الإذاعة الإسرائيلية: الجيش هاجم 20 موقعا في غزة
اعتبر خبراء ومحللون أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون فشل في استمالة نظيره الأمريكي دونالد ترامب، رغم كلمات الإطراء والابتسامات العريضة، إذ لا أحد يمكنه التنبؤ بتصرفات ترامب الذي يواصل اتباع سياسات غير تقليدية.
لكن مع ذلك، يرى البعض أن زيارة ماكرون إلى البيت الأبيض ولقاء نظيره الأمريكي، هي فرصة لإعادة أوروبا إلى مسار مفاوضات السلام في أوكرانيا والحضور على الساحة الدولية.
تجاهل محتمل لأوروبا
ويخشى الأوروبيون منذ أسابيع أن يتم تجاهلهم من قبل الرئيس الأمريكي في أي اتفاق سلام محتمل في أوكرانيا قد يصب في مصلحة موسكو، وذلك بسبب التقارب الروسي الأمريكي الذي بدأه ترامب منذ تنصيبه في 20 يناير الماضي.
في هذا السياق، قال الرئيس الفرنسي خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الأمريكي: "نحن نفهم بعضنا البعض ورغبتنا واحدة: السلام في أسرع وقت ممكن، سلام قوي ودائم للجميع".
وهذا التصريح يعكس رغبة ماكرون في إقحام أوروبا في المفاوضات، ولكن يبقى التساؤل عن مدى جدية ترامب في إشراكها في العملية.
ويعتبر الكاتب بنيامين سبورتوتش، في "راديو فرنسا الدولي"، أن ماكرون حقق نقطة مهمة من خلال كونه أول رئيس أوروبي يزور أمريكا منذ انتخاب ترامب.
وعبر هذه الزيارة، وضع ماكرون قدمه على طريق ملف السلام الأوكراني إلى حد ما، ففي رأي سبورتوتش، نجح ماكرون على الأقل في إعادة أوروبا إلى المعادلة الدولية؛ إذ لم يعد يتم تجاهلها كما كان الحال مع ترامب، الذي ركز على علاقاته مع فلاديمير بوتين.
ومع ذلك بدا وكأن ماكرون يعترف بضرورة إرسال قوات أوروبية لتأمين أي اتفاق يتم التوصل إليه، رغم عدم تقديم أي ضمانات بشأن سلامة هؤلاء الجنود.
ماكرون وترامب: فهم متبادل أم توتر خفي؟
وبات معروفا بأن ماكرون لديه قدرة على التواصل مع ترامب وفهمه لطريقة تفكير الرئيس الأمريكي، وهو ما يُعد ميزة كبيرة بالنسبة له مقارنة بنظرائه الأوروبيين.
كما أن المستشار الألماني المنتخب حديثًا فريدريش ميرتس سيكتشف قريبًا كيف يتعامل ترامب، أما رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، الذي سيلتقيه في واشنطن يوم الخميس، فهو "لا يعرف الكثير عن ترامب".
من جهة أخرى، تظل المواقف الدبلوماسية لماكرون على المحك سواء على الساحة الدولية أو في الداخل الفرنسي، حيث يسعى إلى العثور على مكانه في الساحة الدولية، وهو ما قد يمنحه فرصة جديدة للعودة إلى الساحة الدبلوماسية في حال التوصل إلى حل للنزاع الأوكراني.
الابتسامات الدبلوماسية والرسائل الخفية
في المقابل، علق الكاتب جوناثان ميلر، مؤلف كتاب "فرنسا، أمة على وشك الانهيار"، على زيارة ماكرون قائلاً: "الحوت القاتل (الأوركا) معروف بلعبه مع فريسته قبل قتلها، ودائمًا بابتسامة". صورة هذا الحيوان، بحسب ميلر، قد تجسد العلاقة بين ماكرون وترامب، حيث استقبله الأخير بابتسامة عريضة، ولكن كانت النتيجة في النهاية خالية من المكاسب الملموسة، وفق تقديره.
واعتبر ميلر أن ماكرون عاد إلى باريس دون تحقيق أي نتائج حقيقية، سوى بعض العبارات الدبلوماسية التي لم تغير في واقع الأمور.
وترامب، وفقًا لميلر، يهمش ماكرون ويعيد ترتيب المشهد الدبلوماسي، حيث كانت الرسائل الدبلوماسية من ترامب محكومة بعناية، فلم يستقبله عند وصوله، بل استقبله رئيس البروتوكول، مونيكا كراولي، وهو ما يعكس التناقض الواضح مع استقبال جو بايدن لماكرون.
تصدع العلاقات خلال المباحثات
حتى أثناء مناقشة الزعيمين الدعم المالي لأوكرانيا، أطلق ترامب تصريحًا مستفزًا قال فيه: "أوروبا تقرض الأموال لأوكرانيا، وبالتالي فهي تستردها".
وعندما حاول ماكرون تصحيح هذا الكلام، رد ترامب بابتسامة ساخرة وحركة يده التي أظهرت الفجوة العميقة بين مواقفهما.
عندما حاول ماكرون تقديم وعود بنشر قوات أوروبية في أوكرانيا لضمان أي اتفاق سلام، كشف عن ضعف الموقف الأوروبي، حيث طالب بضمانات أمنية أمريكية، وهي فكرة رفضها ترامب بوضوح، قائلاً: "يجب على أوروبا أن تتولى هذا الدور الأساسي وتضمن الأمن طويل الأمد لأوكرانيا".
هذا يعني إرسال قوات أوروبية على الأرض، ولكن يبقى تساؤل كبير حول مصداقية هذه القوة الأوروبية في ظل تردد بعض الدول مثل فرنسا وبريطانيا والسويد في المشاركة.
فرصة ستارمر الضئيلة في مواجهة ترامب
أما بالنسبة لزيارة كير ستارمر، التي ستتم يوم الخميس، فيرى ميلر أن فرص نجاح هذه الزيارة تبدو ضئيلة، خاصة أن ترامب يتطلع إلى صفقات تجارية ضخمة مع روسيا بدلاً من تشديد العقوبات عليها.
كما أن مطالب ستارمر بشأن التعريفات الجمركية لن تكون أكثر إقناعًا لترامب، الذي ينتقد في الوقت نفسه حرية التعبير في بريطانيا، كما أشار السيناتور جي دي فانس في مؤتمر ميونيخ الأمني.
وعلى الرغم من محاولات داونينغ ستريت تصوير اللقاء بشكل إيجابي، فإن الحقيقة تبقى أن ترامب هو من سيحدد نبرة اللقاء، وليس ستارمر.
ولا يبدو أن زيارة ماكرون إلى البيت الأبيض قد أحدثت أي تغيير جوهري في العلاقات مع ترامب. فبينما يسعى ماكرون لإعادة أوروبا إلى مركز مفاوضات السلام، يبقى الموقف الأمريكي غير متعاون بشكل حاسم.
ويواصل ترامب فرض قواعد اللعبة الدبلوماسية، ما يعكس تحديات كبيرة تواجه أوروبا في جهودها للتأثير على مسار النزاع الأوكراني.