"إيكونوميست" عن مصدر أوكراني: زيلنسكي سيدعو لإجراء انتخابات رئاسية في يوليو المقبل
بدأ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تنفيذ رؤيته للنظام العالمي الجديد، الأمر الذي أصبح واضحًا من خلال الأوامر التنفيذية التي وقعها بعد ساعات قليلة من أدائه اليمين الدستورية رئيسًا للولايات المتحدة، بالإضافة إلى تصريحاته المستمرة.
وبحسب صحيفة "El Pais" الإسبانية، ستنسحب واشنطن من اتفاقية باريس للمناخ، ومنظمة الصحة العالمية، ومن الاتفاق الذي تفاوضت عليه الولايات المتحدة في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية لفرض ضرائب على الشركات المتعددة الجنسيات الكبرى. وبذلك، تبرز قوة عالمية أكثر انعزالية، لكنها عازمة على التوسع.
وقالت الصحيفة إنه رغم تبرير ترامب لهذه الخطوات باعتبارها في مصلحة بلاده، إلا أنها قد تأتي بنتائج عكسية، حيث تفتح المجال للمنافسين الدوليين لتولي مكان الولايات المتحدة في هذه المؤسسات.
وفيما يتعلق باتفاقيات المناخ، من شأن هذه التحركات أن تضر بقطاع الطاقة النظيفة في الولايات المتحدة، الذي يشهد نموًا سنويًا يصل إلى ملياري دولار.
ومن المرجح أن تسعى دول أخرى إلى تعزيز قدرتها التنافسية في هذا المجال.
وبينت الصحيفة أن هذا لا يعني أن الولايات المتحدة كانت دائمًا حريصة على دعم المؤسسات متعددة الأطراف، فعلى سبيل المثال، انسحبت تركيا من منظمة اليونسكو في عام 2017، وهي الهيئة المعنية بتعزيز التعليم والثقافة، كما أنها ليست عضوًا في المحكمة الجنائية الدولية.
ورغم ذلك، ما يميز قرارات ترامب هو نطاق انسحابه المتسع وأسبابه المختلفة، الأمر الذي يضع مؤسسات أخرى مثل حلف شمال الأطلسي "الناتو" في دائرة الخطر، وفق الصحيفة.
ولفتت إلى أن إدارة ترامب أعلنت عن إمكانية إعادة تقييم مساهماتها في وكالات الأمم المتحدة.
ويواصل ترامب اتهام واشنطن بمُعاملة غير عادلة في جميع الحالات، مشيرًا في بعض الأحيان إلى الصين باعتبارها السبب، في محاولة لتبرير موقفه.
وقالت الصحيفة إن هذه الخطوات متوقعة بالفعل، إذ أعلن ترامب عن خططه هذه في العديد من تجمعاته، مما أسعد مؤيديه.
وبحسب الصحيفة الإسبانية، فإن الأمر التنفيذي "وضع أمريكا أولًا في الاتفاقيات البيئية الدولية"، الذي وقعه ترامب، لا يتضمن الانسحاب فقط من اتفاق باريس، بل يشمل أيضًا إلغاء خطة تمويل المناخ الدولية التي كانت الولايات المتحدة قد تعهدت بها، والتي تقدر بنحو 10 مليارات دولار سنويًا.
وتعهد ترامب أيضًا بزيادة إنتاج النفط والغاز المحليين، مع إلغاء الدعم لتوربينات الرياح والمركبات الكهربائية التي دعمها سلفه جو بايدن كجزء من جهود تحفيز قطاع الطاقة النظيفة، وفق الصحيفة.
ونقلت عن ترامب قوله في قاعة مكتظة بأنصاره: "لن نسمح بتدمير صناعاتنا بينما تلوث الصين البيئة دون عقاب".
والصين، التي تعد أكبر مصدر للغازات المسببة للاحتباس الحراري، هي أيضًا مستثمر رئيسي في الطاقة المتجددة، وأكبر مُصنِّع للسيارات الكهربائية.
ووفقًا للخبراء، فإنها تتفوق على الولايات المتحدة في مجال الطاقة الخضراء بما يعادل عقدًا من الزمن.
وفيما يتعلق باتفاقية باريس، أكد مدير مركز المناخ الصيني، لي شو، أن قرار ترامب يعكس تقلب السياسة الأمريكية في مجال المناخ، ما قد يضعف الزخم العالمي لمكافحة تغير المناخ الذي كان يواجه صعوبات بالفعل.
وأضاف شو أنه في حين تكافح أوروبا والصين لتحقيق أهدافها المحلية في هذا المجال، فإن خطوة ترامب تمثل تحديًا أكبر مما كانت عليه قبل ثمانية أعوام.
ورغم أن ترامب قد لا يعتقد ذلك، إلا أن تكلفة التقنيات النظيفة مثل الطاقة الشمسية والرياح والمركبات الكهربائية قد انخفضت بشكل كبير، وفق الصحيفة.
وأشارت إلى أن الولايات المتحدة هي بالفعل أكبر منتج للنفط والغاز في العالم، لكن لي شو يرى أن إنكار الحقيقة المتمثلة في أن الاقتصاد والعمل المناخي يمكن أن يسيرا جنبًا إلى جنب، ما قد يؤدي بالولايات المتحدة إلى التأخر في السباق نحو التكنولوجيا الخضراء.
وعندما أعلن ترامب عن انسحابه من منظمة الصحة العالمية، برر ذلك بـ "التأثير السياسي غير المناسب من قبل الدول الأعضاء"، مشيرًا إلى الصين بشكل خاص.
وقالت الصحيفة إنه في عام 2020، عندما حاول ترامب مغادرة المنظمة للمرة الأولى، اتهمها بمساعدة الصين في إخفاء أصل جائحة "كوفيد-19"، كما انتقد "المدفوعات الباهظة" التي تضطر الولايات المتحدة لدفعها مقارنة بالصين.
ولفتت إلى أن الولايات المتحدة تسهم بنحو 18% من ميزانية منظمة الصحة العالمية، ومن شأن انسحابها أن يعرض العديد من البرامج الصحية العالمية للخطر.
كما تتسق هذه الرؤية المتشككة في التعددية مع سياسة ترامب الخارجية، التي تميل إلى تعزيز مصالح الولايات المتحدة بشكل أحادي، وفق الصحيفة.