نتانياهو لماكرون: إسرائيل تتوقع دعم فرنسا وليس فرض "قيود" عليها
في أعقاب موجة العنف المتصاعدة التي تشهدها بريطانيا، هذه الأيام، بقيادة تيارات "اليمين المتطرف"، متمثلةً في تفشي الإسلاموفوبيا وتكريس العداء ضد المهاجرين، يقول الشيخ الدكتور فايد محمد سعيد، إمام وخطيب المسجد الكبير في لندن، إن "مخاوف المسلم مشروعة، لأن المتطرفين لم يكتفوا بالاعتداء على المساجد والأفراد والأحياء، بل تعدى ذلك إلى الاعتداء على الأموات وتدنيس المقابر".
ويؤكد الشيخ فايد محمد، لـ"إرم نيوز"، أن "مسلمي بريطانيا يجب أن يعملوا ضمن المجتمع البريطاني الكبير الذي وقف معهم يوم 7/8/2024"، داعياً في الوقت نفسه لـ"نبذ العنصرية والكراهية".
وكانت احتجاجات عنيفة اندلعت، الأسبوع الماضي، أسفرت عن أعمال شغب "غير مسبوقة" في المملكة المتحدة، إثر مقتل 3 فتيات طعناً في 29 يوليو / تموز بساوثبورت، شمال غرب إنجلترا، وانتشار معلومات "مضللة" عن المهاجم بأنه "مسلم متطرف"، بحسب وسائل إعلام بريطانية.
وفي المملكة المتحدة، التي يبلغ عدد المسلمين فيها، بحسب الإحصائيات الرسمية، نحو 4 ملايين نسمة، أي ما يقارب 6% من السكان، تسير الأمور في تأهب دائم، شعبياً ورسمياً، فيما يعيش المسلمون ترقباً مصحوباً بالخوف.
وكان رئيس الوزراء البريطاني الجديد كير ستارمر، وصف المتهمين بقتل الفتيات بأنهم "خارجون عن القانون من اليمين المتطرف"، كونهم استهدفوا بفعلتهم المسلمين والسود والمهاجرين، على حد سواء.
وهنا نصّ لقاء "إرم نيوز" مع الشيخ الدكتور فايد محمد سعيد، إمام وخطيب المركز الإسلامي (المسجد الكبير) في لندن، عضو المجلس الأوروبي للقيادات المسلمة.
الحقد والكراهية والخوف من الآخر، كلها تجعل الإنسان يتصرف بهمجية ودون النظر إلى العواقب، ومخاوف المسلم مشروعة، لأن المتطرفين لم يكتفوا بالاعتداء على المساجد والأفراد والأحياء، بل تعدى ذلك إلى الاعتداء على الأموات وتدنيس المقابر.
إن فقدان الشعور بالأمان يؤدي إلى الإحباط، ويؤثر على وحدة المجتمع، ويعطل عجلة الإنتاج.. والمسلمون في هذا البلد مكون اقتصادي واجتماعي مؤثر.
يعاني المسلمون من تربص بعض المتطرفين الذين يرمونهم بكل التهم، وهم بحاجة إلى لم الشمل ووحدة الكلمة.
وللمسلمين في هذا البلد تاريخ مشرف؛ فالإسلام لم يدخل عن طريق المهاجرين، بل إن أوائل المسلمين البريطانيين كانوا كتاباً ودبلوماسيين ومثقفين، مثل الشيخ عبد الله قوليوم، دبلوماسي، والكاتب الكبير الشيخ حسن گاي إيتن، الذي ألّف كتباً مهمة مثل "مفهوم العدالة في الإسلام"، و"مفهوم الإله في الإسلام"، و"رحلة الإنسان"، وغيرهم من الفنانين والمؤثرين قبل موجات الهجرة.
وعليه، من الأهمية بمكان أن يقوم المسلمون بدورهم الإيجابي في خدمة المجتمع ونشر المعروف بين الناس.
بريطانيا بلد متسامح متعدد عُرف بجمال أهله وسعة صدرهم. لقد هزّ ما حصل من اعتداء الشعور بالأمان الذي كان يميز واقع الحال في هذا البلد الجميل.
التطرف منبوذ، أياً كان مصدره ومنبعه، وهو يمثل خطورة كبيرة، لأنه مبني على الكراهية والحقد ونبذ الآخر، ولأنه لا يشبههم في اللون أو في العرق أو الفكر أو الدين.
صعود المتطرفين كارثة على الوطن، وعلى وحدة المجتمع، وهو وقود الفتنة كفانا الله شرها.
نشيد بموقف رئيس الحكومة ووزرائه الثابت والحازم بتطبيق القانون بحذافيره، وهذه خطوة تستحق الإشادة.
واليوم، المسلمون يجب أن يعملوا ضمن المجتمع البريطاني الكبير الذي وقف معهم يوم 7/8/2024 ونبذ العنصرية والكراهية.
المسلمون جزء من المجتمع.. مصلحتهم من مصلحة المجتمع، وديننا الإسلامي يأمرنا بنشر الخير والإصلاح، وكانت أول رسالة للحبيب الأعظم (صلى الله عليه وسلم) عند قدومه المدينة، والتي رواها الحبر اليهودي آنذاك عبد الله بن سلام: "أفشوا السلام وأطعموا الطعام".
والضمانة الحقيقية هي الاستثمار في الحوار والعمل بشكل مشترك مع كل مكونات المجتمع بمختلف الديانات والطوائف والأعراق.
الشرطة تقوم بدور حيوي وكبير جداً، وقد تعرّض أفراد الشرطة وجهات إنفاذ القانون للاعتداء وضحّوا، ونحن مدينون لهم بذلك.
العلاقة بين الشرطة وعموم المجتمع المسلم على أحسن حالها. وأنا أتوجه من خلال هذا المنبر إلى جميع أفراد المجتمع المسلم في هذا البلد أن يتعاونوا مع الشرطة، وأن يسهّلوا عليهم أعمالهم.
مع كثرة هذه الاعتداءات أيضاً هناك، كثر الذين يعتنقون الدين الإسلامي. ويجب علينا بذل الجهد في حث الحكومة ومجلس العموم لسنّ قوانين تحرم هذه الاعتداءات وتسميتها بمسماها الحقيقي (إسلام-فوبيا).
ونسعى كذلك لتسجيل كل هذه الاعتداءات لدى الشرطة والجهات القضائية ومتابعة المعتدين، كما يجب نشر الوعي بين أفراد المجتمع والاستثمار في قضايا الحوار والعمل الجمعي.
نحن بحاجة إلى إحياء قيم الإسلام العظمى، بقول الله تعالى: (وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ).
وندعو إلى الالتفاف حول إنسانية الإنسان؛ ففي القرآن الكريم خمسة نداءات متكررة ينادي فيها المولى جل في علاه بقوله: "يا بني آدم"؛ هذا النداء يذكرنا بأنّ كل من على وجه هذه الأرض لهم أب واحد ورابطة نسب واحدة. وقد قال صلى الله عليه وسلم (كلكم لآدم وآدم من تراب).