مساعد بوتين: الرئيس الروسي يولي اهتماما كبيرا بكل القضايا خلال الحوار مع واشنطن
مُنذ تولي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منصبه بالبيت الأبيض، تسعى الولايات المتحدة إلى لعب دور محوري في إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية التي دخلت عامها الرابع، إلا أنها حتى الآن لم تنجح هذه الجهود في تنفيذ وعد ترامب بالتوصل إلى تسوية نهائية للأزمة.
وصرّحت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية، تامي بروس، بأن المحادثات التي عُقدت في السعودية بين مسؤولين أمريكيين وروس هدفت إلى تحديد السبل الممكنة لإنهاء الحرب في أوكرانيا.
ومع ذلك، تواجه هذه الجهود تحديات عدة تعرقل التقدم نحو التسوية. أحد أبرز هذه التحديات هو استمرار العقوبات الغربية على روسيا.
وأفادت وكالة "بلومبرغ" بأن وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، أبلغ حلفاء واشنطن الأوروبيين بأن العقوبات على روسيا ستظل قائمة حتى يتم حل الأزمة الأوكرانية.
وتُعَدّ مسألة تبادل الأسرى بين روسيا وأوكرانيا من النقاط الشائكة في المفاوضات، حيث اقترح الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، تبادلا كاملا لجميع أسرى الحرب مع روسيا كخطوة نحو إنهاء الصراع؛ ما يشير إلى تعقيد هذه القضية وأهميتها في مسار التسوية.
وهذه العوامل مجتمعة تُعقّد الجهود الأمريكية والدولية الرامية إلى تسوية النزاع الروسي الأوكراني، يبقى التساؤل الأبرز، مصير المحادثات المحتملة لإنهاء الصراع وأين يكمن الخلل لإحداث تقدم ملحوظ في هذا الملف الشائك.
ويرى الخبراء، أن المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا تواجه العديد من العراقيل، أبرزها موقف بعض الدول الأوروبية ومحاولاتها عرقلة التسوية، خاصة مع تصاعد العمليات العسكرية وتقدم القوات الروسية، يزداد الضغط على أوكرانيا وحلفائها.
وأشار الخبراء، إلى أن موسكو من موقع قوة، يظل مستقبل هذه المحادثات مرهونا بالتنازلات التي قد تُقدَّم لإنهاء الأزمة، خاصة وأن موقف إدارة ترامب أصبح غير واضح، خاصة فيما يتعلق بالاعتراف بالمطالب الروسية والعقوبات الأمريكية المحتملة على موسكو.
وتوقع الخبراء، أن يُحدث اجتماع الرياض المحتمل بين وفدين أمريكي وأوكراني انفراجة في ظل استمرار الجدل حول إمكانية قبول أوكرانيا بالتنازل عن الأراضي التي سيطرت عليها روسيا، من خلال بلورة رؤية أوضح لمسار التسوية المحتملة.
من جانبه، قال سمير أيوب، المحلل السياسي والخبير في الشؤون الروسية، إن الحديث عن مفاوضات لحل الأزمة الأوكرانية بين روسيا وأوكرانيا، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر عبر الضغط الأمريكي، لا يعني أن هذه التسوية ستحدث بالسرعة المطلوبة.
وأوضح أيوب لـ"الدار"، أن هناك العديد من العراقيل التي تعيق التوصل إلى اتفاق، من بينها بعض الدول الأوروبية التي استبعدتها خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من طاولة المفاوضات، والتي تحاول عرقلة أي تقدم في هذا المسار.
وأشار إلى أن هذه الدول الأوروبية، رغم مواقفها المعلنة بدعم أوكرانيا، ليست قادرة اقتصاديا وماليا وعسكريا على الاستمرار في تقديم المساعدات لأوكرانيا لفترة طويلة.
ولفت إلى أن جبهة القتال تزداد تعقيدا بالنسبة لأوكرانيا وحلفائها، في ظل تقدم القوات الروسية بوتيرة أسرع مما سبق، وتعرض الجيش الأوكراني لضربات موجعة. وتوقع أن يكثف الجيش الروسي عملياته في مقاطعة كورسك، بهدف استكمال السيطرة على ما تبقى منها.
وبين أن الدول الأوروبية قد تمثل عائقا أمام المفاوضات، لكنها ليست العقبة الأساسية؛ إذ يبقى التساؤل الأهم هو: هل ستقبل أوكرانيا والدول الغربية الداعمة لها بالمطالب الروسية، التي تشمل مخاوف موسكو الأمنية إزاء توسع حلف الناتو وتحركاته في أوكرانيا؟
وأوضح أيوب أن المخاوف الروسية لا تقتصر فقط على احتمال انضمام أوكرانيا إلى الناتو، بل تشمل أيضا انضمام فنلندا والسويد إلى الحلف، وهو ما تعتبره موسكو تهديدا مباشرا لأمنها القومي.
وأضاف أن التساؤل الذي يطرح نفسه الآن هو: هل يمكن أن يؤدي حل الأزمة الأوكرانية إلى تمهيد الطريق لتسوية بقية الخلافات بين روسيا ودول الناتو؟ وأكد أنه حتى اللحظة، لا توجد مؤشرات واضحة على أن خطة ترامب تتضمن الاعتراف بالمطالب الروسية أو تقديم حلول تضمن تحقيق الاستقرار في المنطقة.
وبيّن أيوب أن صفقة المعادن النادرة قد تكون عاملا مؤثرا في استراتيجية ترامب تجاه روسيا، إذ يمكن أن يستخدمها للمناورة مع موسكو، لكنه أشار إلى أن العراقيل أمام المفاوضات لا تزال كبيرة، خاصة مع تهديد ترامب بفرض مزيد من العقوبات على روسيا ردا على استهدافها محطات الطاقة الأوكرانية؛ ما يزيد من تعقيد المشهد.
وأكد أيوب أن روسيا، في أي مفاوضات محتملة، ستتحدث من منطلق القوة، إذ لا تزال تسيطر على زمام الأمور في ساحة المعركة، في حين تحولت أوكرانيا إلى موقع الدفاع بعد تدمير بنيتها التحتية وجيشها. حتى محاولتها التقدم في مقاطعة كورسك انعكست عليها سلبا، وأدت إلى خسائر كبيرة في القوات والمعدات.
ورغم كل هذه التطورات، أشار أيوب إلى أن هناك تفاؤلا في موسكو بشأن بدء المفاوضات، لكن يبقى السؤال: إلى أي مدى ستستمر هذه المحادثات؟ وما التنازلات التي قد تقدمها روسيا لإنهاء الأزمة؟ كما أن مسألة احتفاظ موسكو بالمقاطعات الأوكرانية التي ضمتها لا تزال قيد البحث مع الإدارة الأمريكية، في انتظار موقف ترامب النهائي منها.
من جانبه، قال نبيل رشوان، المحلل السياسي والخبير في الشؤون الروسية، إن اجتماعا سيُعقد في الرياض خلال الأسبوع الجاري بين وفد أوكراني وآخر أمريكي، لمناقشة سبل التسوية السياسية للأزمة الأوكرانية.
وأوضح أن الوفد الأمريكي سيستمع إلى مقترحات الجانب الأوكراني بشأن الحلول المطروحة، على غرار اللقاء الذي سبق أن استضافته الرياض بين وفدين روسي وأمريكي.
وأكد رشوان لـ"إرم نيوز"، أنه لا توجد حتى الآن بنود محددة للتسوية، باستثناء ما تم الإعلان عنه من أن أوكرانيا قد تُطالب بالتنازل عن الأراضي التي سيطرت عليها روسيا خلال العملية العسكرية.
وأشار إلى أن مبدأ "الأرض مقابل السلام" سبق أن طُبّق بين مصر وإسرائيل بعد حرب أكتوبر 1973، والتي انتصر فيها الجيش المصري، لكن تطبيق هذا السيناريو في الأزمة الروسية الأوكرانية يظل محل تساؤل حول مدى قابليته للتنفيذ في ظل التعقيدات الجيوسياسية الحالية.
ولفت رشوان إلى أن الأراضي التي ضمتها روسيا ليست مجرد مناطق استراتيجية، بل تتمتع بثراء كبير في الموارد الطبيعية والمواد الأولية الضرورية للصناعات المختلفة، مما يزيد من أهميتها الاقتصادية لموسكو.
وأوضح رشوان أنه بعد لقاء الوفدين الروسي والأوكراني، من المتوقع أن تتبلور رؤية أكثر وضوحا حول آلية التسوية، بما يشمل صياغة محددة للمقترحات المطروحة، ومع ذلك، فإن نجاح هذه المفاوضات سيعتمد على مدى استعداد الأطراف المعنية لتقديم تنازلات تُفضي إلى إنهاء الصراع.