تجدد الغارات الإسرائيلية على بلدة بوداي في بعلبك بالبقاع اللبناني

logo
اتجاهات

العراب نينو روتا

العراب نينو روتا
24 أغسطس 2022، 8:14 ص

بعد نصف قرن على عرض جزئه الأول، مازال الفيلم الأمريكي "العراب" بأجزائه الثلاثة مثار جدل كبير، ومازالت أسباب شهرته ونجاحه الطاغي، ملتبسة رغم آلاف المقالات والتحليلات، وقد ركزت في معظمها على الأداء الأيقوني لمارلون براندو في جزئه الأول، باعتباره عاملا حاسما في تصنيف الفيلم كثاني أعظم عمل سينمائي بعد "المواطن كين" الذي سبقه بنحو ثلاثين عاما.

سطوة مارلون براندو في الجزء الأول، والأداء المدهش للنجمين الكبيرين آل باتشينو وروبرت دي نيرو في الجزء الثاني، سلبا شيئًا من اهتمام عشاق الفيلم بالموسيقى التصويرية الساحرة للملحن وعازف البيانو وقائد الأوركسترا، الإيطالي الشهير نينو روتا، على الرغم من نيله جائزة الأوسكار لأفضل موسيقى عن الجزء الثاني من "العراب".

من الأشياء الكثيرة التي تُحسب لمخرج السلسلة، فرانسيس فورد كوبولا، إضافة إلى براعته في الإخراج وكتابة سيناريو الفيلم بالتعاون مع مؤلف الرواية ماريو بوزو والصادرة في العام 1969 بالاسم نفسه، هي الاستعانة بعبقرية نينو روتا، واستثمار إعجابه بالسيناريو وشخصياته، وفهمه العميق للروح الإيطالية، ما جعل من تحفته الموسيقية سببا رئيسا لاكتساح الفيلم وفق نقاد كثر، إذ منح كوبولا ما كان يبحث عنه منذ البداية: لمسة إنسانية مراوغة تظلل عالم المافيا والجريمة العارية، وتهدئة للأعصاب وسط غابة السلاح وطوفان مشاهد الدماء والجثث.

موسيقى نينو روتا، تركت أثرا ونجاحا فاقا كل ما حلم به فرانسيس كوبولا، فبعد خمسين عاما على طرح أول أجزاء السلسلة، لا يستطيع من يستمع اليوم إلى معزوفة "العراب" لنينو روتا، إلا أن يستعيد شريط أحداث العمل وحواراته مع كل جملة موسيقية، بدءا من الأغنيات الإيطالية ورقصات المدعوين إلى حفل زفاف ابنة "الدون فيتو كورليوني" في مشهد الافتتاح، مرورا بهروب ابنه الأصغر "مايكل" إلى جزيرة صقلية، واقتفائه خطى أجداده في ريف الجنوب الإيطالي، وصولا إلى رحلة الذكريات في الجزء الثاني واستعادة قصة "فيتو" منذ إبصاره النور وهروبه من القتل طفلا، إلى أمريكا.

موسيقى "العراب" لم تكن ضربة حظ لنينو روتا، المولود في العام 1911، فقد كان صديقا وشريكا للمخرج الإيطالي الكبير فيدريكو فيلليني، في أفلام شهيرة عدة منذ خمسينيات القرن العشرين، أبرزها "الشارع" و"الحياة الحلوة" و"ثمانية ونصف"، كما أبدع مع المخرج الإيطالي الآخر لوتشينو فيسكونتي في "الليالي البيضاء" و"روكو وأخوته"، وكذلك مع مواطنه فرانكو زيفيريلي في "روميو وجولييت".. وفي العام 1978 وقبل أن يرحل عن الدنيا بعام واحد، وضع بصمته الموسيقية في فيلم" جريمة على نهر النيل" للمخرج البريطاني جون غولرمين.

يجمع النقاد، على أن الجزء الثالث من فيلم" العراب" الصادر في العام 1990، كان أقل الأجزاء جودة، رغم خبرة كوبولا الكبيرة، ورغم استمرار آل باتشينو في دور البطولة، ونجومية آندي غارسيا.

الموسيقى التصويرية في الجزء الأخير، حملت توقيع اسم كبير هو المؤلف كارمين فالنتينو كوبولا والد المخرج، وكان قد أبدع قبلها في فيلم" القيامة الآن" في العام 1979، لكنه لم ينجُ من المقارنة مع تحفة نينو روتا.

ترى، لو امتد العمر بروتا، هل كان الجزء الثالث من "العراب" سيخرج من دون أي جائزة؟

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC