداء تجاه الأقليات، وتستهدف الديمقراطية ونهج العيش المشترك في مجتمعاتنا الأوروبية".
ويؤكد عبد الصمد اليزيدي ضرورة أن "تتمثل إستراتيجيتنا في بناء تحالف للعقلاء والحكماء من محبّي السلم والإنسانية لمواجهة المدّ المتطرف، سواء على مستوى البرلمانات أو التدافع السياسي أو على الصعيد المجتمعي والإعلامي وغيرها".
ويتابع: "رسالتنا كمواطنين مسلمين لعموم المجتمع الألماني، هي أن تقسيم المجتمع لفئات وأقليات وطوائف لا يخدم إلا المتطرفين، وعلينا الاشتغال معًا لبناء مفهوم المواطنة الشاملة بغية التغلب على المتطرفين الغلاة وكارهي الإنسانية".
وبدوره، يشدد الدكتور حميد درويش أن "أفضل تعامل مع اليمين المتطرف أو مع الوضع السياسي الهش هو اللجوء للحكمة، وسياسة الكرسي الفارغ لن تجدي نفعًا، وعلينا التأهب الجماعي كموطنين مسلمين، وتجنب ويلات أزمات لم تحمل عقباها، بالدعوة إلى التصويت".