logo
العالم

هل يتجاوز نتنياهو "الفيتو الأمريكي" ويقيل غالانت؟

هل يتجاوز نتنياهو "الفيتو الأمريكي" ويقيل غالانت؟
نتنياهو وغالانتالمصدر: رويترز
17 سبتمبر 2024، 8:55 م

يتجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو فيما يبدو إلى إقالة وزير دفاعه يوآف غالانت ضارباً عرض الحائط بـ "الخطوط الحمراء" الأمريكية فيما يخص الوزير الأكثر قربا إلى واشنطن، لكن الإدارة الأمريكية "الممتعضة" من نية نتنياهو تحدي رغبتها، لا تملك القدرة على ثنيه عن اتخاذه، وخاصة في هذه الفترة الحرجة التي أصبحت فيها الانتخابات الرئاسية على الأبواب.

إقالة.. ثانية؟

لن تكون هذه المرة الأولى التي يحاول فيها نتنياهو إقالة وزير دفاعه يوآف غالانت، فالخلاف بين الاثنين يشتعل حول العديد من سياسات الحكومة، وتزايد مؤخرا ليشمل إدارة الحرب في قطاع غزة وشروط الإفراج المحتمل عن المحتجزين وإبرام اتفاق لوقف إطلاق النار مع حركة حماس.

في آذار 2023، أقال نتنياهو غالانت بعد أن حث الحكومة على رفض تعديلات مثيرة للجدل للغاية تتعلق بالنظام القضائي. وشهدت تلك الفترة خروج احتجاجات جماهيرية واسعة وتراجع نتنياهو عن قراره، ليعيده تحت ضغط الشارع في 11 أبريل.

أخبار ذات علاقة

دور "مثير" لسارة نتنياهو في أزمة "غالانت - ساعر"

 

وفي وقت سابق، أمس الاثنين، أكدت هيئة البث الإسرائيلية اتساع الخلاف بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه غالانت حول توسيع الحرب في الشمال. ونقلت الهيئة عن مسؤول في مكتب رئيس الوزراء أن الأخير يستعد لإقالة غالانت خلال وقت قصير.

وذكرت الهيئة أن محيطين بنتنياهو بدأوا مفاوضات مع جدعون ساعر، ليحل محل غالانت في المنصب. لكن نتنياهو الذي نفى مكتبه الأنباء حول نواياه تجاه غالانت، يبيت الأمر منذ أشهر، وقد وصل فيما يبدو إلى قرار إقالة غالانت، حتى لو أدى ذلك إلى الصدام مع الولايات المتحدة، ذلك أن إدارة بايدن ترى في غالانت "صمام الأمان" للعلاقة بين المنظومة العسكرية الإسرائيلية وواشنطن، وهي وضعت بالفعل فيتو أمريكي ضد قرار إقالته من حكومة نتنياهو. فهل يضرب نتنياهو عرض الحائط بالرفض الأمريكي؟.

رجل أمريكا

يبدو أن نتنياهو ذاهب فعلا نحو إقالة غالانت، وسيضرب عرض الحائط بالـ "فيتو" الأمريكي، ويعطي إشارة إلى الأمريكيين مفادها: "لن نلتزم بخططكم ولا بالعمل مع رجلكم". 

صحيفة "يديعوت أحرنوت"قالت إن واشنطن قلقة بالفعل من إقالة غالانت، فهي تثق به، وتعتقد أنه يمكن العمل معه أكثر من نتنياهو، ذلك أنه "الرجل الوحيد الذي يمكن وصفه بأنه رجل الولايات المتحدة في حكومة نتنياهو"، ويجري الترويج على أنه الوجه المعتدل في حكومة نتنياهو مقارنة بأعضاء الحكومة اليمينية المتطرفة.

وبالفعل، غير غالانت خلال مسيرته ضمن حكومة نتنياهو من موقفه المتشدد في بداية الحرب على غزة حتى اليوم، إذ انتقل من كونه الوزير الذي دعا إلى سحق حماس، والذي صرح في بداية الحرب بأن الجيش الإسرائيلي يقاتل حيوانات على هيئة بشر، والداعي سابقا إلى مواجهة شاملة مع حزب الله، إلى الوزير الذي يقول اليوم إن حرب الاستنزاف في غزة تنهك الجيش الإسرائيلي، ويتفق مع الأمريكيين حول اليوم التالي بعد حرب غزة، وينسجم مع طروحاتهم حول خطورة توسيع الحرب إلى لبنان. 

أخبار ذات علاقة

هل تعجل إقالة غالانت المحتملة بإشعال جبهة لبنان؟

 

كما أن وزير الدفاع الإسرائيلي الحالي يرفض فكرة الحكم العسكري لغزة، لإدراكه أن نتنياهو يسعى إلى احتلال غزة وحكمها عسكريا.

رسالة نتنياهو

لذلك يرى مراقبون أن رسالة نتنياهو من الإقالة المحتملة لغالانت هي لواشنطن في الدرجة الأولى، وتحديدا للديمقراطيين، بأنه باق في الحكم، وفضلا عن ذلك فإن حكومته ستصبح حكومة يمين متطرف من الدرجة الأولى، خاصة إذا ما عرفنا أن الوزير المرشح ليحل محل غالانت هو جدعون ساعر، اليميني الأيديولوجي الذي يتفوق على نتنياهو نفسه في التشدد، والرافض للذهاب إلى صفقة تبادل الأسرى، والداعي إلى ذهاب إسرائيل في هذه الحرب إلى الحد الأقصى وبزخم أكبر وأشد.

عرض الحائط

باتخاذه قرار استبدال ساعر بغالانت، سيضرب نتنياهو عرض الحائط أيضا في كل الأفكار المتعلقة بالصفقة المجمدة مع حماس، وفي كل الأفكار الأمريكية التي تتعلق باليوم التالي للحرب في غزة، وأيضا فيما يتعلق بإمكانية توسيع الجبهة في الشمال، وأخيرا في إمكانية تغيير سياسي في إسرائيل للتخلص من اليمين المتطرف.

ولعله من اللافت أن يجري كل ذلك فيما المبعوث الأمريكي آموس هوكستين موجود في إسرائيل، ويتحدث ليس بصفته وسيطا ومبعوث سلام، وإنما بصفته صديقا وناصحا لإسرائيل، إذ حذر هوكستين المسؤولين الإسرائيليين من تداعيات الحرب ضد حزب الله على إسرائيل. ولكن رغم ذلك خرج نتنياهو من اجتماعه مع المبعوث الأمريكي ليعلن: "شكرا لكم على دعمكم، لكن إسرائيل في النهاية ستفعل ما هو ضروري للحفاظ على أمنها". وهذه بحد ذاتها رسالة قوية لإدارة بايدن بأن نتنياهو لا يقيم وزنا للدور الأمريكي، لا بل يمثل إحراجا كبيرا لبايدن وإدارته. 

إحراج واشنطن

يعتقد العديد من الخبراء أن نتنياهو إنما يتعمد إحراج الإدارة الديمقراطية في واشنطن، ويسعى لضرب حظوظ المرشحة كامالا هاريس في الانتخابات الأمريكية، لصالح المرشح الجمهوري دونالد ترامب "صديق نتنياهو" المخلص لإسرائيل.

ويرون أن نتنياهو يذهب إلى التصعيد، ويضع في اعتباره جر الولايات المتحدة إلى مغامراته غير المحسوبة من خلال حربه ضد لبنان، وربما توسيع هذه الحرب لتشمل إيران. وهو يدرك أن الولايات المتحدة لا شك ستتدخل لصالحه، وستمده بكل وسائل الحماية العسكرية والدبلوماسية، حتى لو كانت ترغب في عدم ذهابه نحو الحرب، لا بل إنها ستشارك بأساطيلها في الدفاع عنه، أولا لأن الدفاع عن إسرائيل هي سياسة ثابتة لدى الحزبين، وثانيا لأن أي تقاعس من قبلها سيعني خسارة المرشحة الديمقراطية لدعم منظمة "آيباك" ومن ثم خسارة الانتخابات.

مصدر في الإدارة الأمريكية اختصر الأمر كله فيما يتعلق بمحدودية القدرة الأمريكية على ثني نتنياهو عن إقالة غالانت بالقول: "إن واشنطن ستجد طريقة للتعامل مع أي شخص يتولى منصب وزير الدفاع في إسرائيل، لكن جدعون ساعر لن يتمتع بنفس العلاقة الوثيقة مع واشنطن التي تمتع بها غالانت".

إذاً، هذا هو الأمر، نتنياهو يعرف أنه يستطيع مسك الإدارة الديمقراطية في واشنطن "باليد التي تؤلمها"، بسبب قرب الانتخابات الأمريكية التي تمثل إسرائيل ومنظمتها اليهودية "آيباك" بيضة القبان فيها. وإدارة بايدن تعرف أيضا أن نتنياهو "يمسكها باليد التي تؤلمها"، لا بل والشد على نقطة الألم، دون أن يكون بإمكانها الصراخ أو سحب اليد الموجوعة، على أمل الفوز بالانتخابات وتأجيل الحساب مع نتنياهو وحكومته المتطرفة لما بعد الوصول إلى البيت الأبيض. 

 

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC