وزارة الصحة: 25 قتيلا في غارات إسرائيلية على لبنان أمس

logo
اتجاهات

الدكتور عزيز

الدكتور عزيز
24 يوليو 2022، 5:47 م

عندما وصل الفريق الأمني للرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما إلى إسرائيل ليعد لزيارته، أصيب بالصدمة، فقد وجد نفسه أمام طبيب عربي سيتولى الأمور الصحية للرئيس، خلال كل أيام زيارته للدولة العبرية.

في العادة، تسبق زيارة الرئيس عمليات تحضير ضخمة، في إطارها يهتم الفريق المدرب بحالات الطوارئ، ويستعد لوضع يصاب فيه الرئيس بوعكة صحية ما، فيضطرون لنقله إلى المستشفى، ويجب أن يكون واضحًا سلفًا أي مستشفى سيكون هذا؟ وأي جناح سيخصص للرئيس؟ وما الأدوات التي يستخدمها؟ ومَن هم الأطباء والممرضون؟ وما مؤهلاتهم؟ وأي إجراءات يتخذون لضمان سلامة الرئيس؟

وقد خصصت الحكومة الإسرائيلية مستشفى هداسا عين كارم في القدس الغربية، ليكون العنوان لمعالجة قادة إسرائيل وضيوفهم الكبار.  وقد تم إعداده لهذا الغرض، بكل ما يحتاجه الأمر من إجراءات وعتاد.

ويخضع هذا الجناح الخاص لمسؤولية قسم الطوارئ، ولكن الصدمة لدى الأمريكيين كانت عندما علموا أن رئيس القسم هو طبيب عربي من فلسطينيي 48، الدكتور عزيز.

هم يفهمون أن إسرائيل تعيش في صراع مع الفلسطينيين، ولا يستوعبون وجود طبيب عربي يقود قسم الطوارئ، الذي يعد قسمًا كبيرًا يضم عشرات الأطباء المتخصصين، والأهم أنه يعد بالغ الحساسية، فهو مسؤول عن حياة كبار قادة العالم، وفي حالة مرض أو إصابة سيكون عليه اتخاذ قرارات مصيرية تتعلق بحياة هؤلاء القادة.

وكان السؤال الأساس لدى الفريق الأمريكي: مَن هو هذا الدكتور عزيز؟

والصحيح أن الأمريكيين لم يكونوا وحيدين في طرح هذا السؤال.

أيضًا في الحكومة الإسرائيلية وقادة الأجهزة الأمنية، طرحوا السؤال نفسه، وأضافوا سؤالًا آخر: أليس ممكنا التنازل عنه وتعيين مسؤول آخر؟

لكن إدارة المستشفى لم تتقبل أي اعتراض على قرارها.، فهي، عندما عينت الدكتور عزيز لهذا المنصب، كانت تعرف أنه الأجدر، طبيًا وإنسانيًا، وبالتالي أمنيًا، واضطر الجميع لقبول القرار، ولم يندم أحد على ذلك، فقد تبين للجميع أن الدكتور عزيز ليس فقط هو الاختيار الصحيح، بل لديه قيمة إضافية في كل مكان حل فيه كرئيس طاقم طبي.

وحسب المدير العام لمستشفى رمبام في حيفا، الذي عمل معه خلال السنوات الثلاث الأخيرة، البروفسور ميخائيل هلبرطال، فإن "دكتور عزيز هو طبيب قدير جدًا، موهوب، قائد، يتخذ القرارات الصائبة في الوقت المناسب، وهو أحد أنجح أطباء الطوارئ في البلاد والمنطقة".

فمَن هو الدكتور عزيز؟

إنه الدكتور عبد العزيز دراوشة (62 عامًا)، ابن قرية أكسال الواقعة على سفح جبل القفزة في الناصرة، والمطلة على مرج ابن عامر.

درس الطب في بلغاريا بمنحة حصل عليها من الحزب الشيوعي، وعندما عاد إلى البلاد، العام 1981، اعتقلته المخابرات الإسرائيلية للاشتباه بنشاط معاد للدولة، وأطلق سراحه لانعدام الأدلة، فخاض مسيرة طبية ناجحة، اجترح خلالها إعجاب وتقدير رؤسائه ومرؤوسيه.

بعد انتهاء فترة التدريب، حصل إجازته كطبيب رسمي، في العام 1984، ثم حصل على التخصص في أمراض القلب، في العام 1989، وفي الأمراض الداخلية، العام 1990، وفي طب الطوارئ، العام 2000. وعُين مديرًا لقسم الطوارئ في مستشفى العفولة، منذ العام 1993 وحتى 2013، ثم انتقل لإدارة قسم الطوارئ في مستشفى هداسا في القدس حتى العام 2016، لينتقل لمستشفى رمبام في حيفا.

في الأسبوع الماضي، حصلت على شرف حضور حفل وداعه، حيث إنه أنهى الخدمة هناك، وانتقل للتعليم الجامعي والتفرغ لمهمته كرئيس اللجنة الإسرائيلية القطرية لامتحانات الدولة في الطب.

لأجل الشفافية، لا بد من أن أذكر أنه تربطنا صداقة شخصية طيلة 30 عامًا ونيف، لكن هذه الصداقة ليست سببًا ولا دافعًا للكتابة عنه، بل ما يرمز إليه وما يمثله هو القصد؛ ففي صفوف المواطنين العرب في إسرائيل ألوف الشخصيات المهمة من الرجال والنساء، ذوي الرصيد المهني العالي والتميز، الذي أوصلهم الى مواقع رفيعة، على الرغم من سياسة التمييز العنصري البشعة والعداء الجنوني للفلسطينيين، والدكتور عزيز هو واحد من أبرزهم.

وبفضلهم، يوجد تغيير في مواقف عشرات ألوف الإسرائيليين اليهود تجاه الصراع وتجاه العرب.. بنجاحاتهم وتفوقهم شقوا طريقًا صعبًا جدًا، ووصلوا إلى مواقع التأثير، دون أن يتنازلوا عن انتمائهم القومي وتراث أمتهم العربية.. يؤدون دورًا قياديًا مشرفًا، بينهم علماء وباحثون ورجال اقتصاد وأعمال.. إلخ.

في الحفل المذكور، استمعنا إلى شهادات زملائهم اليهود والعرب وهم يتحدثون عن المهنية العالية للدكتور عزيز، والتعامل الإنساني الرفيع، والروح القيادية الأصيلة، والأمل الذي يبعثه هو وأمثاله في نفوس زملائهم حول إمكانية تغيير العلاقات بشكل جوهري في البلاد، لما فيه مصلحة السلام والشراكة الحقيقية.

إنهم مفخرة لشعبنا وأمتنا، ولكل من ساهم في صنع هذه الحالة في بلادنا.. وإذا لم يكن واضحًا في هذه المرحلة مغزى هذا الدور وأبعاده الإستراتيجية، فإن المستقبل كفيل بذلك.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC