الجيش الإسرائيلي يؤكد استهداف "قدرات عسكرية" سورية في حماة وحمص ودمشق
في الساعات الأولى من التحركات ضد اعتقال أكرم إمام أوغلو، عمدة إسطنبول وأحد أبرز معارضي الرئيس رجب طيب أردوغان، ظهرت مجموعة من الطلاب الذين نشأوا في ظل حكمه، ليؤدوا دورًا بارزًا في تنظيم الاحتجاجات التي تحولت إلى موجة غضب عارمة.
واستمرت هذه التظاهرات لليوم السادس على التوالي، حيث رفع الشباب الجامعيون مطالبهم ليس فقط بالإفراج عن إمام أوغلو، بل أيضًا ضد النظام الذي يشعرون أنهم لم يعد لديهم ما يخسرونه تحت وطأته.
وقالت صحيفة "لوموند" الفرنسية في تقريرها إن اعتقال أكرم إمام أوغلو، عضو حزب الشعب الجمهوري الكمالي (CHP)، في 19 مارس 2025، أشعل شرارة الاحتجاجات التي بدأت مع مجموعة صغيرة من الطلاب، سرعان ما توسعت لتشمل آلاف المتظاهرين في مختلف المدن التركية.
وأوضح التقرير أن هؤلاء الطلاب، الذين لم يعرفوا إلا حكم أردوغان الذي دام لأكثر من 22 عامًا، شعروا بأن الوقت قد حان للتعبير عن غضبهم ورفضهم للنظام الحالي، مؤكدًا أنهم أصبحوا جيلًا لا يملك ما يخسره بعد أن أضحى التعليم، الاقتصاد، والحرية الشخصية في مهب الريح في ظل حكم الرئيس التركي.
من بين هؤلاء الطلاب الذين تصدروا الاحتجاجات كان دنيز، الطالب البالغ من العمر 18 عامًا في كلية الإعلام بجامعة إسطنبول، وباريش، 20 عامًا، الذي يدرس العلوم السياسية في جامعة غلطة سراي، وإيبرو، 20 عامًا، طالبة في السوسيولوجيا بجامعة بوغازيتشي، وإيدا، 22 عامًا، التي تدرس الطب في جامعة يدي تبه.
وينتمي هؤلاء الشباب إلى جيل منغمس في القضايا السياسية والاجتماعية، حيث كانوا جزءًا من الحركة الطلابية اليسارية الناشطة منذ سنوات، والمشاركة في الدفاع عن حقوق الإنسان، حقوق المرأة، والطبقات العاملة.
وأضاف تقرير الصحيفة الفرنسية أن الشرارة الأولى التي أشعلت الاحتجاجات كانت إعلان جامعة إسطنبول في اليوم السابق لاعتقال إمام أوغلو عن إلغاء شهادة التخرج التي منحتها له منذ أكثر من ثلاثين عامًا. هذا القرار، الذي اعتبره الطلاب بمثابة خطوة استباقية لتقويض فرصه في الترشح للرئاسة في انتخابات 2028، دفعهم إلى اتخاذ إجراءات فورية.
في مساء يوم الثلاثاء، اجتمع الطلاب على وجه السرعة لتنظيم تظاهرة أمام مطعم الطلاب في جامعة إسطنبول، مكان له رمزية خاصة، إذ كان إمام أوغلو قد حصل على شهادته هناك.
وتابع التقرير أنه رغم حظر السلطات للتظاهرات، تجمع حوالي 600 طالب في المكان المحدد في الساعة الواحدة بعد الظهر يوم الأربعاء، ليبدأوا احتجاجًا ضد اعتقال إمام أوغلو ومطالبة بالإفراج عنه، مشيرًا إلى أنه ما بدأ كاحتجاج طلابي صغير تحول بسرعة إلى تظاهرة حاشدة، حيث تدفق المزيد من الطلاب من مختلف الجامعات.
وعلى الرغم من محاولات الشرطة وقفهم، استمر الطلاب في السير، وبثوا مشاهد تجاوزهم للطوق الأمني عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مما ألهم العديد من الشباب للانضمام إليهم.
وأشار التقرير إلى أنه بمرور الوقت، توسعت الاحتجاجات لتشمل مدنًا أخرى، حيث سار الآلاف نحو ميدان ساراج هانة، مقر بلدية إسطنبول، الذي أصبح مركزًا للحركات، لافتًا إلى أنه في يوم الأربعاء، كانت التظاهرات قد اجتذبت حوالي 30 ألف شخص، مع مشاركة طلاب من مختلف الجامعات في جميع أنحاء البلاد، ومن بينهم 3 آلاف طالب من جامعة يدي تبه الخاصة.
وفي اليوم التالي، كان العدد قد ارتفع إلى أكثر من 200 ألف شخص، مع تقديرات تشير إلى أن الأعداد تجاوزت المليون في بعض الأماكن، حيث تشير أرقام الحكومة إلى أن أكثر من 1130 شخصًا قد تم اعتقالهم حتى الآن في هذه الاحتجاجات.
ومع ذلك، فإن إيبرو، إحدى الطلاب الذين شاركوا في التظاهرات، ترى أن الحراك ليس مجرد رد فعل على اعتقال إمام أوغلو، بل هو تعبير عن أعمق الإحباطات التي يعاني منها الشباب في تركيا. وتقول إيبرو: "لقد وصلنا إلى نقطة لم يعد لدينا ما نخسره، لا أمل في هذا النظام. إذا كانوا قادرين على سحب شهادة إمام أوغلو، فما الذي سيحدث لشهاداتنا؟".
في الوقت نفسه، يرى دنيز أن هذه الاحتجاجات تمثل تحولًا كبيرًا، قائلاً: "منذ احتجاجات غيزي عام 2013 كانت هناك بعض التحركات، لكن هذه المرة الأمر مختلف. لقد استفاق الشباب على الواقع بشكل حاسم".
وأضاف أن هذه التظاهرات لم تكن مجرد احتجاجات ضد السياسات الحالية، بل هي بداية صراع طويل من أجل تحقيق التغيير السياسي في البلاد.
وخلص التقرير إلى أنه بينما تستمر التظاهرات، يواصل الطلاب وناشطو الحركة الطلابية في تركيا مسيرتهم الاحتجاجية، متحدين القمع الحكومي، ويأملون في دفع المجتمع التركي نحو مرحلة جديدة من التغيير السياسي والاجتماعي.