عاجل

قتلى في استهداف إسرائيلي لمنزل بمخيم جباليا شمالي قطاع غزة

logo
اتجاهات

بريطانيا تحظر "حماس" وتبقي على "الجماعة"!

بريطانيا تحظر "حماس" وتبقي على "الجماعة"!
20 ديسمبر 2021، 3:43 م

حافظ البرغوثي

لعل القرار البريطاني بحظر حركة حماس واعتبارها حركة إرهابية هو من أغرب القرارات التي تصدر في الآونة الأخيرة.

صحيح هناك تحفظات كثيرة على حركة حماس باعتبارها أوجدت ما يشبه النكبة الثانية للشعب الفلسطيني، وأحدثت انقساما جعل الموقف الفلسطيني عاجزاً عن التفاوض، وعاجزاً عن المقاومة معاً، وأرجع القضية من أعلى الأولويات الدولية إلى الدرك الأسفل، إلا أن القرار البريطاني مجتزأ لأنه ميز بين حماس وجماعة الإخوان المسلمين التي تتخذ حاليا من لندن مربط خيلها منذ قيامها، وكذلك من واشنطن حيث يحظى قادة الجماعة بحرية العمل والتآمر على بلدانهم العربية منذ قيامها.

الغرابة في القرار البريطاني أنه يشدد عقوبة السجن على أعضاء حماس ومناصريها لمدد قد تصل إلى 14 عاما، بينما القانون الإسرائيلي نفسه لا يشدد العقوبات بل لا يعاقب مناصري حماس سواء كانوا من عرب الداخل أو الضفة المحتلة، بل هناك فرع إسرائيلي للإخوان المسلمين وهو القائمة الموحدة التي أحدثت انقساما في القائمة العربية المشتركة ترتكز عليها الحكومة الإسرائيلية الحالية، فلو سحبوا الثقة منها لسقطت رغم أن زعيمها منصور عباس يجاهر بأنه "إخونجي" والتقى خالد مشعل وغيره في الخارج، بينما يتعرض أي عضو كنيست عربي التقى فصائل فلسطينية في الخارج أو زار بلادا على عداء مع إسرائيل إلى المحكمة.

كما أن إسرائيل نفسها تقيم صلات مباشرة مع حماس عبر الحدود لتنسيق الهدوء بين الدوريات والحفاظ على التهدئة الجارية، إضافة إلى التمويل الذي يمر عبرها من قطر وغيرها، وكذلك المفاوضات عبر الوسيط المصري للتوصل إلى اتفاق تهدئة دائم، ناهيك عن الاتصالات الاستخبارية بين الطرفين لمراقبة مطلقي الصواريخ من جماعات خارجة عن سيطرة حماس، فالقرار البريطاني يتجاوز الواقع القائم، ويصبح أكثر تطرفا من موقف الإسرائيليين أنفسهم.

لقد نشأت جماعة الإخوان في الإسماعيلية في مصر برعاية هيئة قناة السويس عندما كانت تحت إدارة بريطانيا، وظلت تمارس سياسات مناهضة للشعور القومي المنادي بالاستقلال، وساهم البريطانيون في تمددها في البلدان العربية الأخرى تحت احتلالهم وسهلوا خلق فروع لها.

وكشف أرشيف المخابرات البريطانية ذلك وأكثر منه، وهو أن المخابرات البريطانية في صراعها مع المد القومي الناصري استعانت بالجماعة لمواجهته، وكانت المخابرات البريطانية تصدر بيانات باسم الجماعة ضد النظام الناصري حتى دون علم قادة الجماعة.

لهذا فإن القرار البريطاني ضد حماس فصلهم عن الجماعة؛ لأن المعسكر الغربي كما لمسنا ذلك في الربيع العربي القاحط كان يراهن على فروع الجماعة، لتعيث فسادا ضمن مخطط التدمير والفتن في الأقطار العربية.

فآفة جماعة الإخوان هي تحالفاتها المتقلبة، فقد لوحقت في مصر بعد ارتباطها بالمخطط البريطاني إثر تأميم قناة السويس، ولجأت إلى دول عربية أخرى، لكنها انقلبت على الدول التي احتضنتها، كما شهدنا في الربيع العربي، وحماس كذلك خرجت من تحت الاحتلال في غزة رافعة شعار مناهضة منظمة التحرير العلمانية، ووجدت تسهيلات إسرائيلية حتى اندلاع الانتفاضة الأولى، ثم لجأت إلى دمشق وبيروت وانقلبت على النظام السوري وحزب الله، وقاتلت حزب الله في معركة القصير، ولجأت إلى قطر وتركيا، وحاليا تحالفت مع إيران، وضعف ارتباطها بتركيا، وتضع رجلا في مصر وأخرى في إيران، لكنها لم تحاول أن تضع يدها مع فتح حتى الآن.

فالقرار البريطاني موجه ضد حماس فقط؛ لأنها قاتلت إسرائيل، أما بقية فروع الجماعة والتنظيم الدولي للإخوان ما زال حرا في بريطانيا وغيرها، وكأن الدول الغربية ما زالت بحاجة لتشغيل فروع الجماعة؛ لأنها تقاتل في بلدانها لبث الفتن وعدم الاستقرار.

إذاً القرار البريطاني ليس ضد الجماعة، بل ربما يكون الهدف منه بداية تجريم النضال الفلسطيني ككل؛ لأننا بعد حين قد نسمع عن اعتبار فصائل فلسطينية أخرى إرهابية، ويتدحرج الأمر ليصل إلى مجموع النضال الفلسطيني، سواء كان عسكريا أم سلميا.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC