مصادر فلسطينية: غارة إسرائيلية تستهدف مخيم جباليا شمال قطاع غزة
تتواصل المواجهات بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والسلطة القضائية في صراعٍ بدا في بعض جوانبه وكأنه معركة بين السلطات، حيث تحاول كل جهة فرض هيمنتها على الأخرى.
هذا الصراع، الذي اتخذ في بعض فصوله طابع "الكر والفر"، قد يزداد حدّة، ويصل في المستقبل القريب إلى مرحلة من "تكسير العظام" بين الطرفين.
وتوقع عدد من الخبراء في الشؤون الأمريكية أن يواصل ترامب تحدي القضاء، مشيرين إلى أن الهيئات القضائية الأمريكية لن تقف مكتوفة الأيدي أمام محاولاته المستمرة لإلغاء أو تعليق بعض قراراته. وأكدوا أن هذه المواجهات القضائية قد تبدأ بتهم سياسية، لكنها قد تتصاعد إلى تهم جنائية، تشمل تهديد السلم المجتمعي، فضلاً عن اتهامات أخرى في حال تمسك ترامب بمواقفه التصادمية مع القضاء.
تتمثل أبرز ملامح هذه المواجهات في قرارات قضائية متعددة كان من شأنها تعطيل أو تعليق بعض سياسات ترامب، مثل تلك المتعلقة بالهجرة والإجراءات ضد المهاجرين، فضلاً عن قراره بشأن شبكة "صوت أمريكا" التي يتم تمويلها من الحكومة الفيدرالية.
ففي إحدى القضايا، منع قاضٍ اتحادي إدارة ترامب من الترحيل السريع لمهاجرين، بينما علق قاضٍ آخر القرارات الرامية إلى إغلاق شبكة "صوت أمريكا" في أعقاب قرارات ترامب بقطع التمويل عنها، رغم موافقة الكونغرس على تمويلها.
وفي هذا السياق، قال الخبير في الشؤون الأمريكية، الداه يعقوب، إن ترامب مصر على التحدي المباشر للقضاة الأمريكيين الذين يعلقون قراراته.
وأشار يعقوب إلى أحد أبرز الأمثلة التي تجسد هذا التحدي، حيث كان ترامب قرر تقليص تمويل "صوت أمريكا" كجزء من خطة لتقليص الإنفاق العام، وهو ما عارضته المحاكم الأمريكية في وقت لاحق، من خلال تعليق هذا القرار القضائي.
وأوضح يعقوب لـ"إرم نيوز" أن هذا التحدي للقضاء ليس جديدًا، بل يعيد إلى للأذهان المواجهات الأولى بين ترامب والقضاء الأمريكي في ولايته الأولى، خاصة فيما يتعلق بقضايا الهجرة والترحيل.
وأضاف أن الوضع يشي بتوقعات مستقبلية بمزيد من التصعيد، خاصة في ظل انتقاد ترامب المتواصل للقضاة، مع مطالبته المحكمة العليا بتأييد قراراته، مهددًا بانتقاد القضاة الذين عيّنهم إذا لم يوافقوا على آرائه. وبالتالي، فإن العديد من قرارات ترامب لا تجد طريقًا للتنفيذ الفعلي بسبب تدخل القضاء الأمريكي المستمر وتعليقه لهذه القرارات.
وفي السياق ذاته، أشار الباحث في الشؤون الأمريكية، رامي درويش، إلى أن هذا التصعيد يعكس محاولات ترامب المستمرة لإخضاع القضاء الأمريكي لسلطته؛ ما يهدد استقلالية هذا الأخير.
وأكد درويش أن الرئيس الأمريكي يعاني سوء التقدير في تعامله مع السلطة القضائية، حيث يخلط بين التعامل مع الداخل والخارج، ولا يفهم أن فرض الضغوط على القضاء الأمريكي قد يختلف تمامًا عن التعامل مع الملفات السياسية أو الخارجية.
وأضاف لـ"إرم نيوز" أن ترامب لم يعد فقط يتعامل مع القرارات القضائية باعتبارها معوقات، بل بدأ في فرض سياسته عبر التهديد؛ ما يضر بالنظام الديمقراطي في البلاد.
وأوضح درويش أيضًا أن القضاء الأمريكي لن يظل صامتًا أمام هذا التصعيد، خاصة أن تصرفات ترامب قد تؤدي إلى تهم جنائية تتعلق بتهديد السلم المجتمعي، بالإضافة إلى تهم أخرى قد تظهر إذا استمر في التصادم مع القضاء.
وأشار إلى أن بعض القضاة المنتمين إلى التيار الجمهوري قد تجنبوا التعامل مع القضايا التي كان ترامب طرفًا فيها، في إشارة إلى أن حتى القضاة المحسوبين على الحزب الجمهوري بدؤوا في إظهار مقاومة لهذا الضغط.
ومن جهة أخرى، يرى درويش أن مواقف ترامب تجاه القضاء لا تقتصر على خلافات سياسية، بل تشمل أيضًا ما يعتقده ترامب من "ثأر" شخصي ضد السلطة القضائية نتيجة لاتهاماته المستمرة بتزوير انتخابات 2020.
وهذا ما يعكس إصراره على محاربة ما يسميه "الدولة العميقة" وتجاوز سلطتها، حيث يعتقد أن جزءًا كبيرًا من القضاء الأمريكي يشكل جزءًا من المعسكر المعادي له.
وتتسم هذه المواجهات بين الرئيس الأمريكي والقضاء الأمريكي بالتصعيد المستمر، ومن المرجح أن تشهد المزيد من التوتر في الفترة القادمة. ويبقى أن نرى ما إذا كانت هذه المعركة ستنتهي لصالح ترامب في سعيه للهيمنة على القضاء، أم أن السلطة القضائية ستنجح في التصدي له، متمسكةً باستقلالها وحيادها.