مسلسل يمجد الرئيس خافيير ميلي يُثير جدلا في الأرجنتين

قالت صحيفة "لوموند" الفرنسية إن مسلسل سيرة ذاتية مكون من ست حلقات حول الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي، الذي تولى منصبه في نوفمبر 2023، أثار جدلًا واسعًا.

وأشارت الصحيفة إلى أن مخرج المسلسل سانتياغو أوريا، الذي يشغل أيضًا منصب مدير الإنتاجات السمعية البصرية للرئاسة والحكومة، يصف العمل بشكل صريح بأنه "فيلم دعائي"، الأمر الذي أثار المزيد من التساؤلات حول الطبيعة السياسية للإنتاج.

مسلسل للترويج لرئاسة ميلي

وأوضحت الصحيفة بأنه تم إطلاق المسلسل الذي يحمل عنوان ميلي في 11 سبتمبر على منصة اكس (تويتر سابقًا)، ويهدف إلى توثيق صعود خافيير ميلي، السياسي اليميني المتطرف والليبرالي المتشدد، الذي تميز وصوله إلى رئاسة الأرجنتين بتحولات سياسية درامية.

ولفتت إلى أنه تم الترويج لإطلاق المسلسل بشكل مكثف، حيث قام ميلي نفسه بنشر الإعلان الترويجي على حسابه الشخصي على منصة اكس، حيث يتابعه 3.4 مليون متابع. 

يذكر بأن المقطع الدعائي يستمر لمدة دقيقة و41 ثانية، ويتميز بمونتاج سريع مع موسيقى درامية وشعارات مثل "الظاهرة التي تذهل العالم" و "من العدم إلى الرئاسة" و"الحملة الأكثر ملحمية في التاريخ".

وبحسب الصحيفة، يدعي المسلسل تقديم رؤية دقيقة لصعود ميلي السريع، بدءًا من ظهوره كمعلق تلفزيوني إلى فوزه في الانتخابات الرئاسية في 10 ديسمبر 2023، موضحة أن المسلسل يشمل لقطات حصرية وأرشيفية، تعيد سرد بداياته السياسية، بما في ذلك تصريحاته الشهيرة بعد فوزه في الانتخابات التشريعية لعام 2021: "لم آتِ لرعاية الحملان، بل لإيقاظ الأسود".

دعاية مقصودة

وأشارت الصحيفة إلى أن الحلقتان الأوليان تركزان على الحملات الانتخابية المبكرة لميلي، بينما تغطي الحلقات الأربع المتبقية رحلته نحو الرئاسة، بدءًا من فوزه في الانتخابات الأولية الإلزامية في أغسطس 2023 وصولًا إلى انتصاره الساحق في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية في نوفمبر، حيث حصل على حوالي 56% من الأصوات أمام جبهة بيرونية موحدة، لافتة إلى أن مخرج المسلسل ومنتجه، سانتياغو أوريا، لا يخفى الغرض السياسي من العمل. 

بدوره، يقول أوريا: "إنه فيلم دعائي، بالمعنى الإيجابي للكلمة"، مشيرًا إلى أن عمله يهدف إلى الترويج الصريح لإيديولوجية ميلي السياسية. 

وأوريا، الذي انتقل من مهنة المحاماة إلى صناعة الأفلام منذ أكثر من عشر سنوات، هو معجب صريح بالرئيس، إذ تعرف على ميلي أثناء جائحة كورونا عندما كان السياسي يروج لكتابه باندينوميكس، الذي انتقد فيه تأثير الإغلاقات على الاقتصاد العالمي. 

وأثار الكتاب جدلاً حيث وُجهت إلى ميلي تهم بالسرقة الأدبية من مقال علمي لعالم رياضيات مكسيكي يُدعى سلفادور غاليندو أوريباري.

مونتاج محموم

وأضافت "لوموند" أن أوريا، الذي كان متخصصًا في إخراج الفيديو كليبات الموسيقية، يسعى إلى إنتاج سلسلة تعكس مبادئه الليبرالية. 

ويقول أوريا: "كنت أرغب في صناعة أفلام ذات منظور ليبرالي، لكنني لم أجد مكاني"، مقترحا على ميلي فكرة إنتاج سلسلة تروج لكتابه وتوثق تداعيات الجائحة.

وتحولت هذه الشراكة إلى علاقة عمل وثيقة، حيث تولى أوريا قيادة الحملة السمعية البصرية لميلي أثناء ترشحه للرئاسة، وقد أنتج فيلمًا وثائقيًا بعنوان خافيير ميلي: الثورة الليبرالية، والذي تم إطلاقه على منصة يوتيوب في يوليو 2023 خلال حملة الانتخابات الأولية.

وتعكس جمالية السلسلة ما يسميه أوريا "روح حرب العصابات"، حيث يقدم ما يراه ملحمة في "المعركة الثقافية"،ويتميز بأسلوب مونتاج محموم يجمع بين لقطات مصورة بالهواتف المحمولة من قبل نشطاء الحملة، وصور أكثر احترافية من الحملات الانتخابية، ومقاطع تلفزيونية.

يشار إلى أن فريق أوريا يخطط لنشر الحلقات تدريجيًا مع اكتمالها، مع ترك مجال لتعديل الجدول الزمني في حالة ظهور أحداث سياسية جديدة. 

َوعلى سبيل المثال، تأخر نشر الحلقة الأولى لمدة 24 ساعة بعد تصويت البرلمان على قانون متعلق بزيادة المعاشات التقاعدية التي استخدم ميلي حق النقض ضدها.

تساؤلات حول التمويل

وأكدت الصحيفة أن إطلاق السلسلة اثار تساؤلات حول مصادر تمويلها، ولاسيما في ظل توقف صناعة السينما الأرجنتينية نتيجة الإغلاق المؤقت للمعهد الوطني للسينما والفنون السمعية البصرية (INCAA)، الذي يدعم العديد من الأعمال السينمائية في البلاد. 

وفي مواجهة هذه التساؤلات، أكد أوريا أنه مول المشروع باستخدام موارده الشخصية، مدعومًا بميراث ورثه. 

 وقال "هذه السلسلة منخفضة التكلفة نسبيًا؛ لم يتم تصوير أي شيء خصيصًا لها"، مضيفا أن إقراره المالي متاح لأي شخص يرغب في التحقق من ذلك.

قوة رقمية

ويتوقع أن تحقق السلسلة نجاحًا كبيرًا بفضل استراتيجية ميلي القوية في التواصل الرقمي، التي يشرف عليها مستشاره الشاب سانتياغو كابوتو، وتدعمها شبكة من المؤثرين على منصة اكس ، ولاسيما المستخدم البارز @GordoDan_ (دانيال باريسيني)، ففي غضون 12 ساعة فقط من عرض الحلقة الأولى، حصلت على 1.4 مليون مشاهدة على المنصة.

وختمت "لوموند": باعتباره فيلم سيرة سياسية، يبدو أن مسلسل ميلي - السلسلة سيصبح جزءًا من المشهد الإعلامي الأرجنتيني لعدة أشهر قادمة، متوقعة أن يلعب دورًا رئيسيًا في إبقاء قاعدة مؤيدي ميلي متحمسة مع اقتراب الانتخابات التشريعية في منتصف المدة لعام 2025.