logo
العالم

ما تداعيات انقسام البرلمان الإيراني تجاه حكومة بزشكيان؟

ما تداعيات انقسام البرلمان الإيراني تجاه حكومة بزشكيان؟
بزشكيان أمام البرلمانالمصدر: (أ ف ب)
19 أغسطس 2024، 12:44 م

يشهد البرلمان الإيراني الذي يهيمن عليه التيار الأصولي المتشدد، حالة من الانقسام فيما يتعلق بمراجعة أهلية المرشحين الذين قدمهم الرئيس الإصلاحي مسعود بزشكيان لتشكيل حكومته بعد نيل الثقة.

الانقسام حدث مع الدقائق الأولى من تسليم الرئيس بزشكيان قائمة الوزارية التي تضم 19 وزيرًا، فيما يعتبر عدد من الخبراء هذا الانقسام خطوة تهدد مستقبل الحكومة والوعود التي أطلقها بزشكيان إلى الشعب الإيراني الذي كان الغالبية العظمى منه مقاطع للانتخابات الرئاسية الأخيرة.

الدستور يتطلب تعديلاً

الخبير السياسي والمحلل الإصلاحي "أحمد زيد آبادي" يرى أن البنية التفاعلية للبرلمان والرئيس بموجب الدستور الإيراني تحتاج إلى تعديل، معتبرًا أنه "يمكن لنائب واحد أن يعلق الحكومة بأكملها".

وأضاف في حديثه لـ"إرم نيوز"، قائلًا: "علاوة على ذلك، فإن إقالة الرئيس لأسباب سياسية هي أيضًا من بين صلاحيات البرلمان، وبهذه الطريقة، إذا كان الرئيس وأغلبية البرلمان في صراع سياسي مع بعضهما البعض، فيجب على الرئيس وحكومته إما أن يكونوا غير مطيعين تمامًا للبرلمان، وفي الواقع، هذا يعني أن يستقيلوا طوعًا أو قسريًا بسبب البرلمان".

وأشار زيد آبادي إلى أن "الأنظمة السياسية التي تعتمد على آلية الانتخابات في العالم هي إما رئاسية أو برلمانية، وفي الأنظمة الرئاسية حيث يتم انتخاب الرئيس عن طريق التصويت المباشر من الشعب، ويتمتع رئيس السلطة التنفيذية بالسلطة نفسها التي يتمتع بها البرلمان أو أكثر، لذلك يتمتع بحق النقض على قرارات البرلمان".

وستدرك قائلًا: "لكن في الأنظمة البرلمانية تتركز كل السلطات في أيدي البرلمانيين ورئيس الحكومة أو الوزراء المعينين من قبلهم، وخلفهم إما ملك بلا سلطة أو رئيس رمزي بلا سلطة تنفيذية".

وتابع يقول: "في دستور إيران، قبل تعديله ومراجعته، كان النظام السياسي في البلاد برلمانيًّا بشكل أساس، أي أنه في حين تم انتخاب الرئيس عن طريق التصويت المباشر للشعب، إلا أنه يتمتع في الواقع بسلطات قليلة، وهذا أدى ذلك إلى احتكاك بين الرئيس والبرلمان".

ولدى سؤاله عن التحديات التي ستواجهها الحكومة في المرحلة المقبلة، أجاب "هذا الوضع يفرض، طوعًا أو كرهًا، الضعف وعدم الاستقرار الدائم على السلطة التنفيذية في البلاد، ويمنع تقدم أي عمل وبرنامج لصالحها".

وتابع قائلًا: "هذا رغم أن النظام الانتخابي في البلاد هو أيضًا غير حزبي ويقوم على استخدام الريع السياسي، أو في أفضل الأحوال، بشكل رئيس على المنافسة الفردية، خاصة في المناطق ذات الكثافة السكانية المنخفضة".

ابتزاز لحكومة بزشكيان

ويرى المحلل السياسي الأصولي المعتدل محمد جواد أرين منش، بأن جلسات البرلمان، خلال مراجعة أهلية المرشحين للحكومة كشفت أن هناك حالة من الابتزاز للرئيس بزشكيان.

وقال منش لـ"إرم نيوز": "عادة، يستطيع أشخاص، دون منافسة جدية أو دعم فكري وتنظيمي، الاستيلاء على البرلمان ووضع منصب الرئيس وأعضاء مجلس الوزراء تحت ضغط مستمر بدوافع مختلفة، بما في ذلك "الابتزاز".

ويضيف: "في الوضع الحالي، يستطيع نائب واحد لديه دوافع شخصية استخدام سلطاته لجر وزير إلى قاعة البرلمان كل يوم، وبهذه الطريقة لا يمنعه من أداء دوره فحسب، بل يجعله أيضًا يائسًا ومضطرًا لدفع الضريبة وهناك يبدأ الاستغلال والفساد المالي".

وقال "من الواضح أن هذه الآلية المعتمدة في إيران توفر الأساس لأي نوع من الاستغلال والفساد، وتعرقل كفاءة الجهاز التنفيذي، والآن بعد أن تم الكشف عن هذه المشاكل، يجب اتخاذ الإجراءات الأساسية لإصلاحها، والحل هو مراجعة الدستور الذي تأخر كثيرًا".

أخبار ذات علاقة

إيران.. إضراب عمالي غير مسبوق يتحدى حكومة بزشكيان

 وأردف منش يقول: "تواجه بلادنا اليوم مشاكل مثل الفقر والبطالة والتضخم في المجال الاقتصادي والفجوة الطبقية والأضرار الاجتماعية في المجال الاجتماعي، وحل هذه المشاكل أو الحد منها يتطلب التعاون والتعاطف والتماسك الوطني بين القوى الثلاث (البرلمان والجمهورية والقضائية)".

وذكر أن الوحدة الوطنية تعني عدم التركيز على المطالب الفردية والحزبية والفئوية، وتفضيل المصالح الوطنية وتجنب التركيز على الرغبات الشخصية، وفي حكومته المقترحة هناك أصوليون وإصلاحيون ومعتدلون وأهل جدارة من الحكومات السابقة، وبرأيي فإن هذه الحكومة المقترحة هي رمز للوحدة الوطنية.

وأشار آرين منش إلى أن الرئيس أوفى بوعده بتشكيل الحكومة المقترحة باستخدام كافة الطاقات البشرية للبلاد، والآن جاء دور البرلمان لمراجعة الحكومة المقترحة، لافتًا إلى أن ما نشاهده الآن هو أن "التنسيق بين مثل هذه الحكومة والبرلمان سيكون صعبًا".

وختم قوله: "ينبغي على البرلمان أن يثق برئيس الجمهورية في تصويته على الوزراء المقترحين، مع الاستمرار في مراقبة أداء الوزراء"

خطورة الوضع وفريق جليلي يضغط

بدوره، اعتبر النائب السابق في البرلمان "إبراهيم غرامي مقدم"، أن هيمنة التيار الأصولي المتشدد على قبضة البرلمان سيعيق عمل الرئيس الإصلاحي بزشكيان، لافتًا إلى أن بداية تعامل مجلس النواب مع وزراء بزشكيان بهذه الطريقة ينذر بخطورة الوضع.

وقال لـ"إرم نيوز": "لقد بذل الرئيس جهدًا في اختيار الوزراء لتشكيل حكومة وحدة وطنية، وحاول الرئيس تقديم قائمة بعيدة عن التيارات المتطرفة، حتى يتم تشكيل هذا التوافق".

وأضاف غرامي مقدم: "إن أسوأ أعداء الانسجام والتعاطف، هم المتطرفون المختلفون، وقد اهتم الرئيس بهاتين النقطتين في اختيار أعضاء الحكومة، وفي هذه الحكومة، يوجَد أشخاص من مختلف التيارات السياسية، لكن لا يوجد فيها متطرفون".

ورأى أن التأخر في منح الثقة للحكومة سيؤدي إلى مشاكل سياسية واقتصادية، وقال: "بعد مقتل الرئيس السابق إبراهيم رئيسي ضعفت شؤون البلاد لمدة شهرين إلى ثلاثة أشهر تقريبًا".

ومن المتوقع مع تشكيل الحكومة في أسرع وقت ممكن، انتهاء هذا الركود، حيث ستتمكن الحكومة الرابعة عشرة من بدء عملها الجاد في أقرب وقت ممكن".

وتابع: "إيران لديها مشاكل داخلية وخارجية وهناك توترات في المنطقة مع إسرائيل، وينبغي على البرلمان أن ينتبه إلى هذه القضايا".

وأضاف "لو كان البرلمان صادقًا في مهمته، لكان امتثل لتوجيهات المرشد علي خامنئي الذي دعا النواب إلى التعاون مع حكومة بزشكيان والإسراع بتشكيلها".

وعند سؤاله عن وجود فريق المرشح الخاسر للانتخابات الرئاسية سعيد جليلي للضغط، وعلى حكومة بزشكيان، أجاب "نعم، النواب الذين ينتمون إليه يضغطون بقوة، ونحن نتابع ذلك، كما إن الذين ينتمون إلى نجاد يعملون بالاتجاه نفسه".

وأشار إلى أن في مثل هذه الحالات تكمن خطورة "حكومة الظل" وهو المشروع الذي يحمل جليلي وبعض النواب المؤيدين له، منوهاً أن "البرلمان سيكون حلبة للاستجوابات تجاه وزراء بزشكيان، لأن الأوضاع تسير بهذا الاتجاه".

 

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC