كيف تستفيد أوروبا من النموذج التايواني الحليف للغرب؟

سلّط تقرير لموقع "بوليتيكو" الأمريكي الضوء على نجاح تايوان المتاخمة للصين في بناء تحالفات إستراتيجية مع الولايات المتحدة، الأمر الذي يعد أنموذجًا لأوروبًا التي تواجه تهديدات من روسيا.  

ووفق التقرير، فقد نجحت الجزيرة الديمقراطية الصغيرة المتاخمة للصين في بناء تحالفات عبر جميع الفصائل والمناطق السياسية الأمريكية، الأمر الذي يمثل المصدر الرئيس لأمنها وقوتها.

دبلوماسية قوية

وبذلت تايوان جهودًا ومساعي حثيثة استمرت لسنوات لكسب تأييد المسؤولين الأمريكيين على كافة المستويات، وتعزيز المكانة السياسية للجزيرة في الولايات المتحدة، على الرغم من عدم الاعتراف بها رسميًا كدولة.

ويذهب التقرير إلى أن سياسة تايوان هذه مثال واضح على أن أفضل دفاع في بعض الأحيان ضد جارٍ توسعي مسلح نوويًا مثل الصين هو برنامج قوي للدبلوماسية والتواصل عبر الطيف السياسي الأمريكي، وبناء شبكة موسعة من المسؤولين المنتخبين المؤيدين لتايوان في كلا الحزبين.

ويؤكد تقرير "بوليتيكو" عدم وجود انقسام حزبي ملموس في الكونغرس حول دعم تايوان، ويلفت في الوقت نفسه إلى وجود اجتماعات حزبية مؤيدة لتايوان في أكثر من 12 هيئة تشريعية في الولايات الأمريكية، حتى في الولايات المحافظة والتقدمية.

ويبرز التقرير المزايا الإستراتيجية التي تتمتع بها تايوان، بما في ذلك ثروتها وقطاعها التكنولوجي والحوافز الاقتصادية التي يمكن أن تقدمها، مشيرًا إلى أن هذه المزايا ساعدت على بناء علاقات قوية مع الولايات والمسؤولين الأمريكيين، على عكس الدول الأوروبية التي تواجه تهديدات من روسيا.

فهم أعمق 

ويقترح التقرير على أوروبا أن تتعلم من نهج تايوان هذا، لبناء الدعم السياسي في الولايات المتحدة، لا سيما في هذا الوقت الذي يجتمع فيه قادة حلف الناتو، وسط مخاوف بشأن رئاسة ترامب الجديدة المحتملة، والحرب الروسية ضد أوكرانيا.

ويؤكد النهج الذي تتبناه تايوان، وتجسده شخصيات مثل الدبلوماسي السابق "هسياو بي خيم" (نائب رئيس تايوان الآن)، على فهم الديناميكيات السياسية الأمريكية والاستفادة منها. 

وتتضمن هذه الإستراتيجية، وفقًا للتقرير، استضافة أحداث مهمة للسياسة الأمريكية، والانخراط في الدبلوماسية الشخصية، والمشاركة بشكل إستراتيجي في المنتديات السياسية الأمريكية لتعزيز مصالح تايوان. 

وعلى سبيل المثال، نجحت تايوان في الحصول على الدعم من كل من الدوائر الليبرالية والمحافظة، وهو ما يتضح في القرارات المؤيدة لتايوان التي أقرتها العديد من المجالس التشريعية في الولايات، ودعمتها منظمات مثل مجلس التبادل التشريعي الأمريكي (ALEC).

بموازاة ذلك، يقول التقرير، إن فعالية النهج التايواني تكمن في القدرة على مواءمة مصالح تايوان مع مصالح المشرّعين الأمريكيين، بغض النظر عن انتماءاتهم الحزبية. ويشكل هذا الدعم من الحزبين أهمية بالغة لإستراتيجية تايوان الأمنية، خاصة في مواجهة التهديدات المحتملة التي تفرضها الصين.

ويلفت التقرير إلى أن المبادرات الدبلوماسية التايوانية في الولايات المتحدة قد تجاوزت جهود الصين لمواجهتها، ويرجع ذلك في المقام الأول إلى الصورة السياسية السلبية للصين في أمريكا، وتوافق سياسات تايوان الإستراتيجية مع القيم والأولويات الاقتصادية الأمريكية.

 القوة الاقتصادية

وخلافًا للدول الأوروبية التي تواجه تحديات جيوسياسية، وليس لديها نفوذ اقتصادي أو إستراتيجيات دبلوماسية مماثلة، تملك تايوان القوة الاقتصادية، لا سيما في قطاعات التكنولوجيا الفائقة مثل أشباه الموصلات (التي تجسدها شركات مثل TSMC)، حيث تمكنها هذه الميزة من تقديم فوائد اقتصادية كبيرة للولايات المتحدة الأمريكية.

وتختتم "بوليتيكو" تقريرها بالإشارة إلى أن أوروبا يمكن أن تستفيد من تبني التكتيكات الدبلوماسية الاستباقية والدقيقة التي تتبعها تايوان. ومن خلال الانخراط بشكل أكثر عمقًا مع صناع القرار الأمريكيين، وفهم المشهد السياسي الداخلي الأمريكي، تستطيع الدول الأوروبية تعزيز مواقفها الدبلوماسية وتحالفاتها الإستراتيجية في مواجهة التحديات العالمية. 

في حين يؤكد نجاح تايوان في التعامل مع السياسة الأمريكية على أهمية الدبلوماسية الشخصية، والحوافز الاقتصادية الإستراتيجية، والمشاركة الحزبية للدول الصغيرة التي تسعى إلى تأمين مصالحها الجيوسياسية على المسرح العالمي.