واشنطن بوست: العقوبات الأمريكية تعزز السوق السوداء وتقوّي تحالف الخصوم

رأت صحيفة "واشنطن بوست"، أن العقوبات الأمريكية المفروضة على دول العالم تعزز نشاط "السوق السوداء"، وتقوي الروابط والتحالفات بين الخصوم المتضررين من سياسة واشنطن.

وقالت الصحيفة إن الولايات المتحدة تفرض ثلاثة أضعاف العقوبات التي تفرضها أي دولة أخرى أو هيئة دولية، وتستهدف ثلث دول العالم بنوع من العقوبات المالية على الأشخاص أو الممتلكات أو المنظمات.

وتساءلت الصحيفة عن جدوى تلك العقوبات في تحقيق الأهداف المعلنة منها.

وأضافت الصحيفة أنه، وعلى الرغم من أن العقوبات "تُساعد على عزل الأهداف عن النظام المالي الغربي، وتسحق الصناعات الوطنية للدول المارقة، وتمحو الثروات الشخصية للشخصيات الديكتاتورية والمجرمة، وتخل بتوازن القوى السياسية في الأنظمة المزعجة دون تعريض جندي أمريكي واحد للخطر، إلا أن انتشار العقوبات بشكل متزايد، يُعزز من المخاوف بشأن تأثيرها عالميًا، وعلى أمريكا على وجه الخصوص".

وقالت الصحيفة إن الرؤساء الأمريكيين، ورغم علمهم باحتمالات أن تكون للعقوبات الاقتصادية آثار سلبية على أمريكا والعالم، إلا أنهم يستسهلون تطبيقها، ويفضلون كثيراً اللجوء إليها وعدم محاولة تبني خيارات أخرى.

وهكذا برزت العقوبات كأداة رئيسة للسياسة الخارجية الأمريكية، في دولة تلو الأخرى، وفقا للصحيفة.

وأشارت الصحيفة إلى أن سياسة العقوبات الاقتصادية الأمريكية في كوبا فشلت على مدار أكثر من 60 عامًا في إزاحة النظام الشيوعي، وجعلت من الصعب إيصال الإمدادات الطبية الحيوية إلى الجزيرة.

وفي إيران، لم تنجح العقوبات الأمريكية التي يعود تاريخها إلى نهاية السبعينيات في إجبار حكام طهران الثيوقراطيين على التنحي، ودفعت البلاد إلى إقامة تحالفات وثيقة مع روسيا والصين.

وتابعت الصحيفة أن العقوبات دفعت الأنظمة الاستبدادية إلى تجارة السوق السوداء، ما أدى إلى تمكين الشبكات الإجرامية وعصابات المهربين. في حين يُكثف خصوم الولايات المتحدة جهودهم للعمل معًا للتحايل على العقوبات المالية. 

ومثل العمل العسكري، يمكن للحرب الاقتصادية أن تخلف أضراراً جانبية؛ حيث ساهمت العقوبات المفروضة على فنزويلا، على سبيل المثال، في الانكماش الاقتصادي الذي بلغ 3 أضعاف ما حدث بسبب الكساد الكبير في الولايات المتحدة.

وأردفت الصحيفة أن العقوبات، أو حتى مجرد التهديد بها، يمكن أن تكون أداة سياسية فعالة، أو وسيلة لمعاقبة السلوك السيئ أو الضغط على الخصم دون اللجوء إلى القوة العسكرية. 

ومع ذلك، ظلت كوريا الشمالية خاضعة للعقوبات لأكثر من نصف قرن دون إيقاف جهود بيونغ يانغ للحصول على أسلحة نووية وصواريخ باليستية عابرة للقارات. 

ورغم أن عامين من العقوبات المفروضة على روسيا؛ بسبب غزوها لأوكرانيا أدى إلى تدهور الآفاق الاقتصادية لموسكو على المدى الطويل ورفع تكاليف الإنتاج العسكري، لكن هذه العقوبات أدت أيضاً، وفق "واشنطن بوست"، إلى ظهور "أسطول مظلم" من السفن التي تبيع النفط خارج نطاق الأنظمة الدولية، في حين دفعت الكرملين إلى تحالف أوثق مع بكين.