عاجل

آيكوم اليابانية: نحقق بتقارير عن انفجار أجهزة لاسلكية تحمل شعار الشركة في لبنان

logo
اتجاهات

الأزمة الأوكرانية والهيبة الروسية

الأزمة الأوكرانية والهيبة الروسية
25 ديسمبر 2021، 3:00 م

حافظ البرغوثي

طُلب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قبل مدة أن يروي نكتة قيلت عنه، فأجاب: "لدّي زميل قادر على هذا (سرد النكت) أفضل مني"، في إشارة منه إلى الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي، الذي اشتُهر بتقديم برنامج تلفزيوني فكاهي، إلا أن بوتين استدرك قائلاً: "لكنه الآن لم يعد مضحكاً".

فالصراع بين الرجلين أخذ بالتدهور ليصل إلى حافة الحرب كما هو الآن، وكانت المناورات الروسية والحشود العسكرية على الحدود بين البلدين نذير حرب حقيقية قد تتدحرج إلى حرب عالمية..

إلا أن الرئيس الروسي، في آخر لحظة، عرض الحوار لبحث المطلب الروسي بتوفير ضمانات أمنية لبلاده في حالة انضمام أوكرانيا إلى حلف الأطلسي، وكانت روسيا نفت أنها بصدد شن حرب على أوكرانيا لإحياء الاتحاد السوفياتي، ولدعم الأقاليم الانفصالية ذات الأغلبية الروسية.

وكان سكرتير مجلس الأمن القومي الأوكراني قال، في ذروة التوترات مع موسكو، إن الرئيس الروسي "يريد تدمير أوكرانيا" و"إحياء الاتحاد السوفياتي"، مؤكداً أن "هذا المشروع محكوم عليه بالفشل".

وقد شكك الرئيس الروسي في وجود أمة أوكرانية، وقال إن أوكرانيا "أنشأها" لينين في عشرينيات القرن الماضي..

ولعل الرئيس الروسي لم يجانبه الصواب عندما خاطب الأمريكيين قبل أيام بقوله ماذا يكون الحال فيما لو نشرت روسيا صواريخها على حدود كندا أو المكسيك، في إشارة إلى محاولة حلف "الناتو" التمدد شرقاً نحو حدود روسيا مع أوكرانيا.

ويخوض البلدان نزاعاً منذ ضمت موسكو شبه جزيرة القرم عام 2014، وأعقبت ذلك حرب في شرق أوكرانيا مع انفصاليين موالين لروسيا أسفرت عن 15 ألف قتيل.

وتتهم موسكو كييف بالتحضير لهجوم عسكري لاستعادة الأراضي، التي يسيطر عليها الانفصاليون، لكن السلطات الأوكرانية تنفي ذلك بشدة.

وفي سياق هذا، يُنتظر أن يبدأ حوار الشهر المقبل لبحث المطالب الروسية في الضمانات، لكن من المستبعد أن تستطيع أوروبا والولايات المتحدة تقديم أية ضمانات حالياً، بل ستلجأ دول "الناتو" إلى تهدئة روسيا والبحث عن حلول مؤقتة كتأجيل انضمام أوكرانيا إلى حلف "الناتو".

لكن السؤال هل يقبل بوتين؟

أغلب الظن أن بوتين اختار اللحظة المناسبة أوروبياً لنبش الأزمة الأوكرانية بل والوجود الأطلسي على حدود بلاده، فهو يرغب في إنهاء الوجود العسكري الأمريكي في دول الاتحاد في أوروبا الشرقية.

وعرف بوتين كيف يختار اللحظة بينما أوروبا تعاني اقتصادياً، وتُعاني من موجة متنامية من الفيروس وتتصاعد موجة البرد مع ارتفاع أسعار الغاز الروسي، الذي يلبي ثلث احتياجات أوروبا.

بوتين يعلم أن أوروبا غير مستعدة للقتال من أجل أوكرانيا، كما أن الرئيس الأمريكي بايدن هو الآخر منشغل في أزماته الداخلية، والصين وإيران، وخفض من اهتماماته الخارجية حتى أنه كتم الأصوات التي تنادي بشن حرب على إيران لصالح إسرائيل.

والرئيس الروسي وإن بدا مسالماً في رده على القبول الأمريكي بالحوار الشهر المقبل، إلا أنه في قرارة نفسه مقتنع أن "الناتو" لن يمنحه انتصارا يكرس فيه حياته السياسية للتمديد بعد عام 24.

ويبدو مصراً على تحقيق إنجاز يعيد لروسيا هيبتها كقوة عظمى مثلما كانت أيام الحكم الشيوعي؛ فالصدام العسكري، وإن تباعد على ألسنة الأوروبيين والأمريكيين والروس، يبدو واضحاً في قلوبهم وتطلعاتهم؛ لأن الانكسار السياسي أمام روسيا في أوكرانيا سيفتح شهية روسيا لإخلاء الترسانة الغربية في شرق أوروبا.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC