عاجل

هيئة البث: الجيش الإسرائيلي سيدرب قوات البحرية على القتال البري بسبب نقص المقاتلين

logo
اتجاهات

يخافون على إسرائيل من إسرائيل

يخافون على إسرائيل من إسرائيل
19 فبراير 2023، 8:43 م
كل مَن تفوَّهوا ضد خطة حكومة نتنياهو في الغرب، أشاروا بوضوح إلى أنهم يعتبرون أنفسهم حريصين على إسرائيل، وأنهم يتدخلون لأنهم يحبون إسرائيل ويغارون عليها، ويريدون لها الخير والاستمرار، وبعضهم لا يترددون في القول: "نريد حماية إسرائيل من نفسها".

في الوقت الذي يصر فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وفريقه على تمرير خطة الانقلاب على جهاز القضاء، ويبدأ (الإثنين) مرحلة متقدمة أخرى في سن القوانين التي أعدت لهذا الغرض، يطلق مجموعة من الشخصيات العلمية والمهنية والسياسية والعسكرية، ليس الإسرائيلية فحسب، بل أيضًا العالمية، نداءات استغاثة وصرخات تحذير يطالبون فيها بوقف هذا الانقلاب.

القائمة طويلة ومثيرة في آن؛ فلماذا هذا الاهتمام كله في قضية تبدو داخلية؟ ولماذا يقف على رأس هذه القوى الرئيس الأمريكي جو بايدن والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ومجموعة أعضاء الكونغرس الأمريكي؟ ولماذا يتوجه حوالي 200 عالم يهودي من مختلف دول العالم وبينهم 9 حاصلون على جائزة نوبل للعلوم إلى القيادة السياسية في إسرائيل برسالة يعتبرون الانقلاب "مساسًا بالقيم الإنسانية مثل التعددية، والدفاع عن حقوق الإنسان، وحقوق النساء، والأقليات، والقيم اليهودية، ويلحق ضررًا عميقًا سيؤدي إلى بكاء أجيال"؟

لماذا يكتب 50 بروفيسورًا في القانون من عدة جامعات أمريكية بأنهم يعارضون بشدة أن تتراجع إسرائيل عن منح الجهاز القضائي استقلالية؟ ولماذا يقول 70 قاضيًا في المحكمة العليا في كندا إنهم مزعوجون من ابتعاد إسرائيل عن التقاليد الديمقراطية؟

وأكثر من ذلك، لماذا يهدد أصحاب الشركات والاحتكارات في أمريكا، وأوروبا، وأستراليا، بسحب استثماراتهم من إسرائيل ويجمد أصحاب شركات عالمية أخرى المداولات القائمة حاليًا للاستثمار فيها؟

وهل كان السفير الأمريكي في إسرائيل توم نايدس جادًا عندما قال إنه نصح نتنياهو "كما أنصح أولادي بأن يضع كوابح للخطة ويتوصل إلى صياغات توافقية مع المعارضة ويمنع بذلك شرخًا شديدًا في الجمهور الإسرائيلي، ويمنع ردود فعل دولية تمس بالعلاقات مع إسرائيل"؟

في الغرب يتعاملون مع إسرائيل كدولة قامت بقرار غربي، تكلل بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة، بشرط أن تكون نموذجًا لدول الغرب.

هذه الأسئلة تُطرح، اليوم، أيضًا في الساحة السياسية الإسرائيلية، في الائتلاف الحاكم برئاسة بنيامين نتنياهو، يوجهون أسئلتهم بأسلوب استنكاري ظاهر الغضب، وقد ظهر عدد من الوزراء والنواب بتصريحات لم يترددوا في تضمينها مهاجمة الإدارة الأمريكية بشكل مباشر، ويذكرونها بأن إسرائيل ليست ولاية أخرى في الولايات المتحدة.

قال وزير الشتات عميحاي شيكلي من الليكود: "نايدس هو الذي يجب أن يكبح جماح كلماته، إسرائيل دولة مستقلة وليست دولة تابعة لأمريكا"، واتهم السفير بأنه "من بقايا حكم الرئيس باراك أوباما، الذي طعن إسرائيل بالسكين من الخلف".

وقالت وزيرة الدولة من حزب "الصهيونية الدينية" أوريت ستروك، إن السفير، على ما يبدو، انضم إلى متظاهري اليسار، وأوضحت أن ما يُسمونه بانقلاب هو مجرد تشريع يقودنا إلى الوضع الذي تتواجد في الولايات المتحدة اليوم.

وقال رئيس لجنة الدستور في الكنيست سمحا روتمان، الذي يقود عملية التشريع للخطة الحكومية، إن السفير الأمريكي يتدخل بشكل فظ في السياسة الداخلية الإسرائيلية.

هذه التصريحات ناجمة عن جهل في طبيعة العلاقات الدولية في عصرنا، وفي وضع إسرائيل ومكانتها الدولية الحقيقية، والوحيد الذي لا يجهل، بل يعرف جيدًا، هو نتنياهو، وهناك من يرى أنه يدير الخيوط بطريقة ترمي إلى هدف واضح هو ممارسة الضغوط جدية على القضاء لكي يتراجع عن محاكمته بتهم الفساد، ويبرم معه صفقة ينجو بها من السجن، لكنه لم يحسب بأن خصومه سيكونون أشد مراسًا وعنادًا منه، وسيقيمون الدنيا عليه، ولا مفر أمامه سوى التراجع أو الاستمرار في الصدام، وليس فقط مع الداخل.

في الغرب يتعاملون مع إسرائيل كدولة قامت بقرار غربي، تكلل بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة، بشرط أن تكون نموذجًا لدول الغرب، وكمحطة متقدمة لهذه الدول في الشرق الأوسط، قدموا لها دعمًا سياسيًا واقتصاديًا وعسكريًا لا يقدر بثمن، وطلبوا منها أداء دور متقدم في خدمة مصالهم في الشرق الأوسط، أيضًا بما لا يقدر بثمن.

ولأن قادتها، من معسكر اليمين أو المعسكر اللبرالي واليساري، التزموا بهذه المعادلة طيلة 74 عامًا ونيف، يسمح الغرب لنفسه، اليوم، أن يحذر القادة الجدد في حكومة نتنياهو اليمينية الصرف، ويرسم لهم خطوطًا حمراء لا يجوز لهم تجاوزها، حتى في السياسة الداخلية، وهم يفعلون ذلك بالتنسيق مع معارضي الخطة الحكومية، الذين لا يخفون رغبتهم بتدخل خارجي ينقذ إسرائيل من خطة الحكومة كونها تشكل تراجعًا عن الديمقراطية.  

وقد لوحظ أن كل مَن تفوَّهوا ضد خطة حكومة نتنياهو في الغرب، أشاروا بوضوح إلى أنهم يعتبرون أنفسهم حريصين على إسرائيل، وأنهم يتدخلون لأنهم يحبون إسرائيل ويغارون عليها ويريدون لها الخير والاستمرار، وبعضهم لا يترددون في القول: "نريد حماية إسرائيل من نفسها".

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC