محللون: عودة "اليمين المتطرف" إلى الواجهة مرهونة بمستقبل بارديلا

رأى محللون فرنسيون أن مستقبل اليمين المتطرف في فرنسا بعد الهزيمة المريرة التي تعرض لها حزب التجمع الوطني وعدم حصوله على الأغلبية المطلقة في البرلمان، سيكون مرهونًا بالمستقبل السياسي لجوردان بارديلا، وسط توقعات بانقسامات مستقبلية حول زعامة الحزب في الانتخابات الرئاسية المقبلة.

ومنيت مارين لوبان وتلميذها جوردان بارديلا البالغ من العمر 28 عامًا، بهزيمة في الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية الفرنسية، يوم الأحد، حيث احتل حزبهما المركز الثالث خلف ائتلاف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وتحالف اليسار، في الصدارة.

بدوره، قال الباحث السياسي الفرنسي في مركز العلوم السياسية للأبحاث السياسية، برونو كوتراي لـ"إرم نيوز": إن استيعاب حزب التجمع الوطني لهذه النتيجة المخيبة للآمال لن يتم من دون اتهامات قوية واتهامات متبادلة، ستنتهي بطرد القادة الذين سيتحملون مسؤولية هذا الفشل المرير، معتبرًا أن مستقبل الحزب سيكون مرهونًا بمستقبل جوردان بارديلا". 

وأضاف أن المسؤولين التنفيذيين الرئيسين في حزب التجمع الوطني ينظرون، الآن، ببعض التخوف إلى التحدي الكبير التالي الذي ينتظرهم وهو الاستيلاء على قصر الإليزيه الرئاسي في عام 2027، وسط مخاوف من الانقسامات على زعامة الحزب ومن سيمثله في الانتخابات المقبلة. 

 

وأشار إلى أنه مع اقتراب مثل هذا الموعد النهائي في الأفق، فإن التنافس الناشئ بين الطالب والأستاذ يتعرّض للخطر، وتحول الأمر إلى حرب وتمزيق واحدة من أنجح الشراكات السياسية في تاريخ فرنسا بعد الحرب.

وأوضح أن المخاطر كبيرة، لأن الأمر يتعلق بمعرفة من سيقود القوات القومية لليمين الفرنسي في المعركة على الرئاسة، المتوقعة بعد 3 سنوات، أو حتى قبل ذلك إذا اتخذ ماكرون القرار غير المحتمل بالمغادرة.

انتصار مؤجل 

ولدى وصولها إلى الجمعية الوطنية هذا الصباح، أكدت مارين لوبان أن وصول حزب التجمع الوطني إلى السلطة "تم تأجيله فقط"، مضيفة :"نجد أنفسنا في مستنقع إذ لا أحد يستطيع أن يعرف من أي الرتب سيأتي رئيس الوزراء، وما السياسة التي ستُتّبع للبلاد".

وقالت لوبان:"إن عددًا معينًا من المناورات، لا سيما الانسحابات الكبيرة، حرمتنا من الأغلبية المطلقة، مضيفة: "نجد أنفسنا في مستنقع، إذ لا أحد يستطيع أن يعرف من أي الرتب سيأتي رئيس الوزراء، وما السياسة التي ستُتبع للبلاد".

ماذا سيفعل جوردان بارديلا؟

من جانبه، قال أستاذ في العلوم السياسية رونوبل سيمون بيرسيكو  لـ"إرم نيوز"، إن القائمة التي يتزعمها جوردان بارديلا حصلت على أكثر من 31% من أصوات الناخبين، وهذا يكفي لضمان مستقبل زعيم الحزب الشاب، على الرغم من هزيمة 7 يوليو/تموز: فهو لن يصبح رئيسًا للوزراء، بل سيجلس في بروكسل وستراسبورغ في البرلمان الأوروبي.

وأضاف بعد اعترافه بـ"أخطاء" في حملته التشريعية، سيعود جوردان بارديلا إلى البرلمان الأوروبي، لكن التجمع الوطني سيظل ذا ثقل على الساحة الوطنية.

وطالب جوردان بارديلا، نواب حزبه ألا يجعلوا أحدًا يلومهم على الإطلاق خلال ولايتهم، ووعد بأن يقوم الحزب بإجراء "فحص ضمير"، بعد خيبة أمله الانتخابية في الانتخابات التشريعية.

وقال بارديلا خلال كلمة ألقاها أمام نواب حزبه في الجمعية الوطنية:"ستكون مسؤوليتكم إبراز مصداقية مشروعنا، وأن تكونوا محميين تمامًا، مع وسائل الإعلام الخاصة بكم".

أما في البرلمان الأوروبي، فأشار الباحث السياسي الفرنسي أنه تم تشكيل مجموعة برلمانية جديدة على اليمين المتطرف في البرلمان الأوروبي، وسينضم إليها حزب التجمع الوطني وسيمثل أقوى مجموعة من أعضاء البرلمان الأوروبي بـ 30 عضوًا من أصل 84.

وأوضح أنه تم إنشاء هذه المجموعة، التي تسمّى "الوطنيون من أجل أوروبا"، بتحريض من رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان.

وأضاف أنه "إذا لم يقم جوردان بارديلا بقيادة فريق حكومي في فرنسا، سيرأس هذه المجموعة الجديدة من أعضاء البرلمان الأوروبي، حيث إن الشاب البالغ من العمر 28 عامًا سيشارك في مؤتمر رؤساء الأحزاب، وهو الهيئة التي تحدد تنظيم العمل ودراسة القوانين.

مستقبل بارديلا

وأوضح الباحث السياسي أنه بعد اعترافه "بأخطاء" في الحملة التشريعية فقد تحمل جزءًا من المسؤولية، وبدأ يفكر بالفعل في المستقبل.

واعترف بارديلا قائلاً: "في بعض الدوائر الانتخابية، لم تكن الاختيارات التي قمنا بها هي الاختيارات الصحيحة"، في إشارة إلى العديد من المرشحين المثيرين للجدل في حزب التجمع الوطني.

وعاد الباحث السياسي الفرنسي، قائلاً:" ليس هناك شك بأنه سيظل يظهر على شاشات التلفزيون في الأسابيع والأشهر المقبلة، وسبق له أن أعرب عن رغبته بمواصلة العمل على إقناع الفرنسيين وتوضيح ما لم يتم توضيحه بالشكل الكافي.

كتاب سيرة ذاتية

ومن بين الخطط التي يخطط لها زعيم اليمين المتطرف الذي يبلغ من العمر 28 عامًا، لمستقبله، إصدار كتاب عن سيرته الذاتية وسيصدر في المكتبات الخريف المقبل، وهي مرحلة جديدة في إستراتيجية التطبيع التي ينتهجها اليمين المتطرف.