عاجل

هيئة البث: الجيش الإسرائيلي سيدرب قوات البحرية على القتال البري بسبب نقص المقاتلين

logo
اتجاهات

القضاء الإسرائيلي يدفع ثمن غروره

القضاء الإسرائيلي يدفع ثمن غروره
15 يناير 2023، 4:54 م

المعركة التي يخوضها جهاز القضاء في إسرائيل ضد الهجمة التي شنتها عليه حكومة بنيامين نتنياهو، ليست بريئة كما يبدو في الظاهر وليست فقط دفاعا عن الديمقراطية. تماما كما هي معركة الحكومة ليست بريئة.

كلا الطرفين يخدعان الجمهور، ويرميان إلى أهداف أخرى تمس بمفاهيم العدالة، ولن تكون مفاجأة كبرى، إذ رأيناهما يتفاهمان في يوم قريب ويخرجان إلى الجمهور بمؤتمر صحفي مشترك يعلنان فيه عن حلول وسط "لتثبيت الأسس الديمقراطية".

ما يجري حاليا هو لعبة شد حبل بين الحكومة من جهة وبين الجهاز القضائي والجيش والدولة العميقة من جهة ثانية؛ يستغل الطرفان الأيام المقبلة حتى يظهر كل طرف قوته للطرف الآخر.

الحكومة من جهتها جاءت بمشروع شامل يعزز مكانتها وقوتها غرضه إخضاع "الدولة العميقة" برمتها، الجيش وجهاز القضاء وكبار الموظفين والخبراء وحرية البحث العلمي في الأكاديمية ووسائل الإعلام.

في هذه الناحية، يحاول نتنياهو التمثل بالتجربة الجارية منذ بضع سنوات في بولندا وفي هنغاريا وفي تركيا، لكنه يعرف أن مثل هذا الأمر لن يتحقق بسهولة أو بشكل كامل..

ففي إسرائيل توجد قوى كثيرة تعارضه في هذا؛ فها هي المحكمة العليا تهب وتتصدى.. رئيسة المحكمة القاضية استر حيوت تخرج بنفسها إلى الجمهور وتحذر من أن الحكومة تنوي تحطيم الأسس الديمقراطية، وعشرات القضاة يتجندون في كتابة مقالات وإجراء مقابلات في وسائل الإعلام ويلقون محاضرات، ورئيس أركان الجيش..

الجنرال أفيف كوخافي، يخرج بنفسه في مقابلات مع جميع الصحف الأساسية ويكتب مقالات عدة يذكر فيها بأن هذا هو جيش الشعب الذي تذوب فيه الفروق بين الشباب، وتتجلى الوحدة وهذا الجيش هو مصدر قوة للشعب، لأنه يربي الأولاد على القوة والروح القيادية والإبداع الفردي والجماعي ويقيم مؤسسات تربية وطنية ومشاريع صناعية وتكنولوجية تسهم بشكل حاسم في الازدهار الاقتصادي.

ومثله يفعل عشرات الجنرالات، الذين يخشون من نشاط اليمين المتطرف للمساس بهيبة الجيش وبقية أجهزة الأمن، ولم يتردد العديد من رؤساء أركان الجيش السابقين وكذلك وزراء الدفاع في المشاركة بأنفسهم في المظاهرات والتحذير من أن المساس بالجيش قد يؤثر سلبا على مهامه الإستراتيجية ضد إيران وأذرعها.

وها هم محاضرو الجامعات يطلقون مظاهرات في جامعاتهم بمشاركتهم وبمشاركة طلابهم ضد "الهجمة على الديمقراطية".. ورجال الأعمال وأصحاب شركات الهايتك يحذرون من ان يؤدي التراجع عن الديمقراطية إلى تراجع في الاستثمارات الأجنبية في إسرائيل وضرب الاقتصاد الوطني.. والصحافة تدلي بدلوها أيضا، ويتجند الكثيرون فيها لمقارعة الحكومة ومشروعها.

من الصعب أن نرى هذه الهبة تسقط الحكومة، لكنها قادرة على ضعضعتها وتخفيض شعبيتها من جهة وعلى تقوية المعارضة، التي تبدو حاليا متصارعة ومشتتة ومتنكرة لقسم من الأحزاب العربية.

خروج الإسرائيليين إلى الشارع ينشئ ظروفا جديدة يمكنها أن تعود بالفائدة وتفرض تراجعا عن خطة الحكومة المساس بما تبقى من أسس ديمقراطية.

نتنياهو من جهته يفتش عن طريقة لتهدئة الوضع؛ فهو سيستقبل في الأسبوعين القريبين مستشار الأمن القومي الأمريكي، جيك سوليفان، ووزير الخارجية أنتوني بلينكين، وسيسافر في الشهر القادم إلى الولايات المتحدة للقاء الرئيس جو بادين وقادة الكونغرس، وسيسافر إلى دافوس للمشاركة في المنتدى الاقتصادي العالمي، ويريد أن يصل إلى الإمارات..

وآخر ما ينفعه في مثل هذه اللقاءات هو أن تكون الشوارع الإسرائيلية مليئة بالمتظاهرين، وليس سرا أنه يخشى من رد فعل غربي شديد؛ فالأمريكيون لا يخفون قلقهم من سياسة الحكومة وخطرها على الديمقراطية وسياستها المغامرة مع الفلسطينيين التي تهدد بتدهور أمني في المنطقة.. والأوروبيون اتخذوا إجراءات ضد بولندا، وأوقفوا تسليمها المساعدات المقررة بسبب تراجعها عن عدد من القوانين الديمقراطية، وهو يخشى أن يكون التالي بالدور.

لذلك، فإن ما يجري حاليا هو لعبة شد حبل، بين الحكومة من جهة وبين الجهاز القضائي والجيش والدولة العميقة من جهة ثانية؛ يستغل الطرفان الأيام المقبلة حتى يظهر كل طرف قوته للطرف الآخر ويفحص مدى الالتفاف الجماهيري حول طروحه. وكلاهما يدرك بأن الأفضل لهما هو البحث عن صيغة تفاهم، وقد صرح نتنياهو بأنه "يدرك وجود خلافات حادة بيننا وينبغي اللجوء إلى حوار، ولكن الأسلوب الحاد الذي يتبعه الطرف الآخر لا يساعد على اختيار لغة الحوار".

إن خروج الإسرائيليين إلى الشارع ينشئ ظروفا جديدة يمكنها أن تعود بالفائدة وتفرض تراجعا عن خطة الحكومة المساس بما تبقى من أسس ديمقراطية.

لذلك فإنه نشاط مهم، لكن الجهاز القضائي والجهاز الأمني والدولة العميقة لا تحتاج إلى إصلاح فقط، بل إلى نفض وخضخضة وهزات كبرى كي تتراجع فيها عن سياسة الغطرسة والغرور والعربدة والاحتلال والتمييز العنصري، فما يجري اليوم هو أنهم يدفعون ثمن تلك السمات المعيبة.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC