موسكو: مستعدون لمساعدة واشنطن وطهران للتوصل إلى اتفاق معقول قبل فوات الأوان
أعلن جهاز الأمن العام الإسرائيلي "الشاباك" اعتقال زوجين إسرائيليين بتهمة التجسس لصالح الاستخبارات الإيرانية، بعد تجنيدهما لمراقبة البنى التحتية داخل إسرائيل ورصد مواقع حساسة، من بينها مقر جهاز الموساد.
وأوضح "الشاباك" أنه من خلال عملية مشتركة شملت وحدة التحقيق الوطنية في الجرائم الخطيرة والدولية، ووحدات متخصصة في الأمن السيبراني، تم الكشف عن بنية تحتية للتجسس تابعة للاستخبارات الإيرانية تعمل على تجنيد وتشغيل مواطنين داخل إسرائيل.
ويرى خبراء أن هذا الحدث قد يعكس تحولاً في مسار المواجهة بين إيران وإسرائيل، خصوصاً في ظل التصعيد العسكري المتبادل أخيراً.
ويعد ضبط شبكات تجسس إيرانية داخل إسرائيل تطوراً لافتاً، يؤكد استمرار سعي الطرفين لتبادل المعلومات الاستخباراتية في سياق النزاع الإقليمي المستمر.
تفعيل الخلايا النائمة
وأكد الخبير الإستراتيجي عامر السبايلة أن توقيت إعلان إسرائيل اعتقال شبكات تجسس إيرانية يعكس إستراتيجية جديدة في الصراع الإسرائيلي-الإيراني، لافتا إلى أن ضبط مجموعة أفراد متورطين في تصوير مواقع حساسة داخل إسرائيل لصالح طهران، يشير إلى انتقال طهران لأسلوب أكثر تركيزاً على العمل الداخلي.
وأضاف السبايلة، في حديث لـ"إرم نيوز"، أن تصاعد النشاط الإيراني يمثل تفعيلًا لما يُعرف بالخلايا النائمة داخل إسرائيل، ويدل على محاولة نقل الأزمة داخل حدود إسرائيل، رغم صعوبة الأمر.
يأتي هذا التوجه في ضوء التغيرات المستمرة في موازين القوى الإقليمية، إذ تعيش جبهة لبنان، بشكل خاص، حالة انحصار؛ ما يقلل من الخيارات المتاحة أمام إيران لتوجيه ضربات مباشرة.
مع ذلك، ترى إسرائيل في تحركات إيران محاولات جادة لزعزعة أمنها القومي من الداخل، عبر تفعيل هذه الخلايا، لا سيما في ظل تصاعد الضغط على الجبهات المحيطة، سواء في غزة أو الضفة الغربية ولبنان.
تبرير أي هجوم على إيران
وأوضح السبايلة أن إسرائيل تسعى من خلال رصد هذه الأنشطة إلى "شرعنة" أي هجمات أو ضربات مستقبلية تستهدف إيران أو جماعات مرتبطة بها، مؤكداً أن إسرائيل تعتبر كل خطوة إيرانية تهديداً لأمنها القومي؛ ما قد يمنحها الذريعة لتوجيه ضربات في الداخل الإيراني أو ضد وكلائها الإقليميين.
وبيّن السبايلة أن هذه الديناميكية تندرج ضمن سياسة إسرائيلية مستمرة لاحتواء النفوذ الإيراني، الذي تصاعدت حدته في السنوات الأخيرة.
ويشير مراقبون إلى أن إسرائيل تسعى في هذه المرحلة لزيادة التعاون الأمني والاستخباراتي مع الحلفاء الإقليميين والدوليين لمجابهة ما تسميه تهديداً إستراتيجياً مباشراً، وقد تركز على تعزيز الأمن الداخلي بمواجهة نشاط إيران المتزايد في المنطقة.
دلالات مهمة
بدوره، أوضح أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة الأردنية، حسن المومني، أن تجنيد العملاء بين الدول أسلوب تقليدي في المواجهات الأمنية، خاصة بين إسرائيل وإيران، إذ إن الطرفين دأبا على تشكيل شبكات عملاء لتعزيز عمليات التجسس.
وأشار المومني، في حديث لـ"إرم نيوز"، إلى أن إسرائيل، على سبيل المثال، سبق وأعلنت عن شبكات تجسس إيرانية، كما اتهمت طهران بتجنيد إسرائيليين لتحقيق مصالحها.
وأكد أن توقيت الإعلان عن اكتشاف هذه الشبكات يحمل دلالات مهمة، إذ يهدف إلى إبراز قوة الدولة وقدرتها على كشف شبكات التجسس المعادية، وهو جزء لا يتجزأ من المواجهة الإسرائيلية-الإيرانية المستمرة، فقد قامت إسرائيل بعدة عمليات أمنية وعسكرية داخل إيران، مثل استهداف العلماء الإيرانيين.
وأشار المومني إلى أن إسرائيل كانت قد كشفت سابقًا عن شبكات تهدف إلى اغتيال شخصيات معينة، وهو ما يعكس جزءًا من الصراع القائم.
ولفت إلى أن إسرائيل وإيران تديران هذا الصراع باستخدام أدوات مختلفة، سواء عبر ضرب التواجد الإيراني في دول المنطقة كلبنان وسوريا، أو تنفيذ عمليات مباشرة داخل الأراضي الإيرانية.
هجمات إلكترونية
لا تقتصر المواجهة على تجنيد العملاء فحسب، بل تشمل أيضًا الهجمات السيبرانية، إذ تتهم الدولتان بعضهما بشن هجمات إلكترونية متبادلة، مما يعكس حالة معقدة ومتعددة الأوجه.
وفيما يخص إمكانية اختراق إيران المنظومة الأمنية الإسرائيلية، بيّن المومني أن "الأمن المثالي" هو مفهوم يصعب تحقيقه، فحتى أقوى الأجهزة الأمنية العالمية تتعرض لاختراقات، كما حدث في فترات سابقة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي خلال الحرب الباردة.
وأكد أن إسرائيل قد تكون فعالة في حماية أمنها بنسبة عالية، لكنها ليست محصنة بشكل كامل، فدائمًا ما توجد احتمالية للاختراق، وهذا ما أكدته الحالات التي تم الإعلان عنها أخيرًا.
