مصادر طبية بغزة: ارتفاع حصيلة القتلى إلى أكثر من 230 قتيلا إثر غارات إسرائيلية

logo
العالم

بعد طردها من الساحل.. فرنسا في مهمة صعبة نحو أفريقيا الناطقة بالإنجليزية

بعد طردها من الساحل.. فرنسا في مهمة صعبة نحو أفريقيا الناطقة بالإنجليزية
جنود فرنسيون في أفريقياالمصدر: رويترز
18 يناير 2025، 9:07 ص

في قلب تطورات طرد الفرنسيين المتسلسل من عدة بلدان في إفريقيا، تتصاعد حدّة المشاعر المعادية لباريس بين السكان المحليين في مستعمراتها السابقة، الأمر الذي دفع بها إلى محاولة استدراك تراجع نفوذها عبر تعزيز التعاون العسكري والاقتصادي مع البلدان الإفريقية الناطقة باللغة الإنجليزية.

وعُدّت فرنسا القوة الغربية الأبرز، رغم خروجها من آخر مستعمرة في إفريقيا في ستينيات القرن الماضي إلى غاية تاريخ شن حربها على التطرف الذي كان تنظر إليه حكومات وأهالي غرب إفريقيا بتفاؤل بداية عام 2009 عبر عملية "سابر" ثم "سيرفال" في مالي ما بين عامي 2012-2014، وانتهت بعمليتي "تاكوبا" و"برخان" ما بين سنوات 2014 و2022.

ومع ذلك، فإن التفاؤل المحيط بالتدخل العسكري الفرنسي والأوروبي في المنطقة تبدّد بمرور الوقت بسبب العديد من الأخطاء الاستراتيجية، منها ما تعلق بسوء استخدام الطائرات بدون طيار المسلحة، والمساعدات والدعم الفرنسي العسكري للأنظمة الفاسدة وغير الديمقراطية.

أخبار ذات علاقة

"وداعا أفريقيا".. ماذا بقي لفرنسا بعد خسارة قواعدها في تشاد وساحل العاج؟

حماية إرث فرنسا

ومنذ التحاق تشاد والسنغال بكل من النيجر ومالي وبوركينافاسو في حملة ضد القواعد الفرنسية على أراضيها جرى نقاش واسع في وسائل الإعلام المحلية وبين اليمين المتطرف حول أسباب فشل الرئيس إيمانويل ماكرون في حماية إرث الاستعمار الفرنسي كان قد حافظ عليه الرؤساء المتعاقبون، إذ فشل في تحصين السياسة الاقتصادية تجاه هذه البلدان من الانهيار، لاسيما في منطقة الساحل، كما يتضح من التهديد المستمر بالانسحاب من التعامل بالفرنك الأفريقي من قبل العديد من الدول الناطقة بالفرنسية في غرب القارة.

وحاصر دعم باريس الأنظمة غير الشرعية انتقادات بلدان غرب إفريقيا، حيث أدى إرثها الاستعماري إلى خلق دول مصطنعة مفتقرة إلى المصداقية شعبيا وإخفاقها في منع الصراعات، ما أجّج لاحقا "نيران" الانقلابات العسكرية في منطقة الساحل.

انتكاسة فرنسا

وأصبحت ساحل العاج أحدث دولة في سلسلة من الدول في غرب إفريقيا تطلب من القوات الفرنسية مغادرة بلادها. وأعلن الرئيس الحسن واتارا قراره "بسحب القوات العسكرية الفرنسية بطريقة منسقة بحلول نهاية عام 2025" للمساعدة في تحديث القوات المسلحة للبلاد. وقبل أيام انسحبت نفس القوات من تشاد بعد طلب إلغاء اتفاقية الدفاع التي استمرت عدة عقود مع باريس، أعقب ذلك إعلان الرئيس السنغالي باسيرو فاي عن نية بلاده إنهاء وجود الجيوش الأجنبية قبل نهاية عام 2025.

وقد كانت خسارة تشاد بمثابة انتكاسة لفرنسا، حيث اعتبرت البلاد بمثابة حجر الزاوية في الاستراتيجية العسكرية الفرنسية في إفريقيا طيلة عقود، مما مكّن من نشر القوة في ليبيا ووسط إفريقيا والساحل.

وقبل ساحل العاج وتشاد والسنغال، كان تحالف دول الساحل وهي مالي والنيجر وبوركينا فاسو، هو أول من قطع العلاقات مع فرنسا، فقد توترت العلاقات بين باريس وواغادوغو منذ الانقلاب العسكري في عام 2022 الذي جلب الكابتن إبراهيم تراوري إلى السلطة، ومنذ ذلك الحين، تعاملت بوركينا فاسو مع روسيا بشكل كامل.

عصر جديد من الشراكة

وبعد هذه الانتكاسات الأخيرة، يتطلع ماكرون اليوم إلى بدء عصر جديد في الشراكة مع الدول الأفريقية الأخرى من خارج فضاء "فرانس أفريك"، وسط تساؤلات من طرف المراقبين ما إن كان بإمكان فرنسا الابتعاد عن نمط التدخل العسكري والنهج القائم على الأمن في أفريقيا.

واعتبرت انتكاسات فرنسا بمثابة جرس إنذار، لذلك تسعى لتعزيز العلاقات مع الدول الأفريقية الناطقة باللغة الإنجليزية، حيث تكون نظرتها للاستعمار أقل حدة.

وقد أسفرت زيارة الرئيس النيجيري بولا تينوبو إلى باريس في نوفمبر/ تشرين الثاني 2024 عن اتفاقية بقيمة 300 مليون دولار أمريكي تركز على الطاقة المتجددة والزراعة والرعاية الصحية وقطاع النقل.

أخبار ذات علاقة

نفوذ باريس يتقلص.. ساحل العاج تنضم إلى الدول "الطاردة" للفرنسيين

كما تتطلّع فرنسا إلى كينيا ورواندا من أجل تعميق علاقاتها معهما، ويمكن أن يبرز الأمن البحري باعتباره الناقل الرئيسي لتواصلها مع هذه المنطقة، حيث تتمتع باريس تقليديا بنفوذ، خاصة في منطقة جنوب غرب المحيط الهندي.

غير أن هذه المنطقة أيضا سوف تضطر فيها فرنسا إلى التنافس مع لاعبين مهمين آخرين مثل الهند والصين وتركيا والولايات المتحدة، والواقع أن نفوذ فرنسا في أفريقيا من غير المرجّح أن يعود إلى ما كان عليه في السابق، في ظل سعيها إلى الحفاظ على أهميتها في المشهد الجيوسياسي المتغير.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC