إيراني يدلي بصوته في الانتخابات الرئاسية
إيراني يدلي بصوته في الانتخابات الرئاسيةرويترز

لا صوت يعلو فوق سلطة المرشد.. هل يحدث الرئيس الجديد فرقاً في السياسة الإيرانية؟

لا يمنح النظام السياسي الإيراني سلطات واسعة لرئيس الجمهورية، على الرغم من أنه يقود السلطة التنفيذية دستوريًا، ومكلّف بالإشراف على الحكومة وبتمثيل إيران على الساحة الدولية.

وتحدّ سلطةُ المرشد الأعلى الشاملة من دور الرئيس بشكل كبير، خصوصًا فيما يتعلق بالشؤون والسياسة الخارجية وإدارة الملفات الإقليمية والدولية، ومنها الملف الأهم والأبرز المتمثل بملف البرنامج النووي الإيراني الذي تشتبك فيه إيران سياسيًا مع قوى عالمية كالولايات المتحدة الأمريكية، والاتحاد الأوروبي ومنظمات الأمم المتحدة المعنية.

مُنفّذٌ لسياسة المرشد

وبحسب العقيدة السياسية الإيرانية يعد رئيس الدولة منفذًا لسياسة المرشد وليس صانعًا لها، وينسحب هذا أيضًا على وزير الخارجية الإيراني.

وهنا تجدر الإشارة الى المجلس الأعلى للأمن القومي في إيران الذي يعمل كحلقة وصل حيوية للتنسيق بين مختلف الوزارات الحكومية والأجهزة الأمنية في تحديد السياسة الخارجية، الذي على الرغم من أن رئيس الجمهورية يترأسه ويضم ممثّلين عن الجيش والسلطات القضائية والتشريعية، بيد أنّ المرشد الأعلى ومن خلال تتبع وتحليل المقاربات السياسية الإيرانية يضطلع بنفوذ كبير على المجلس، إذ إن قراراته وآليات تنفيذها تخضع لموافقة وتوجيهات المرشد الأعلى.

وبالتالي ومن خلال تحليل سياقات الاشتباك السياسي الإيراني الخارجي يبدو جليًا أن السياسة الخارجية الإيرانية ومساراتها وثوابتها، لا تتغير بتغير الرئيس ولا تتأثر بشخصه أو بكونه من التيار المحافظ الأصولي أو الإصلاحي، أو أي تيار آخر، بل تنحصر بشخص المرشد الأعلى وتوجهاته، وهذا ما يفسر عدم تغير السياسة الخارجية الإيرانية منذ العام الذي وصلت فيه الثورة الخمينية للحكم في العام 1979 وحتى وقتنا الحاضر.

أخبار ذات صلة
حذر من مرشحين "محبين لأمريكا".. "فتوى خامنئي" تحدد هوية الرئيس الإيراني الجديد

ويعد بناء النظام السياسي في إيران نموذجًا معقدًا ومختلفًا عن معظم الأنظمة السياسية في إقليم الشرق الأوسط وحتى على مستوى العالم، وذلك منذ تحول الدولة الإيرانية من النظام الملكي تحت حكم الشاه محمد رضا بهلوي إلى نظام جمهوري ثوري عقائدي في العام 1979.

ويرتكز النظام السياسي في إيران على أيديولوجية ولاية الفقيه الشيعية كأعلى مرجعية في البلاد سياسيًا ودينيًا ويتبنى مفهوم تصدير الثورة.

وحدث هذا التحول الدراماتيكي على إثر قيام ما سمي بالثورة الإسلامية الإيرانية، التي بدأت بوادرها في بداية العام 1978 وحتى فبراير 1979، بقيادة المرجع الديني آية الله الخميني، الذي عاش قبلها لمدة في فرنسا منفيًا من إيران.

وخلقت ثورة الخميني بنية سياسية حددت توجه وشكل النظام السياسي في إيران حتى وقتنا الحاضر، إذ وضع مجلس خبراء الثورة دستورًا جديدًا أوجد من خلاله منصب القائد الأعلى الذي تولاه الخميني، ومنحه القيادة العليا والسيطرة على المؤسسة العسكرية والأمنية في البلاد، ومنحته سلطة مطلقة في اختيار وإقصاء المرشحين للمناصب القيادية العليا.

صلاحيات محدودة

وفي الوقت نفسه أقر الدستور منصب رئيس الجمهورية، الذي يتمتع بصلاحية محدودة مقارنة بالمرشد الأعلى الذي أصبح دستوريًا وعمليًا المرجعية الأعلى سياسيًا ودينيًا، الذي يحدد الإستراتيجيات والسياسات التي تتبناها الدولة في الشؤون الداخلية والخارجية، باعتباره قائد الثورة والزعيم الروحي في كيان الدولة.

ويمتلك المرشد الأعلى في نظام الحكم الإيراني أدوات فاعلة، تمثل أدوات الدولة العميقة ومؤسسات الحكم الفاعلة التي تتبع له بشكل مباشر، دون أي تدخلات أو صلاحيات لمنصب رئيس الجمهورية عليها.

ومنها على سبيل المثال لا الحصر، المجلس الإستراتيجي للعلاقات الخارجية الذي شُكِّل في العام 2006، كهيئةٍ استشارية للمرشد الأعلى، تطغى على صلاحيات وزارة الخارجية في إدارة الشؤون والسياسات الخارجية بتوجيه مباشر من المرشد الأعلى.

ويمثل الحرس الثوري الإيراني أيضًا أحد أدوات وعناصر الحكم الرئيسة، التي تتبع بشكل مباشر للمرشد الأعلى، والتي تعد المحور الأساسي في رسم وتنفيذ السياسة والأجندة الخارجية لإيران.

ومنذ العام 2008 وعلى إثر انسحاب القوات الأمريكية من العراق، إضافة إلى العام 2011 في بداية ما يسمى بالربيع العربي، توغل الحرس الثوري الإيراني وقياداته في كثير من دول المنطقة كالعراق وسوريا وأنشأ فيها ميليشيات عقائدية قتالية، علاوة على اتصاله ودعمه المباشر لأذرع إيران في المنطقة كحزب الله في لبنان والحوثي في اليمن وحركة حماس في غزة.

وتاليًا أصبح الحرس الثوري واجهة للتدخل السياسي والعسكري لإيران خارج حدودها، وأصبح أحد ركائز ومحددات السياسة الخارجية الإيرانية، دون أي تدخل ممن يتولى منصب رئيس الجمهورية الإيرانية على مر العقود الفائتة.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com