يقدّم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يوم الثلاثاء، أمام الكونغرس، رؤيته بشأن الولايات المتحدة والعالم، بعد الارتباك الذي أحدثه على الساحة السياسية والدولية مع بدء ولايته الثانية تحت شعار "أمريكا أولًا"، وفي ظل عزمه على بسط سيطرته على مختلف مؤسسات الدولة.
وبعد أكثر من شهر على تنصيبه، يلقي ترامب خطابه الأول أمام الكونغرس منذ عودته إلى البيت الأبيض، عند الساعة 21,00 (02,00 بتوقيت غرينتش الأربعاء) في مبنى الكابيتول في واشنطن، الذي شهد في 6 يناير/كانون الثاني عام 2021 هجومًا عنيفًا شنّه أنصار الملياردير الجمهوري.
وأمام أعضاء مجلسي النواب والشيوخ، من المتوقع أن يعرض ترامب التدابير التي اتخذها خلال أول 43 يومًا من تولّيه منصبه، وتلك التي يعتزم اتخاذها خلال الأيام الـ1419 المتبقية من ولايته.
ونقلت وكالة "فرانس برس"، عن السيناتور الجمهوري تومي توبرفيل، قوله إنّه يتوقّع أن يقوم ترامب بـ"تسليط الضوء على الانتصارات التي حققتها إدارته حتى الآن"، وتقديم "خطّة للسنوات الأربع المقبلة".
وأضاف مدرّب كرة القدم الأمريكية السابق، أنّ "الأمر المؤكد" هو أنّ هذا الخطاب "سيكون مختلفًا تمامًا عن المهزلة التي اضطررنا إلى تحمّلها على مدى الأعوام الأربعة الماضية في ظل رئاسة جو بايدن".
أثبت ترامب إلى جانب حليفه إيلون ماسك، أنّه عازم على التحرّك بسرعة وبقوة لتطبيق شعاره الداعي إلى "جعل أمريكا عظيمة مجددًا"، إذ عمد إلى تفكيك وكالات فيدرالية، وتسريح الآلاف من موظفي الحكومة، واحتجاز مهاجرين غير نظاميين في قاعدة غوانتانامو، وزيادة الرسوم الجمركية.
وقام بكل ذلك من دون الأخذ في الاعتبار الحدود الدستورية لسلطاته الرئاسية، وإضعاف توازن السلطات.
فضلًا عن ذلك، اعتمد الرئيس الأمريكي أسلوبًا فظًّا في التعامل مع حلفاء بلاده، فلوّح بضم كندا بالقوة الاقتصادية إذا لزم الأمر، وادعى أن الاتحاد الأوروبي أُنشئ لـ"الإضرار" ببلاده.
وليست المشادة الكلامية التي جرت، يوم الجمعة، مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في البيت الأبيض، والتي انتقد خلالها ترامب نظيره بشدة وهدّد "بالتخلي" عن كييف في حربها ضد روسيا، إلا أحدث مثال على التحوّل في النهج على رأس القوة الأولى في العالم.
ووفق "فرانس برس"، يلقي ترامب ،يوم الثلاثاء، خطابه أمام جمهور يدعم في غالبيته أجندة الرئيس، إذ يسيطر الجمهوريون منذ الانتخابات التي جرت في نوفمبر/تشرين الثاني على مجلسي النواب والشيوخ، ناهيك عن ترسيخ المحافظين في المحكمة العليا بعدما عين ترامب ثلاثة من قضاتها خلال ولايته الأولى.
وفي أواخر يناير/كانون الثاني الماضي، أرسل الرئيس الجمهوري لمجلس النواب، مايك جونسون، رسالة دعا فيها دونالد ترامب لإلقاء هذا الخطاب وعرض "رؤيته التي تحمل عنوان ’أمريكا أولًا’ بشأن مستقبلنا التشريعي"، مؤكدًا في الرسالة أن "العصر الذهبي لأمريكا بدأ".
ورغم رغبة البيت الأبيض المعلنة في توسيع صلاحيات السلطة التنفيذية، وبالتالي التعدّي على السلطة التشريعية للكونغرس، لم يُسمع إلى الآن أي صوت معارض في صفوف البرلمانيين اليمينيين.
وأحكم ترامب قبضته على الحزب الجمهوري منذ انتصاره في انتخابات عام 2024، فيما يبدي قليلون استعدادًا للمجازفة بخسارة مقاعدهم في حال عارضوا الرئيس وقاعدته الانتخابية.
ورغم ذلك، فإنه وفقًا لمجموعة من استطلاعات الرأي أجراها موقع fivethirtyeight، تعبر أغلبية ضئيلة من الأمريكيين عن رأي غير مواتٍ تجاه الرئيس الأمريكي، على خلفية مخاوف من تسارع التضخّم.
في المقابل، يكافح الديمقراطيون لإسماع أصواتهم في مواجهة الموجة الإعلامية والسياسية الهائلة التي فرضها حضور الملياردير الجمهوري.
وستحاول عضو مجلس الشيوخ الجديدة عن ولاية ميشيغان، إليسا سلوتكين، نقل هذا الصوت المعارض من خلال تقديمها الرد التقليدي على خطاب الرئيس.
وتبلغ سلوتكين 48 عامًا، وكان وصفها زعيم الديمقراطيين تشاك شومر بـ"نجمة صاعدة" في الحزب.
وقالت هذه المحلّلة السابقة في وكالة الاستخبارات المركزية، إنّها تتطلّع إلى "التحدث مباشرة إلى الشعب الأمريكي".
وأضافت: "من أمننا الاقتصادي إلى أمننا الوطني، يتعيّن علينا أن نضع مسارًا إلى الأمام يعمل على تحسين حياة الناس في البلد الذي نحبه جميعًا"، من دون أن تذكر دونالد ترامب.