يستعد رئيس الوزراء الفرنسي السابق، غابرييل أتال، لتولي رئاسة حزب "رينيسانس" في 7 ديسمبر/كانون الأول المقبل، ما يمثل تحولًا كبيرًا في المشهد السياسي الفرنسي، لا سيما مع انسحاب رئيسة الوزراء الفرنسية السابقة، إليزابيث بورن، من سباق الرئاسة.
وبحسب صحيفة "لوموند" الفرنسية، يأتي صعود أتال في وقت يتنقل فيه في مناخ سياسي صعب، مع طموحات قد تمتد إلى ما وراء رئاسة الحزب نحو ترشيح رئاسي في المستقبل.
وبينت الصحيفة أن أتال، البالغ من العمر 35 عامًا، أصبح المرشح الوحيد بعد قرار بورن قبول منصب في رئاسة المجلس الوطني للحزب.
وأكدت أن هذا التطور لايؤدي إلى تعزيز سلطة أتال داخل "رينيسانس" فحسب، بل يضعه أيضًا في موقع إستراتيجي مع سعيه لتوحيد حزب يعاني من الحفاظ على هويته منذ تراجع شعبية الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
ويقود أتال حاليًّا المجموعة البرلمانية الماكرونية، ويصفه حلفاؤه بأنه شخصية ضرورية لمواجهة أنماط القيادة المؤثرة لخصوم مثل جان لوك ميلانشون على اليسار، ومارين لوبان على اليمين.
وأشاد النائب من "رينيسانس"، ديفيد أمييل، بإمكانات أتال ليكون تجسيدًا مركزيًّا للحزب، وهو أمر ضروري لاستعادة ثقة الناخبين والزخم، وفق الصحيفة.
من جانبه، قلل أتال من حديثه عن طموحات رئاسية فورية، مؤكدًا أن مناقشة الانتخابات الرئاسية لعام 2027 أمر "سابق لأوانه"، لافتًا إلى أن وضعه الإستراتيجي داخل "رينيسانس" قد يمهد الطريق لحملة مستقبلية.
وأكد أتال، الذي واجه تحديات خلال توليه رئاسة الوزراء لفترة قصيرة، تصميمه على إنعاش المعسكر الماكروني، رغم ضغوط الناخبين وإقامة حزبه.
وأشارت الصحيفة إلى أن العلاقة بين أتال وماكرون، والتي شهدت توترًا، قد تحسنت مؤخرًا، مع إشارات إلى تعاون مستقبلي.
ويبقى المراقبون داخل الإليزيه حذرين، وسط تساؤلهم عما إذا كان أتال سيدعم أو يقوّض إرث ماكرون، الذي أصبح متنازعًا عليه بشكل متزايد بين الفصائل السياسية.
بدورهم، أثار النقاد مخاوف بشأن أسلوب قيادة أتال، واصفين إياه بأنه طموح بشكل مفرط، وقد يفتقر إلى أساس أيديولوجي قوي، وفق الصحيفة.
وقالت إن أتال يسعى مع ذلك إلى سد الفجوات داخل الحزب، منخرطًا مع كل من الديمقراطيين الاجتماعيين والسابقين من الجمهوريين في محاولة لتحقيق الوحدة، حيث تعكس مقترحاته التشريعية الأخيرة، التي تهدف إلى تشديد القوانين المتعلقة بالجرائم المرتكبة من قبل القاصرين، ميله نحو مواقف أكثر تحفظًا.
وأشارت "لوموند" إلى أنه بينما يستعد أتال لدوره الجديد، يواجه مهمة شاقة تتمثل في إحياء "رينيسانس"، الذي شهد انخفاضًا كبيرًا في عضويته منذ ذروته، ولا سيما مع وجود 8500 عضو فقط مقارنة بـ 400000 خلال ذروة حركة ماكرون، مبينة أن قيادة أتال ستكون حاسمة في إعادة تعريف هوية الحزب وإستراتيجيته الانتخابية.
وختمت الصحيفة بالقول، إن رحلة أتال تعكس الديناميات المعقدة للسياسة الفرنسية، حيث تتقاطع ولاءات الأحزاب والطموحات الشخصية في كثير من الأحيان، سواء كان بإمكانه تنشيط "رينيسانس" أو توجيه أنظاره نحو إمكانية الترشح الرئاسي، مؤكدة أن انتخابه المرتقب كزعيم للحزب يمثل لحظة محورية في هذه السلسلة السياسية المستمرة.