logo
العالم

المفاوضات الروسية الأوكرانية.. لحظة الحسم تقترب

المفاوضات الروسية الأوكرانية.. لحظة الحسم تقترب
جانب من المحادثاتالمصدر: رويترز
24 مارس 2025، 12:20 م

تتزايد المؤشرات الإيجابية التي قد تمهد الطريق نحو إنهاء الصراع المستمر بين روسيا وأوكرانيا، مع تكثيف الجهود الدبلوماسية ومشاركة فاعلة من القوى الدولية، فهل نحن على أعتاب انفراجة حقيقية في الأزمة الأوكرانية؟

انطلقت في العاصمة السعودية، الرياض، جولة جديدة من المفاوضات بين الوفود الأوكرانية والأمريكية، بهدف تحقيق تقدم نحو وقف إطلاق النار وضمان أمن المنشآت الحيوية، إذ يقود وزير الدفاع الأوكراني، رستم أوميروف، هذه المحادثات، معربًا عن أمله في التوصل إلى "سلام كريم" يضمن أمن أوكرانيا. 

أخبار ذات علاقة

انطلاق المحادثات الروسية الأمريكية في الرياض

وأعرب المبعوث الأمريكي الخاص، ستيف ويتكوف، عن تفاؤله بإمكانية التوصل إلى اتفاق سلام قريبًا، مشيرًا إلى أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، يسعى لإنهاء الصراع. 

ويتوقع ويتكوف تحقيق تقدم نحو وقف جزئي لإطلاق النار، خاصة في منطقة البحر الأسود، مما قد يمهد الطريق لوقف شامل للأعمال العدائية، ومع ذلك، يظل هذا التفاؤل مشوبًا بالحذر، نظرًا لتعقيدات الوضع على الأرض. 

في المقابل، أبدت روسيا انفتاحها على إحداث تقدم في المفاوضات، مع التركيز على حماية مصالحها الاستراتيجية، ورغم استمرار العمليات العسكرية المتبادلة، وتشير بعض التقارير إلى أن موسكو قد تكون منفتحة على مناقشة ترتيبات أمنية جديدة في المنطقة، مما قد يسهم في تخفيف حدة التوتر.

وعلى الرغم من الأجواء الإيجابية المحيطة بالمفاوضات، تظل هناك تحديات كبيرة تعترض طريق السلام، وأبرز هذه التحديات هو ملف الأراضي التي تسيطر عليها روسيا، إذ تصر أوكرانيا على استعادتها بالكامل، بينما تتمسك موسكو بمواقفها. 

وفي ظل هذه التطورات، يمكن القول إن هناك إشارات إيجابية قد تقرب المسافات بين روسيا وأوكرانيا، وتدفع باتجاه محادثات تقارب تجمع الفرقاء على طاولة واحدة. 

ويرى الخبراء أن فرص إنهاء الحرب الأوكرانية لا تزال بعيدة، رغم الإشارات الإيجابية التي تلمّح إلى إمكانية عقد محادثات جديدة بين موسكو وكييف، خاصة وأن ملف الأراضي يُعد العقبة الأكبر أمام أي اتفاق، خاصة أن روسيا تسيطر على 20% من الأراضي الأوكرانية، في حين ترفض كييف تقديم أي تنازلات.

وأكد الخبراء أن غياب الدول الأوروبية عن المفاوضات يعقّد المشهد، لا سيما مع وجود مقترحات لنشر قوات حفظ سلام، وهو ما ترفضه موسكو بشدة. 

وأشار الخبراء إلى أن الولايات المتحدة تلعب دورًا محوريًا، وتسعى لتحقيق مكاسب اقتصادية من وراء إنهاء الحرب، سواء من خلال التعاون مع روسيا في المعادن النادرة أم صفقات الطاقة مع أوكرانيا.

وأوضح الخبراء أن الهدنة التي اقترحها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لمدة 30 يومًا تبدو غير واضحة المعالم، إذ لم يُحدد موعد رسمي لبدئها أو انتهائها، ما يجعلها مجرد خطوة رمزية أكثر منها اتفاقًا فعليًا لوقف إطلاق النار، خاصة وأنه مع استمرار المفاوضات، تظل فرص التوصل إلى اتفاق مرهونة بمدى استعداد الطرفين لتقديم تنازلات حقيقية، وهو ما لم يظهر حتى الآن.

ملف الأراضي.. العقبة الأكبر في المفاوضات

يرى الدكتور نبيل رشوان، المحلل السياسي والخبير في الشؤون الروسية، أن بوادر التسوية لا تزال بعيدة المنال، مشيرًا إلى أن الوفد الأوكراني المشارك في المفاوضات المرتقبة بالسعودية أعلن صراحةً أنه لن يجري لقاءً مباشرًا مع نظيره الروسي.

وأضاف رشوان، في تصريحات خاصة لـ"إرم نيوز"، أن مسألة الأراضي ستظل من أكثر القضايا تعقيدًا، لا سيما أن روسيا تسيطر حاليًا على نحو 20% من الأراضي الأوكرانية. كما أشار إلى أن موسكو تُبدي اهتمامًا خاصًا بميناء أوديسا على البحر الأسود، لكنه لم يستبعد إمكانية أن تتنازل عنه لصالح كييف، لضمان بقاء منفذ بحري لأوكرانيا.

وأوضح رشوان أن العداء التاريخي بين الروس والأوكرانيين، رغم روابطهم المشتركة ضمن الاتحاد السوفيتي السابق، يُلقي بظلاله على فرص التوصل إلى تسوية. 

كما لفت إلى اختلاف طبيعة الوفدين المشاركين في المفاوضات؛ إذ يترأس الوفد الروسي جنرال سابق في المخابرات الروسية، في حين يضم الوفد الأوكراني وزير الخارجية الأوكراني ونظيره الأمريكي، ما يعكس تباينًا واضحًا في أولويات الطرفين.

وحول الهدنة التي اقترحها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لمدة 30 يومًا، أشار رشوان إلى أنها لا تزال غير محددة من حيث موعد البدء أو الانتهاء، ما يجعلها، وفق تعبيره، مجرد "مجاملة" من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لترامب، وليست اتفاقًا رسميًا لوقف إطلاق النار، حتى ولو كان مؤقتًا.

ومن جانبه، يرى الدكتور عماد أبو الرب، رئيس المركز الأوكراني للحوار، أن المفاوضات بين موسكو وكييف معقدة للغاية، وقد تستغرق شهورًا قبل تحقيق أي تقدم ملموس، لا سيما في ظل تمسك كل طرف بمواقفه فيما يتعلق بالأراضي التي تسيطر عليها روسيا.

تفاقم الوضع

وأضاف أبو الرب، في تصريحاته لـ"إرم نيوز"، أن غياب الدول الأوروبية عن هذه المفاوضات يُفاقم الوضع، خاصة أن القارة العجوز معنية بشكل مباشر بالأمن الإقليمي على حدودها الشرقية.

وأشار إلى أن بعض الدول الفاعلة، مثل بريطانيا وفرنسا وألمانيا، تدفع باتجاه نشر قوات لحفظ السلام في المنطقة، وهو مقترح ترفضه موسكو بشدة.

وأشار أبو الرب إلى أن الولايات المتحدة تمتلك نفوذًا واسعًا في هذه الأزمة، وإذا كانت هناك رغبة أمريكية حقيقية في تحقيق السلام، فإن واشنطن ستستخدم جميع أدوات الضغط الممكنة للوصول إلى هذا الهدف. 

وأوضح أن واشنطن تسعى لتحقيق مكاسب اقتصادية من وراء إنهاء الحرب، سواء عبر التعاون مع روسيا في مجال المعادن النادرة، أم من خلال صفقات مع أوكرانيا تتعلق بمحطات الطاقة والمعادن الاستراتيجية.

وأكد أبو الرب أن الجلسات التفاوضية المقبلة، ومنها الجولة المرتقبة في السعودية هذا الأسبوع، قد تسهم في تقريب وجهات النظر، وربما تمهد الطريق نحو اتفاق جزئي يمهد لاتفاق سلام شامل في المستقبل القريب، ومع ذلك، تبقى فرص النجاح مرهونة بمدى استعداد الطرفين لتقديم تنازلات حقيقية، وهو ما لا يبدو واضحًا حتى الآن.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC
مركز الإشعارات