ما أسباب توغل أوكرانيا الناجح في "كورسك"؟

كشف مصدر دبلوماسي خبايا التوغل الأوكراني الناجح في منطقة "كورسك"، مفيدا بأن المخابرات الروسية حذّرت هيئة أركان الجيش قبل هجوم القوات الأوكرانية على المنطقة، ولكن الجيش تعامل مع الموضوع بشكل غير جدي.

يأتي ذلك فيما عزت أوساط المعارضة الروسية تحقيق كييف لنجاحات في "كورسك" نظرا لاستمرار "تفشي الفساد في المؤسسة العسكرية، مع الشك بأن الأموال التي صُرفت لتقوية الخطوط الدفاعية في هذه المنطقة سرقت".

وذهب محللون إلى أن هجوم أوكرانيا المفاجئ على "كورسك" يعد أول اختراق بري للأراضي الروسية بعد الحرب العالمية الثانية، ويشكل متنفسًا لكييف التي خسرت منذ أبريل/ نيسان الماضي 750 كلم٢ من أراضيها.

وقالت وزارة الدفاع الروسية إن قوات كييف وصلت إلى بلدة سودجا الروسية، الواقعة على بعد حوالي عشرة كيلومترات من الحدود، وفق موقع إذاعة "مونت كارلو" الدولية.

وتعد منطقة "سودجا" موطنًا لنقطة عبور الغاز الذي لا يزال يزوّد أوروبا عبر أوكرانيا.

روسيا تستنفر

وحسب مصادر مستقلة، فإن الوضع في منطقة "كورسك" الروسية صعب وحرج للغاية بالنسبة لموسكو؛ لأن القوات الأوكرانية دخلت منطقة بعمق يصل في بعض الأماكن إلى 20 كيلومترا. 

ويضيف الموقع أن روسيا استدعت قوات عسكرية من جبهات أخرى وقوات شيشانية رديفة، وأرسلت طائرات حديثة من طراز سو -34 إلى المنطقة. وأن الرئيس فلاديمير بوتين اجتمع للمرة الثانية مع مجلس الأمن الروسي.

ويشير مصدر دبلوماسي غربي في موسكو إلى تسريبات تزعم أن "المخابرات الروسية حذّرت هيئة أركان الجيش الروسي قبل الهجوم، ولكن تم التعامل مع الموضوع بشكل غير جدي، معتقدة أنه يشبه هجوم الفيلق الروسي المعارض المدعوم من أوكرانيا في منطقة بيلغورود منذ أشهر. 

ويكشف المصدر أن "الذي حصل وفاجأ الجميع هو هجوم الجيش الأوكراني النظامي بكافة معداته، وأن الدفاعات الروسية في هذه المنطقة ضعيفة جدا". 

خلل مؤسسي

وتعزو أوساط المعارضة الروسية ذلك لاستمرار "تفشي الفساد في المؤسسة العسكرية، مع الشك بأن الأموال التي صُرفت لتقوية الخطوط الدفاعية في هذه المنطقة سرقت، وهو ليس أمرًا هامشيًا أن يكون محافظ إقليم "كورسك" سابقا متزوجًا من قريبة الرئيس بوتين، وهذا المحافظ أصبح لاحقا وزيرًا للطاقة، وزوجته أصبحت نائب وزير الدفاع الروسي"، وفقا لما ذكره الموقع.

والأهم أن الاختراق الأوكراني المفاجئ يعد أول اختراق بري للأراضي الروسية بعد الحرب العالمية الثانية، ويشكل متنفسًا لكييف التي خسرت منذ أبريل/ نيسان الماضي 750 كلم٢، وازداد الضغط أخيرا على مدينة خاركيف وأجزاء دونيتسك الخاضعة لأوكرانيا.

وإزاء مأزق حرب الاستنزاف الدامية، وتآكل الدعم الدولي لأوكرانيا، أتى هجوم "كورسك" بمثابة رسالة للمانحين الغربيين كي لا يتخلوا عن مجهودهم العسكري، ورسالة إلى الكرملين لتخفيف اندفاعه، بحسب تقارير.

وربما كان من قبيل الصدفة أن يحصل هجوم "كورسك" بالتزامن مع وصول مقاتلات F- 16 إلى أوكرانيا، لكن ذلك لا يعني تغيرًا في مجرى المعركة بحسب مراقبين، بيد أن كل ذلك يؤشر إلى مأزق هذه الحرب وإصابة الطرفين بالإنهاك، ولذلك ربما تحمل مرحلة ما بعد الانتخابات الأمريكية بوادر تجميد الوضع حسب خطوط القتال أو بدء التفاوض الجدي.